للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْقَاضِي وَالْوَالِي وَوَالِي الْمَاءِ (ش) الْمَفْقُودُ مِنْ فَقَدَ بِالْفَتْحِ يَفْقِدُ بِالْكَسْرِ فَقْدًا وَفِقْدَانًا بِالْكَسْرِ وَفُقْدَانًا بِالضَّمِّ يُقَالُ فَقَدَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فَهِيَ فَاقِدٌ بِلَا هَاءٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَالْمَفْقُودُ هُوَ الَّذِي يَغِيبُ فَيَنْقَطِعُ أَثَرُهُ وَلَا يُعْلَمُ لَهُ خَبَرٌ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمَفْقُودُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ مُمْكِنٌ الْكَشْفُ عَنْهُ فَيَخْرُجُ الْأَسِيرُ ابْنُ عَاتٍ وَالْمَحْبُوسُ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ الْكَشْفُ عَنْهُ.

وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ لِزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً أَنْ تَرْفَعَ أَمْرَهَا إلَى الْقَاضِي أَوْ إلَى الْوَالِي وَهُوَ قَاضِي الشُّرْطَةِ أَيْ السِّيَاسَةِ وَإِلَى وُلَاةِ الْمِيَاهِ وَهُمْ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الزَّكَاةَ لِيَكْشِفُوا عَنْ أَمْرِ زَوْجِهَا إذْ الْحَقُّ لَهَا، وَلَهَا أَنْ لَا تَرْفَعَ وَتَرْضَى بِإِقَامَتِهَا فِي عِصْمَتِهِ حَتَّى يَتَّضِحَ أَمْرُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّ الْقَاضِي أَضْبَطُ وَقَوْلُهُ الْمَفْقُودُ أَيْ الَّذِي لَهُ مَالٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا وَلَا شَرْطَ لِزَوْجَتِهِ وَأَمَّا الَّتِي لَهَا شَرْطٌ كَقَوْلِهِ إنْ غِبْت عَنْك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَمْرُك بِيَدِك فَأَخْذُهَا بِالشَّرْطِ أَحْسَنُ كَانَ لَهُ مَالٌ أَمْ لَا أَمَّا الَّذِي لَا مَالَ لَهُ وَلَا شَرْطَ لَهَا فَلَهَا أَنْ تَطْلُقَ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْمَفْقُودُ الْغَيْبَةُ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا الزَّوْجِيَّةُ وَالْبَقَاءُ فِي الْعِصْمَةِ فَالْفُصُولُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي تُثْبِتُهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ كَلَامِهِ.

(ص) وَإِلَّا فَالْجَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ (ش) أَيْ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ الْمَرْأَةُ أَحَدًا مِمَّنْ ذُكِرَ فَإِنَّهَا تَرْفَعُ أَمْرَهَا إلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ كَافٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الْيَمِينِ وَأَخْرَجَ الْمُؤَلِّفُ بِالزَّوْجَةِ أُمَّ الْوَلَدِ وَمَا فِي حُكْمِهَا

(ص) فَتُؤَجَّلُ أَرْبَعَ سِنِينَ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا وَالْعَبْدُ نِصْفُهَا مِنْ الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَفْقُودُ زَوْجُهَا فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ غَيْرِهِ إذَا رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْقَاضِي أَوْ لِمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ فَإِنَّهُ يُكَلِّفُهَا أَنْ تُثْبِتَ الزَّوْجِيَّةَ وَأَنَّ زَوْجَهَا غَائِبٌ وَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي عِصْمَتِهِ إلَى غَيْبَتِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَسْأَلُ الْحَاكِمُ مِنْ مَعَارِفِ زَوْجِهَا وَمِنْ جِيرَانِهِ وَأَهْلِ سُوقِهِ ثُمَّ يُرْسِلُ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي يَظُنُّ بِهِ أَنَّهُ خَرَجَ إلَيْهِ وَيَكْتُبُ فِي كِتَابِهِ صِفَةَ زَوْجِهَا وَحِرْفَتَهُ وَاسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ فَإِذَا عَادَ إلَيْهِ الْخَبَرُ بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَوْضِعِهِ ضَرَبَ لَهَا الْأَجَلَ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَعْوَامٍ.

وَالرَّاجِحُ أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ تَعَبُّدٌ لِفِعْلِ عُمَرَ وَأَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهَا غَايَةُ أَمَدِ الْحَمْلِ أَوْ؛ لِأَنَّهَا أَقْصَى مَا تَرْجِعُ فِيهِ الْمُكَاتَبَاتُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَهَذَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ الْحَرِّ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَيُؤَجَّلُ نِصْفَ الْحُرِّ

ــ

[حاشية العدوي]

مِنْ الْأَحْكَامِ.

(قَوْلُهُ بِالْكَسْرِ) أَيْ كَسْرِ الْفَاءِ وَكَذَا قَوْلُهُ بِالضَّمِّ.

(قَوْلُهُ فَهِيَ فَاقِدٌ بِلَا هَاءٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ الْحُدُوثَ كَمَا فِي حَائِضٍ.

(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَفْقُودَ بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوْ مَفْقُودَ غَيْرِهَا مِنْ الْمَفَاقِيدِ الْآتِيَةِ.

(قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ الْأَسِيرُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَسِيرَ لَا يُمْكِنُ الْكَشْفُ عَنْهُ وَالْمَفْقُودَ فِي بِلَادِهِمْ يُمْكِنُ الْكَشْفُ عَنْهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَسِيرَ يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَيُمْنَعُ مِنْ الْإِيَابِ وَالذَّهَابِ إلَّا أَنَّهُ يُنَكِّدُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ سَيَأْتِي مَا يُفِيدُ اسْتِوَاءَ الْحُكْمِ فِي مَفْقُودِ أَرْضِ الشِّرْكِ وَالْأَسِيرِ فِي الْبَقَاءِ لِمُضِيِّ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ.

(قَوْلُهُ ابْنُ عَاتٍ وَالْمَحْبُوسُ) أَيْ وَيَخْرُجُ الْمَحْبُوسُ.

(قَوْلُهُ أَيْ قَاضِي السِّيَاسَةِ) أَيْ حَاكِمُ السِّيَاسَةِ كَالْكَاشِفِ الَّذِي يَنْزِلُ يَحْكُمُ فِي الْبَلَدِ أَوْ قَائِمٍ مَقَامَ الَّذِي يَنْزِلُ فِي الْقُرَى.

(قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) هَذَا لِلَّقَانِيِّ، وَقَوْلُهُ أَضْبَطُ أَيْ أَوْلَى وَأَحْوَطُ وَفِي عب أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّهَا حَيْثُ أَرَادَتْ الرَّفْعَ وَوَجَدَتْ الثَّلَاثَةَ وَجَبَ الْقَاضِي فَإِنْ رَفَعَتْ مَعَ وُجُودِهِ لِلْوَالِي وَوَالِي الْمَاءِ صَحَّ ذَلِكَ وَإِنْ رَفَعَتْ لِلْمُسْلِمِينَ مَعَ وُجُودِهِ بَطَلَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ قَاضٍ فَتُخَيَّرُ فِيهِمَا فَإِنْ رَفَعَتْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ وُجُودِهِمَا فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ وَلَا فَرْقَ فِي الْقَاضِي بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَاضِيَ أَنْكِحَةٍ أَوْ غَيْرَهُ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ.

(قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ إنْ غِبْت عَنْك فَأَنْتِ طَالِقٌ) الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ وَيُقْتَصَرُ عَلَى مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَمْرُك بِيَدِك وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ الْغَيْبَةِ.

(قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا الزَّوْجِيَّةُ وَالْبَقَاءُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلِزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ.

(قَوْلُهُ وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ كَافٍ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ لِجَمَاعَةٍ وَالْجَمَاعَةُ أَقَلُّهَا ثَلَاثَةٌ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا.

(قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الْيَمِينِ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبَرَّ إنْ غَابَ إلَخْ أَيْ حَيْثُ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ.

(تَنْبِيهٌ) :

اُنْظُرْ هَلْ أُجْرَةُ الْبَعْثِ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَصِّ ابْنِ نَاجِي الصَّوَابُ عَلَى الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا طَالِبَةٌ لِلْفِرَاقِ لَا سِيَّمَا إذَا ادَّعَى مَنْعَ عُدُولِهِ عَنْ الْإِتْيَانِ لِبَلَدِهِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْغُبْرِينِيُّ أَنَّهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ انْتَهَى وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا عَلَيْهَا إذَا كَانَ لَهَا مَالٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَمَا فِي حُكْمِهَا) كَالْمُدَبَّرَةِ.

(قَوْلُهُ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا) أَيْ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَغَيْرَ دَاعِيَةٍ لَهُ قَبْلَ غَيْبَتِهِ وَمِثْلُهَا فِي فَرْضِ نَفَقَتِهَا فِي مَالِهِ مُطِيقَةٌ لِغَائِبٍ غَيْرِ مَفْقُودٍ وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَلَمْ تَدَّعِ قَبْلَ الْغَيْبَةِ حَيْثُ طَلَبَتْهَا الْآنَ قَرُبَتْ الْغَيْبَةُ أَوْ بَعُدَتْ وَمَا يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ مِنْ اشْتِرَاطِ الدُّعَاءِ إلَيْهِ فَفِي الْحَاضِرِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ لِفِعْلِ عُمَرَ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِقَوْلِهِ وَالرَّاجِحُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهَا غَايَةُ أَمَدِ الْحَمْلِ) يَرُدُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ لَوْ أَقَامَتْ عِشْرِينَ سَنَةً ثُمَّ رَفَعَتْ اُسْتُؤْنِفَ الْأَجَلُ لَهَا وَبِأَنَّهَا تُضْرَبُ لِامْرَأَةِ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ وَحَيْثُ لَا يُخْشَى حَمْلٌ.

(قَوْلُهُ أَوْ؛ لِأَنَّهَا أَقْصَى إلَخْ) يَرُدُّ ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّ الْأَرْبَعَ تُسْتَأْنَفُ بَعْدَ الْيَأْسِ وَأَيْضًا يَرُدُّهُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَخِيرِ وَهُوَ أَنَّ الْأَرْبَعَ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ الْكَشْفُ بَعْدَ سَنَةٍ فَتُنْتَظَرُ تَمَامُ الْأَرْبَعِ فَلَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ كَوْنَهَا أَمَدَ الْكَشْفِ لَمْ تَنْتَظِرْ تَمَامَ الْأَرْبَعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>