للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْ مَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: ٢٣] أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَالْمُرَادُ بِالْمَرْأَةِ الْآدَمِيَّةُ فَلَبَنُ الْجِنِّيَّةِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ (ص) وَصَغِيرَةً (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَيِّتَةٍ وَتُقَيَّدُ بِمَنْ لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ حَتَّى تَكُونَ دَاخِلَةً فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْخِلَافِ إذْ لَبَنُ الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ يَنْشُرُهَا اتِّفَاقًا

(ص) بِوَجُورٍ أَوْ سَعُوطٍ أَوْ حُقْنَةٍ (ش) الْبَاءُ بَاءُ الْآلَةِ أَيْ أَوْ كَانَتْ الْآلَةُ الْمُوَصِّلَةُ لِجَوْفِ الرَّضِيعِ وَجُورًا بِفَتْحِ الْوَاوِ مَا يَدْخُلُ فِي وَسَطِ الْفَمِ أَوْ مَا صُبَّ فِي الْحَلْقِ وَفِعْلُهُ وَجَرَ وَأَوْجَرَ أَوْ سَعُوطًا بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مَا صُبَّ مِنْ الْأَنْفِ أَوْ لَدُودًا مَا صُبَّ مِنْ جَانِبِ الشِّدْقِ، وَلَدِيدَا الْوَادِي: جَانِبَاهُ أَوْ حُقْنَةٌ وَهِيَ دَوَاءٌ يُصَبُّ فِي الدُّبُرِ يَصْعَدُ إلَى الْجَوْفِ فَإِذَا وَصَلَ لَبَنُ الْمَرْأَةِ إلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ بِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ فَإِنَّهُ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ ثُمَّ إنَّ مَسْأَلَةَ الْوَجُورِ تُفْهَمُ مِنْ مَسْأَلَةِ السَّعُوطِ بِالْأَوْلَى فَلَوْ حَذَفَهَا مَا ضَرَّهُ.

ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ (ص) تَكُونُ غِذَاءً (ش) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مَا يُتَغَذَّى بِهِ مِنْ الطَّعَامِ يُقَالُ غَذَوْت الصَّبِيَّ بِالْوَاوِ لَا غَذَّيْته بِالْيَاءِ رَجَّعَهُ الشُّرَّاحُ لِلثَّلَاثَةِ وَغَيْرُهُمْ لِلْحُقْنَةِ فَقَطْ وَمَعْنَى كَوْنِهَا غِذَاءً أَنْ تَصِلَ إلَى مَحَلِّ الْغِذَاءِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْغِذَاءُ بِالْفِعْلِ لِأَنَّ الْمَصَّةَ الْوَاحِدَةَ تُحَرِّمُ وَهِيَ لَا تَكُونُ غِذَاءً وَهَذَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ لِمَظِنَّةِ غِذَاءٍ آخَرَ كَانَ فِي نَفْسِهِ غِذَاءً أَوَّلًا خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَوْ يُقَالُ عَلَى حَمْلِ الْغِذَاءِ بِالْفِعْلِ لَا يُنَافِي كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى مَا وَصَلَ لِلْجَوْفِ بِغَيْرِ الْحُقْنَةِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُؤَلِّفُ فِي اللَّبَنِ الَّذِي يَصِلُ إلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ أَنْ يَكُونَ غِذَاءً كَمَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي الْحُقْنَةِ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَى مَخْرَجِ الطَّعَامِ مِنْ الْحُقْنَةِ

(ص) أَوْ خُلِطَ لَا غَلَبَ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ مَا وَصَلَ إلَى الْجَوْفِ مِنْ اللَّبَنِ وَلَوْ خُلِطَ بِغَيْرِهِ مِنْ مَاءٍ أَوْ عَقَاقِيرَ كَعَنْزَرُوتٍ أَوْ مُرٍّ أَوْ طَعَامٍ إنْ كَانَ اللَّبَنُ مُسَاوِيًا أَوْ غَالِبًا لَا إنْ غَلَبَ بِغَيْرِهِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِلْأَخَوَيْنِ وَبِعِبَارَةٍ أَوْ خُلِطَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ لَا بِلَبَنِ امْرَأَةٍ أُخْرَى فَإِنَّهُ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ مُطْلَقًا أَيْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ غَالِبًا أَوْ مَغْلُوبًا

