للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشاكلت ملح في الحبّ مونقة ... ما في الرياض وفي الأشجار من ملح

خد وثغر ونهد واختضاب يد ... كالورد والطّلع والرّمان والبلح

وقد تقدم إثبات هذين البيتين في الكراسة الثانية عشر من هذا الجزء. [١]

قال الوزير رحمه الله: وليس العربي الصريح إذا طالت مخالطته العجم، أو كانت ولادته فيهم، ونشوؤه على لغتهم، فنزع به عرقه، وجنحت به غريزته إلى قول الشعر، أو إلى رصف النثر، وكان بالجملة مبينا عن غرضه، وبليغا بين أهل منطقه، بأفخر ولا أحقّ بالشكر، ولا أفضل من أعجمي استثني من غثارة [٢] العجم، ومن معتلج [٣] النبطية الصّرف، فلانت قريحته لقبول الاعتياد، وأجابت خواطره إلى استفادة صنعة البيان، ومال بلسانه وقلبه إلى الأفضل دون الأتلد [١٢٨ و] وانصرف عن الأول، وإن كان عليه سهلا إلى الثاني، وإن كان عليه صعبا ومنه بعيدا، مثل جماعة من الموالي برعوا في الشعر، هم معروفون لا نطيل بذكرهم، وقد كان تهيّأ لنا مجموع في أشعار أولاد الأحرار من فارس باللسان العربي، يشتمل على كثير ممّا أومأنا إليه.

ومن أعجب ما رأيت أو سمعت به، خادم صقلبي [٤] أبيض محبوب كان لآل عمّار الذين منهم كاتب المعتصم، يقال له أبو علي يندون، كان يقول الشعر ويحبّر النثر.

قال الوزير: ونحن نذهب شوطا في ذكره، وينشد قطعا من شعره، فهو


- المغرب إلى مصر، ونظر في الحكم، ثم ولي القضاء استقلالا سنة ٣٦٦ هـ، وهو أول من لقب بقاضي القضاة بالديار المصرية، توفي سنة ٣٧٤ هـ.
(الولاة والقضاة ص ٤٩٥، ٥٨٩، وفيات الأعيان ٢/١٦٧)
[١] انظر الصفحة ٧٧ ظ من الأصل المخطوط.
[٢] الغثارة: الحمق، والجماعة المختلطة من غوغاء الناس، والغثارة: لون الغبار أيضا.
[٣] المعتلج: الغلظة والشدة.
[٤] صقلبي: نسبة إلى الصقالبة، جيل من الناس كانت مساكنهم إلى الشمال من بلاد البلغار، وانتشروا الآن في كثير من شرق أوربة، وهم المسمون الآن بالسّلاف.

<<  <   >  >>