للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مرّ العلم بن الصاحب بن شكر [١] على بعض الأكابر من علماء مصر، ومعه كتاب، فقال له: يا شيخ، أرني أنظر في كتابك هذا، فقال: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ

[٢] فضحك وسكت.

حكي عن الشيخ زكي الدين عبد العظيم المنذري [٣] ، أنه قال يوما في مجلسه: يا ذا الجنب، أما تستحي أن تحضر مجلس سماع حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأنت جنب، فتب إلى الله، وإن عدت الثانية فضحتك [٤] . كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعسر يسر [٥] يخرج الضاد من أي شدقيه شاء [٦] . كان في بغداد لا يقال شريف إلا لعباسي، ويقال لذرية عليّ علوي، ولا يقال شريف [٧] :/قال الأرّجاني [٨] : [الطويل]

إذا عرف الإنسان أخبار من مضى ... تخيلته قد عاش من أول الدهر

وتحسبه قد عاش آخر دهره ... إلى الحشر إن أبقى الجميل من الذكر

فقد عاش كلّ الدهر من كان عالما ... كريما حليما فاغتنم أطول العمر

رأى الملك الظاهر بيبرس [٩] في النوم أنه ولد ثلاث بنات، فعبّر له بأنّه بفتح ثلاث قلاع،


[١] الصاحب: عبد الله بن علي بن الحسين الشيبي الدميري، المعروف بالصاحب ابن شكر، وزير مصري من الدهاة وتفقه في القاهرة وألف كتابا في الفقه على مذهب مالك، واتصل بالملك العادل أبي بكر بن أيوب، فولاه مباشرة ديوانه، ثم استوزره، فعمد إلى سياسة العنف والمصادرة واستبد بالأعمال، فعزله العادل، فخرج إلى آمد، فطلبه الكامل بن العادل، وكان الأمر مضطربا فولي ابن شكر الأمر وقمع الخصوم بالشدة والعنف كعادته، كان صاحب دهاء مع حقد وعنف، ينتقم من خصومه ولا يقبل منهم عذرا، توفي بالقاهرة سنة ٦٢٢ هـ. (فوات الوفيات ١/٢١٩، خطط مبارك ١١/٥٧، الأعلام ٤/١٠٥- ١٠٦) .
[٢] سورة البينة الآية الأولى.
[٣] سبقت ترجمته.
[٤] في ب: فضحكت. وهو تحريف.
[٥] قوله: رضي الله عنه، ساقطة من ب ش. والأعسر: الذي يعمل بيده اليسرى.
[٦] الرواية في البيان والتبيين ١/٣٦.
[٧] قلت لعل في قول السيوطي وهم أو تحريف، إذ المعروف أن الأشراف هم من ذرية علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومنهم الشريف الرضي والشريف المرتضى وهما علويان.
[٨] الأرّجاني: أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر، شاعر في شعره رقة وحكمة تعلم بالمدرسة النظامية بأصبهان، ولي القضاء بتستر وعسكر مكرم، توفي بتستر سنة ٥٤٤ هـ. (المنتظم ١/١٣٩، وفيات الأعيان ١/٤٧، معاهد التنصيص ١/٤٧) .
[٩] الظاهر بيبرس: بيبرس العلائي البندقداري الصالحي، الملك الظاهر، مولده بأرض القبجاق، وأسر فبيع في سيواس، ثم انتقل إلى حلب ثم القاهرة، فاشتراه الأمير علاء الدين أيدكين البندقدار، فلما قبض عليه الملك الصالح نجم الدين أيوب، أخذ بيبرس فجعله في خدمه، ثم أعتقه، ولم تزل همته تصعد به حتى كان (أتابك) العساكر بمصر في أيام الملك المظفر قطز، وقاتل معه التتار في فلسطين، ثم اتفق مع أمراء الجيش

<<  <   >  >>