وَقَوْلُهُ (وَلَا كَمَاءٍ أَصْفَرَ) أَيْ وَلَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْوَاصِلُ إلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ لَبَنًا بَلْ كَمَاءٍ أَصْفَرَ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِلَبَنٍ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الثَّدْيِ مَعْطُوفٌ عَلَى لَبَنٍ فَهُوَ مُحْتَرَزُهُ

كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ (وَبَهِيمَةٍ) مُحْتَرَزُ امْرَأَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَيْهَا وَالْكَافُ مُقَدَّرَةٌ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ فَلَوْ رَضَعَ صَبِيٌّ وَصَبِيَّةٌ عَلَيْهَا لَمْ يَحْرُمْ تَنَاكُحُهُمَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ) أَيْ أَنَّ قَوْلَهُ {أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: ٢٣] خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا أَنَّ لَهُ مَفْهُومًا حَتَّى يُخْرِجَ الْمَيْتَةَ.

(قَوْلُهُ فَلَبَنُ الْجِنِّيَّةِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ) كَذَا قَالُوا وَأَقُولُ مُقْتَضَى تَكْلِيفِهِمْ التَّحْرِيمُ

. (قَوْلُهُ مَا يَدْخُلُ) أَيْ آلَةُ مَا يَدْخُلُ أَوْ آلَةُ مَا يَصُبُّ فِي الْحَلْقِ وَتِلْكَ الْعِبَارَةُ الَّتِي قَالَهَا الشَّارِحُ مَوْجُودَةٌ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ مَا يَدْخُلُ فِي وَسَطِ الْفَمِ) أَيْ بِآلَةٍ أَوْ يُقَالُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَرَادَ بِالْوَجُورِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ الْفِعْلَ بِمَعْنَى الْإِدْخَالِ الْمَخْصُوصِ (قَوْلُهُ أَوْ مَا صُبَّ إلَخْ) فِي كَلَامِ عب مَا يُفِيدُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ وَهِيَ دَوَاءٌ) شَارِحُنَا مُوَافِقٌ لِغَيْرِهِ فِي تَفْسِيرِ الْحُقْنَةِ بِأَنَّهَا نَفْسُ الدَّوَاءِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا بِتَقْدِيرِ وَآلَةِ حُقْنَةٍ.

(قَوْلُهُ رَجَّعَهُ الشُّرَّاحُ إلَخْ) هَذِهِ عِبَارَةُ الشَّيْخِ سَالِمٍ أَرَادَ شُرَّاحًا مَخْصُوصَةً وَكَأَنَّهُ عَنَى بَهْرَامَ وَالْبِسَاطِيَّ وَالْأَقْفَهْسِيَّ وَنَصُّ الشَّيْخِ سَالِمٍ رَجَّعَهُ الشُّرَّاحُ لِلثَّلَاثَةِ وَغَيْرُهُمْ لِلْحُقْنَةِ فَقَالَ الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِلْحُقْنَةِ فَقَطْ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ حُقِنَ بِلَبَنٍ فَوَصَلَ إلَى جَوْفِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ غِذَاءً حَرُمَ وَإِلَّا لَمْ يَحْرُمْ. اهـ.

وَمَشَى عب عَلَى ذَلِكَ وَعِبَارَةُ عب تَكُونُ الْحُقْنَةُ فَقَطْ دُونَ مَا قَبْلَهَا غِذَاءً بِالْفِعْلِ أَيْ كَافِيَةً لِلرَّضِيعِ عِنْدَ وُجُودِهَا وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ لِغِذَاءٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْقُرْبِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُؤَلِّفُ فِي اللَّبَنِ الَّذِي يَصِلُ إلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ مِنْ عَالٍ أَنْ يَكُونَ غِذَاءً بَلْ وَإِنْ مَصَّهُ بِخِلَافِ الْحُقْنَةِ فَاشْتَرَطَ فِيهَا لِكَوْنِ الْأَوَّلِ أَقْرَبَ إلَى مَحَلِّ الطَّعَامِ مِنْ الْحُقْنَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَعْنَى كَوْنِهَا غِذَاءً إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي عَلَى مَنْ رَجَعَ يَكُونُ غِذَاءً لِلْحُقْنَةِ فَقَطْ لِأَنَّ رُجُوعَهُ لَهَا فَقَطْ يُعَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ يَكُونُ غِذَاءً بِالْفِعْلِ.

