للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[توسعة مسجد الرسول]]

كان الوليد على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب، فرأى حسن ابن حسن بن علي [١] عليه السلام، في بيت فاطمة عليها السلام، بيده مرآة ينظر فيها، فنزل فأمر عمر بابتياعه، فأبوا أن يبيعوه، وقالوا: لا نأكل له ثمنا، وكان قد دفع إليهم به ثمانية ألف دينار، فأمر الوليد بهدمه وإدخاله في المسجد، وطرح الثمن في بيت المال، ويقال: إن أصل الزيادة [١٣٧ و] في المسجد أيام الوليد، إنما كان احتيالا على هذا البيت، وذاك أنّ بعض أصحاب أخبار الوليد [٢] الذين كان يبعثهم في كل سنة إلى المدينة، يتعرفون له الأخبار، جاءه فقال: والله لقد رأيت أمرا ما لك معه سلطان، فقال: ما هو؟ قال: كنت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، فاذا منزل عليه كلّة، فلما أقيمت الصلاة، رفع صاحبه الكلة فصلى بصلاة الإمام هو ومن معه، فلما انقضت الصلاة أرخيت الكلة، ودعي بالغداء فتغدى هو وأصحابه، فسألت عنه، فقيل: هو حسن بن حسن، فقال: ويحك فما أصنع؟ هو بيته وبيت أمّه، قال: تزيد في المسجد وتدخل هذا البيت فيه، فكتب إلى عمر [٣]


[١] الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب: كبير الطالبيين في عهده، ويعرف بالحسن المثنى، إقامته ووفاته في المدينة، وكان عبد الملك بن مروان يهابه، واتّهم بمكاتبة أهل العراق وأنهم يمنونه بالخلافة، فبلغ ذلك الوليد بن عبد الملك، فأمر عامله بالمدينة بجلده، فلم يجلده العامل وكتب للوليد يبرئه، وقيل للحسن: ألم يقل رسول الله: (من كنت مولاه فعليّ مولاه) فقال: بلى، ولكن والله لم يعن رسول الله بذلك الإمارة والسلطان، ولو أرا ذلك لأفصح لهم به. توفي نحو سنة ٩٠ هـ. (طبقات ابن سعد ٥/٢٤٤، تهذيب ابن عساكر ٤/١٦٢)
[٢] الوليد: هو الوليد بن عبد الملك بن مروان، كان ولوعا بالبناء والعمران، كتب إلى والي المدينة يأمره بتسهيل الثنايا وحفر الآبار، وهدم مسجد المدينة والبيوت المحيطة به، ثم بناه بناء جديدا، وصفّح الكعبة والميزاب والأساطين في مكة، وبنى المسجد الأقصى في القدس، ومسجد دمشق الكبير المعروف بالجامع الأموي، توفي سنة ٩٦ هـ.
(الطبري ٨/٩٧، ابن الأثير ٥/٣، تاريخ الخميس ٢/٣١١، ٣١٤، مروج الذهب ٢/١١٩- ١٢٧)
[٣] هو عمر بن عبد العزيز، وكان واليا للوليد بن عبد الملك على المدينة

<<  <   >  >>