للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِوَلِيِّهِ التَّكْفِيرُ عَنْهُ بِالْعِتْقِ إنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ لَمْ يُعْتِقْ عَنْهُ لِإِجْحَافِهِ بِمَالِهِ أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مِنْ عَوْدِهِ الظِّهَارَ أَوْ لِمَصْلَحَةٍ يَرَاهَا لَمْ يَجْزِهِ الصَّوْمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلِلزَّوْجَةِ الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ الْأَجَلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ صَامَ مِنْ غَيْرِ مَنْعٍ لِوَلِيِّهِ فَإِنْ أَبَى فَهُوَ مُضَارٌّ وَقَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْعَبْدِ

(ص) مَنْ تَحِلُّ أَوْ جُزْأَهَا بِظَهْرِ مُحَرَّمٍ أَوْ جُزْئِهِ (ش) هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَهُوَ الْمُشَبَّهَةُ وَالْمُشَبَّهُ بِهِ كَأَنْتِ عَلَيَّ أَوْ رَأْسُكِ أَوْ رِيقُكِ أَوْ كَلَامُكِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَ " مُحَرَّمٍ " إنْ ضُبِطَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْأَصَالَةِ فَلَا يَلْزَمُ الظِّهَارُ بِقَوْلِهِ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ زَوْجَتِي الْحَائِضِ وَنَحْوِهِ لِعُرُوضِ تَحْرِيمِ الْمُشَبَّهِ بِهَا وَمِثْلُهُ مَا إذَا شَبَّهَ زَوْجَتَهُ الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ بِمَنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي التَّعْرِيفِ الثَّانِي بِظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ بِمَنْ حُرِّمَ أَبَدًا وَجَعَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَحَلَّ تَرَدُّدٍ وَعَلَى أَنَّهُ ظِهَارٌ فَيُقَالُ: لِمَ أُلْغِيَ اعْتِبَارُ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فِي جَانِبِ الْمُشَبَّهِ وَاعْتُبِرَ فِي جَانِبِ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَلَعَلَّهُ احْتِيَاطٌ لِلْعِصْمَةِ، وَإِنْ ضُبِطَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ لَا يُحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْأَصَالَةِ لِأَنَّ الْمَحْرَمَ لَا يَكُونُ غَيْرَ أَصْلِيٍّ وَالْمَحْرَمُ مَنْ حُرِّمَ نِكَاحُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ لِحُرْمَتِهِ أَيْ لِشَرَفِهِ وَمِنْ جُمْلَةِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ الدَّابَّةُ فَإِذَا قَالَ لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ الدَّابَّةِ كَانَ مُظَاهِرًا تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ (ظِهَارٌ) خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ " تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ ".

(ص) وَتَوَقَّفَ إنْ تَعَلَّقَ بِكَمَشِيئَتِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الظِّهَارَ إذَا وَقَعَ مُعَلَّقًا مِنْ الزَّوْجِ بِأَدَاةِ تَعْلِيقٍ مِنْ " إنْ " أَوْ " إذَا " أَوْ " مَهْمَا " أَوْ " مَتَى " كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ شِئْتِ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى شِئْتِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ وُقُوعُهُ عَلَى مَشِيئَتِهَا أَوْ مَشِيئَةِ غَيْرِهَا كَزَيْدٍ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْكَافُ فَلَا يَقَعُ حَتَّى يَشَاءَ مَنْ عُلِّقَ بِمَشِيئَتِهِ فَإِنْ رَدَّهُ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ لَهُ مَشِيئَةٌ لَمْ يَلْزَمْ فَقَوْلُهُ " وَتَوَقَّفَ " حُذِفَ مُتَعَلَّقُهُ أَيْ عَلَى مَشِيئَتِهَا (ص) وَهُوَ بِيَدِهَا (ش) أَيْ إنْ شَاءَتْ أَوْقَعَتْهُ وَإِنْ شَاءَتْ أَبْطَلَتْ مَا جَعَلَ لَهَا فَقَوْلُهُ بِيَدِهَا أَيْ قُدْرَتِهَا وَحَوْزِهَا بِالْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ مَا لَمْ تُوقَفْ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَطْءَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ وَقَوْلُهُ (مَا لَمْ تُوقَفْ) أَيْ وَتَقْضِي أَوْ يُبْطِلُهُ الْحَاكِمُ خِلَافًا لِظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ الْإِيقَافِ يَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا (ص) وَبِمُحَقَّقٍ تَنَجَّزَ وَبِوَقْتٍ تَأَبَّدَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ الظِّهَارَ عَلَى أَمْرٍ مُحَقَّقِ الْوُقُوعِ فَإِنَّهُ يَتَنَجَّزُ عَلَيْهِ الْآنَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي بَعْدَ سَنَةٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ سَنَةٍ وَإِنْ حَدَّدَهُ بِوَقْتٍ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ شَهْرًا تَأَبَّدَ لِوُجُودِ سَبَبِ الْكَفَّارَةِ فَلَا يَنْحَلُّ بِهَا كَالطَّلَاقِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.

