للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أشعارا مطربة الأوزان، عجيبة الأغراض، وأنا أعجب من موافقة النابغة في قوله: [١] [الطويل]

بأنّك شمس والملوك كواكب ... إذا طلعت لم يبق منهنّ كوكب

للبلهبذ مغني كسرى أبرويز [٢] لما قال شعرا، أنا أكتبه أعجميا، وأذكر تفسيره عربيا، ليتأمله فانه طريف، وكان قد زار قيصر خاقان كسرى، فقال البلهبذ عند اجتماع الثلاثة وغناه به:

قيصر ماه ماند خاقان خرشيد ... قيصر يشبه القمر وخاقان الشمس

إن من خداي ابن ماندكا مغاران ... والذي هو مولاي يشبه الغيم المتمكن

كجا هد ما يوشد كجا هد خرشيد ... إذا شاء غطى القمر وإذا شاء غطى الشمس

[١٢٦ و] تأمل قوله: يشبه الغيم المتمكن، فانّ لفظة المتمكن جليلة القدر في هذا الموضع، وهذا الشعر يتزن به العروض، ويخرج من بحر إلى بحر.... علي..... [٣]

هكذا وجدت بخط الوزير، ولم يذكر من أي بحر يخرج، وهو يحتاج فضل تأمل، وكان البلبهذ المروزي هذا ذا غناء وطرف وأدب، فطرب إليه أبرويز ليلة، فدعا به، وكان عنده سيرين [٤] ، وذاك في برد شديد، فقال له:

اشتقت إليك وأحببت أن أقطع ليلتي بغنائك، فغناه حتى سكر بلبهذ، وخرج ليبول، فسقط عند أصل سدرة، فقال أبرويز لسيرين: ليت شعري، أين ضيفنا،


[١] البيت للنابغة الذبياني من قصيدة في الاعتذار إلى النعمان بن المنذر ويمدحه، ص ٥٦، ط- تونس ١٩٧٦.
[٢] كسرى أبرويز: هو كسرى الثاني برويز، جاء بعد جده كسرى الأول أنو شروان، خلف أباه هرمز، لقي كسرى برويز معارضة من بهرام، فهرب كسرى إلى الامبراطورية البيزنطية، وبعد عودته تمردت القوات الفارسية عليه فسجن وقتل سنة ٦٢٨ م وخلفه ابنه قباذ. (الموسوعة العربية الميسرة ٢/١٤٦٣)
[٣] كذا في الأصل وموضع النقاط بياض.
[٤] سيرين: جاءت في كل المواع بالسين المهملة، ولعلها بالشين المعجمة (شيرين) .

<<  <   >  >>