للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورايت قبر البحتري بها، وشهدت بهجة مشهد النور، ودعوت عند المستجاب، وفي سفح المصلى خارج السور [١] ، وزرت بقصور مادحيها، وتمثلت مادحي قصورها، وزرت قبور صالحيها، وتوسلت بصالحي قبورها، وأمسيت نزيلا لنزيلها الجليل، ولي الله الشيخ عقيل [٢] الطيار في الهواء، الغواص في الماء، شيخ شيوخ الإسلام، وأول من دخل بالخرقة العمرية إلى الشام، جامع الوحوش في البر والبحر أفواجا، وجاعل النجارة باذن الله ذهبا وهاجا، المتصرف بعد وفاته [٣] ، كتصرفه في حال حياته، الذي أعدى عديّا [٤] ، في حلبات الرهان، وأرسل رسالة سره إلى رسلان [٥] ، وما زال الزولي [٦] /له مريدا، ورزق بن مرزوق الرسّي [٧] به جدا سعيدا، وسعدا جديدا، وبعد أن فعلت ما فعلت، تذكرت ما كنت قلت: [السريع]

خالط أولي العلم تكن عالما ... فربّنا قد رفع الوحيا [٨]

واقتد بالموتى على أنه ... لا بدّ للحيّ من الأحيا

فاخلصت النيّة، وقصدت مدرستها النورية، فاذا مدرسها القاضي، وقد استقبل أمر الدرس بفعل ماض، فاحتقرته لحداثة سنّه، وعزمت على تخجيله بفنّ، لعله غير


[١] قوله: (ورأيت قبر البحترب بها ... خارج السور) جاء في ديوان ابن الوردي بيتي شعر، وهو نثر لأنه يخلو من الوزن، وهو من وهم الناسخ.
[٢] الشيخ عقيل: شيخ شيوخ الشام في وقته، تخرج بصحبته جمع من الأكابر، وسمّي الطيار، لأنه عند ما أراد الانتقال من قريته ببلاد الشرق صعد إلى منازتها، ونادى أهلها، فلما اجتمعوا طار في الهواء والناس ينظرون إليه، فجاؤوا فوجدوه في منبج. (الطبقات الكبرى المسماة: لواقح الأنوار في طبقات الأخيار ١/١٣٦ لعبد الوهاب بن أحمد الشعراني، ط البابي الحلبي مصر ١٣٧٣ هـ) .
[٣] في نسخة ش: بعد مماته.
[٤] في ب، ش، ل: أعدى عليا، وفي ديوان ابن الوردي: عديا. وعدي: هو عدي بن مسافر الأموي تلميذ الشيخ عقيل، وأوحد أركان الطريقة، وأعلى العلماء بها، أثنى عليه الشيخ عبد القادر، ربى المريدين، وقصده الناس زائرين، سكن جبل الهكار، واستوطن بالس، على نهر الفرات جانب قلعة جعبر، توفي سنة ٥٥٨ هـ. (الطبقات الكبرى ١/١٣٧) .
[٥] رسلان: هو رسلان الدمشقي، من أكابر مشايخ الشام وأعيان العارفين، صاحب الكرامات، انتهت إليه تربية المريدين بالشام، واجله العلماء والمشايخ، سكن دمشق وتوفي بها سنة ٦٩٩ هـ. (الطبقات الكبرى ١/١٥٣) .
[٦] الزولي: هو الشيخ موسى بن ماهين الزولي، من أئمة المتصوفة، له هيبة في القلوب، وأثنى عليه الشيخ عبد القادر، استوطن ماردين، وتوفي بها. (الطبقات الكبرى ١/١٣٩) .
[٧] في الأصل: الرسي، وفي الديوان: القرشي، وفي الطبقات الكبرى ١/١٥٠: عثمان بن مرزوق، من أكابر مشايخ مصر، وصدور العارفين، وأعيان العلماء، صاحب الكرامات الظاهرة، انتهت إليه تربية المريدين، وتوفي في مصر سنة ٥٦٤ هـ.
[٨] في ع: خاط ذوي العلم.

<<  <   >  >>