(ص) أَوْ بِعَدَمِ زَوَاجٍ فَعِنْدَ الْيَأْسِ أَوْ الْعَزِيمَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْكِ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ التَّزْوِيجِ عَلَيْهَا وَالْيَأْسُ يَحْصُلُ بِمَوْتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَإِلَّا فَبِالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: لَمْ يَجْزِهِ الصَّوْمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ، وَمَنْعُ الْوَطْءِ لِمَصْلَحَةٍ وَاَللَّهُ يَقُولُ {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} [المجادلة: ٤] إلَخْ أَيْ يُجْزِئُهُ عِنْدَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى) أَيْ امْتَنَعَ السَّفِيهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَقَوْلُهُ: كَانَ مُضَارًّا أَيْ فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الضَّرَرِ وَيَحْتَمِلُ فَإِنْ أَبَى أَيْ الْوَلِيُّ فَتَرْفَعُهُ لِلْحَاكِمِ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ وَالظَّاهِرُ إمْضَاءُ ظِهَارِ الْفُضُولِيِّ بِإِمْضَاءِ الزَّوْجِ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ.

(قَوْلُهُ: مَنْ تَحِلُّ) زَوْجَةً أَوْ أَمَةً حِلًّا أَصْلِيًّا فَيَصِحُّ فِي حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَمُحْرِمَةٍ وقَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: ٣] خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ جُزْأَهَا) حِسِّيًّا كَالْيَدِ أَوْ عُرْفِيًّا كَالشَّعْرِ وَالرِّيقِ وَالْكَلَامِ وَالْأَحْسَنُ أَوْ حُكْمِيًّا وَقَوْلُهُ " بِظَهْرِ " أَتَى بِهِ لِيَكُونَ صَرِيحًا وَإِلَّا فَالْمُرَادُ الْجُمْلَةُ لَا يَخْفَى دُخُولُهُ فِي جُزْئِهِ وَقِيلَ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمُحَرَّمٍ أَوْ جُزْئِهِ لِيَكُونَ شَامِلًا لِلْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ؛ تَشْبِيهِ كُلٍّ بِكُلٍّ وَتَشْبِيهِ جُزْءٍ بِجُزْءٍ وَجُزْءٍ بِكُلٍّ وَكُلٍّ بِجُزْءٍ (قَوْلُهُ: وَ " مُحَرَّمٍ " إنْ ضُبِطَ بِضَمِّ الْمِيمِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا ضُبِطَ بِضَمِّ الْمِيمِ يَكُونُ شَامِلًا لِمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَمَتِي الْمُبَعَّضَةِ أَوْ الْمُكَاتَبَةِ أَوْ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ أَوْ الْمُشْتَرَكَةِ أَوْ الْمُتَزَوِّجَةِ (قَوْلُهُ: لِمَ أُلْغِيَ اعْتِبَارُ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فِي جَانِبِ الْمُشَبَّهِ) أَيْ قُلْتُمْ إنَّ الْمُطَلَّقَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْهَا إذَا شَبَّهَهَا بِمُحَرَّمٍ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ شَبَّهَ بِهَا لَا يَصِحُّ الظِّهَارُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ شَبَّهَ مَنْ كَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ بِمَنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُقْتَضَى كُلٍّ يُنَافِي مُقْتَضَى الْآخَرِ وَيُمَثَّلُ أَيْضًا بِمَا إذَا شَبَّهَ مُطَلَّقَةً رَجْعِيَّةً بِامْرَأَةٍ رَجْعِيَّةٍ وَقَوْلُهُ: وَمِنْ جُمْلَةِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ الدَّابَّةُ هَذَا يَأْتِي عَلَى نُسْخَةِ بِمُحَرَّمٍ بِالتَّشْدِيدِ فَهِيَ الْمُنَاسِبَةُ بِخِلَافِ نُسْخَةِ مَحْرَمٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ فَقَاصِرَةٌ (قَوْلُهُ: تَأَمَّلْ) لَعَلَّهُ أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ دَفْعًا لِمَا يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ الْمُشَبَّهُ بِهِ مَا كَانَ مِنْ الْجِنْسِ فَأَفَادَ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ لِشُمُولِ الْعِبَارَةِ ذَلِكَ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ) أَيْ وُقُوعُ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: إنْ شِئْت) أَيْ أَوْ إذَا شَاءَ زَيْدٌ لِيَظْهَرَ قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ وُقُوعُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْكَافُ) وَتُدْخِلُ الْكَافُ أَيْضًا رِضَاهَا أَوْ إرَادَتَهَا أَوْ اخْتِيَارَهَا وَالْمَدَارُ عَلَى التَّمْيِيزِ وَإِنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ قَوْلَيْنِ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ طَائِعَةً وَأَصْبَغُ يَقُولُ وَلَوْ وُطِئَتْ (قَوْلُهُ: أَيْ وَتَقْضِي) بِبَقَاءٍ أَوْ رَدٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ يُبْطِلُهُ الْحَاكِمُ) أَيْ إذَا لَمْ تَقْضِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْأَمْرَ بِيَدِهَا مَا لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ فَلَا يَكُونُ حِينَئِذٍ الْأَمْرُ بِيَدِهَا فِيمَا تُرِيدُهُ (قَوْلُهُ: وَبِمُحَقَّقٍ تَنَجَّزَ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي هُنَا قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ كَإِنْ قُمْتِ أَوْ غَالِبٍ كَإِنْ حِضْتِ أَوْ مُحْتَمَلٍ وَاجِبٍ كَإِنْ صَلَّيْتِ وَكَذَا أَوْ بِمُحَرَّمٍ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَالْيَأْسُ يَحْصُلُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمَوْتِ الْمَحْلُوفِ بِهَا إذَا قَالَ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْكِ فُلَانَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَالْيَأْسُ يَحْصُلُ بِمَوْتِ فُلَانَةَ لَا بِتَزَوُّجِهَا وَلَا بِغَيْبَتِهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبِالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْعَزْمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>