(قَوْلُهُ إلَى مَحَلِّ الْغِذَاءِ) فَلَا يَكْفِي الْوُصُولُ لِلْحَلْقِ.

(قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ) أَيْ لِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ شُرِطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْحُقْنَةِ مَعَ كَوْنِهَا وَاصِلَةً إلَى جَوْفِهِ أَنْ تَكُونَ غِذَاءً لَهُ وَإِلَّا لَمْ تَحْرُمْ.

(قَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ عَلَى حَمْلٍ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت.

(قَوْلُهُ إلَى مَخْرَجِ الطَّعَامِ) الْمُنَاسِبُ إلَى مَحَلِّ الطَّعَامِ

. (قَوْلُهُ لَا غَلَبَ) عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ إنْ لَمْ يَغْلِبْ لَا غَلَبَ ذَكَرَهُ الْبَدْرُ.

(قَوْلُهُ لَا بِلَبَنِ امْرَأَةٍ أُخْرَى إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا خُلِطَ لَبَنُ آدَمِيَّةٍ بِلَبَنِ غَيْرِ عَاقِلٍ أَوْ بِدَوَاءٍ أَوْ بِطَعَامٍ إنْ سَاوَاهُ أَوْ غَلَبَ عَلَيْهِ لَا غُلِبَ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ بِأَنْ اُسْتُهْلِكَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُ طَعْمٌ فَلَا يُحَرِّمُ سَوَاءٌ حَصَلَ الْغِذَاءُ بِهِ أَمْ لَا فَإِذَا خُلِطَ لَبَنُ امْرَأَةٍ بِلَبَنِ امْرَأَةٍ أُخْرَى صَارَ ابْنًا لَهُمَا مُطْلَقًا تَسَاوَيَا أَوْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُهُ إنْ جُبِّنَ أَوْ سُمِّنَ وَاسْتَعْمَلَهُ الرَّضِيعُ

. (قَوْلُهُ كَمَاءٍ أَصْفَرَ) أَوْ أَحْمَرَ فَلَا يُحَرِّمُ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَبَنٍ وَأَمَّا تَغَيُّرُ طَعْمِ اللَّبَنِ أَوْ رِيحِهِ فَيُحَرِّمُ وَكَذَا إنْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ يَسِيرًا بِغَيْرِ صُفْرَةٍ أَوْ حُمْرَةٍ وَأَمَّا لَوْ تَغَيَّرَ اللَّبَنُ بِحُمْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ قَالَ عج إذْ بَقَاءُ طَعْمِ مَا تَغَيَّرَ لَوْنُهُ بِالصُّفْرَةِ يُوجِبُ التَّحْرِيمَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَنَاطَ الْحُكْمَ بِصَيْرُورَتِهِ كَمَاءٍ أَصْفَرَ لَا لَوْنُهُ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ) وَهُوَ الْمَاءُ الْأَحْمَرُ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى لَبَنٍ) فِيهِ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ غَلَبَ إلَخْ وَهَذَا لَا يُنَافِي اللَّفَّ وَالنَّشْرَ فِي الْمُحْتَرَزَاتِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي لَهُ

. (قَوْلُهُ وَالْكَافُ مُقَدَّرَةٌ فِيهِ إلَخْ) أَيْ وَالتَّقْدِيرُ لَا إنْ غَلَبَ وَلَا إنْ كَانَ الْخَارِجُ كَمَاءٍ أَصْفَرَ وَلَا إنْ كَانَ الْمُرْضِعُ كَبَهِيمَةٍ وَلَا إنْ كَانَ الْمُوَصِّلُ لَهُ كَاكْتِحَالٍ أَوْ إدْخَالٍ فِي أُذُنٍ فَالْكَافُ لَيْسَتْ مُدْخِلَةً لِلَّبَنِ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْ الْأُذُنِ بَلْ يُقَالُ مُدْخِلَةٌ لِلْإِدْخَالِ فِي الْأُذُنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>