للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِانْتِقَالِهِ بِالصَّنْعَةِ سَوَاءٌ كَانَا، أَوْ كَانَ الْجُزَافُ أَحَدَهُمَا وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الْأَوَانِي النُّحَاسِ الَّتِي يُطْبَخُ فِيهَا بِالْفُلُوسِ؛ لِأَنَّهُمَا مَصْنُوعَانِ وَأَمَّا مَا يُكْسَرُ مِنْ الْأَوَانِي الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْفُلُوسِ وَكَذَلِكَ الْفُلُوسُ الَّتِي بَطَلَ التَّعَامُلُ بِهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِالْفُلُوسِ الَّتِي تَجَدَّدَتْ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ نُحَاسًا وَهَذَانِ دَاخِلَانِ تَحْتَ قَوْلِهِ

(ص) لَا فُلُوسٌ (ش) عَطَفَ عَلَى تَوْرٍ أَيْ: لَا يُبَاعُ نُحَاسٌ بِفُلُوسٍ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ انْتِقَالِ الْفُلُوسِ بِصَنْعَتِهَا بِخِلَافِ صَنْعَةِ الْإِنَاءِ وَانْظُرْ بَسْطَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ

، ثُمَّ عَطَفَ مَنْهِيًّا عَنْهُ عَلَى قَوْلِهِ كَحَيَوَانٍ بِلَحْمٍ بِقَوْلِهِ

(ص) وَكَكَالِئٍ بِمِثْلِهِ (ش) لِخَبَرِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ «نَهَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» وَهُوَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ مَهْمُوزٌ مِنْ الْكِلَاءَةِ بِكَسْرِ الْكَافِ وَهِيَ الْحِفْظُ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الدَّيْنَ مَكْلُوءٌ لَا كَالِئٌ وَإِنَّمَا الْكَالِئُ صَاحِبُهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَكْلَأُ صَاحِبَهُ أَيْ: يَحْرُسُهُ لِأَجْلِ مَا لَهُ قِبَلَهُ وَلِذَا وَقَعَ النَّهْيُ عَنْهُ لِإِفْضَائِهِ لِلْمُنَازَعَةِ وَالْمُشَاجَرَةِ وَأُجِيبَ إمَّا بِأَنَّهُ مَجَازٌ فِي الْمُفْرَدِ أُطْلِقَ عَلَى الْمَكْلُوءِ لِعَلَاقَةِ الْمُلَازَمَةِ كَمَا فِي إطْلَاقِ دَافِقٍ فِي قَوْله تَعَالَى {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: ٦] عَلَى مَدْفُوقٍ، أَوْ مَجَازٌ فِي إسْنَادِ الْفِعْلِ لِمُلَابِسِهِ أَيْ: كَالِئٌ صَاحِبُهُ كَعِيشَةٍ رَاضِيَةٍ أَيْ: مَرْضِيَّةٍ، أَوْ يُقَدَّرُ الْإِضْمَارُ فِي الْحَدِيثِ أَيْ: نَهَى الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ مَالِ الْكَالِئِ بِمَالِ الْكَالِئِ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَمَّا كَانَتْ حَقِيقَةُ هَذَا الْبَيْعِ مُحْتَوِيَةً عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَبَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ يَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ لُغَةً إلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ سَمَّوْا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِاسْمٍ يَخُصُّهُ ابْتَدَأَ الْمُؤَلِّفُ بِأَشَدِّهَا؛ لِأَنَّهُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُ رَبُّ الدَّيْنِ لِمَدِينِهِ إمَّا أَنْ تَقْضِيَنِي حَقِّي وَإِمَّا أَنْ تُرْبِيَ لِي فِيهِ فَقَالَ: (ص) : فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَلَوْ مُعَيَّنًا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ فَسْخَ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ هُوَ أَنْ يَفْسَخَ مَا فِي ذِمَّةِ مَدِينِهِ فِي أَكْثَرَ مِنْ جِنْسِهِ إلَى أَجَلٍ، أَوْ يَفْسَخَ مَا فِي ذِمَّتِهِ فِي غَيْرِ جِنْسِهِ إلَى أَجَلٍ كَعَشْرَةٍ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ مُؤَخَّرَةٍ، أَوْ فِي عَرْضٍ مُؤَخَّرٍ أَمَّا لَوْ أَخَّرَ الْعَشَرَةَ، أَوْ حَطَّ مِنْهَا دِرْهَمًا وَأَخَّرَهُ بِالتِّسْعَةِ فَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ بَلْ هُوَ سَلَفٌ، أَوْ مَعَ حَطِيطَةٍ وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ فُسِخَ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ مَا فِي الذِّمَّةِ، أَوْ بَعْضِهِ لَيْسَ فَسْخًا إنَّمَا حَقِيقَةُ الْفَسْخِ الِانْتِقَالُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ إلَى غَيْرِهِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَقَوْلُهُ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ صِفَةٌ لِمُعَيَّنٍ وَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِي مُؤَخَّرٍ وَقَوْلُهُ قَبْضُهُ أَيْ: ضَمَانُهُ

(ص) كَغَائِبٍ وَمُوَاضَعَةٍ (ش) مِثَالٌ لِلْمُعَيَّنِ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ شَيْءٍ غَائِبٍ مِنْ الْمَدِينِ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ كَعَقَارٍ بِيعَ مُزَارَعَةً، أَوْ أَمَةٍ تَتَوَاضَعُ، أَوْ ثِمَارٍ يَتَأَخَّرُ

ــ

[حاشية العدوي]

فَسَيَأْتِي فِيهِ أَنَّ صَعْبَ الصَّنْعَةِ تَارَةً يُسَلَّمُ فِي أَصْلِهِ وَتَارَةً يُسَلَّمُ فِيهِ أَصْلُهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُمْكِنَ عَوْدُهُ أَمْ لَا فَإِذَا كَانَ صَعْبُ الصَّنْعَةِ يُمْكِنُ عَوْدُهُ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ فِي سَلَمِهِ فِي أَصْلِهِ وَفِي سَلَمِ أَصْلِهِ فِيهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَبِأَنْ لَا يَمْضِيَ زَمَنٌ يُمْكِنُ رُجُوعُهُ فِيهِ إلَى أَصْلِهِ وَأَمَّا سَلَمُ أَصْلِهِ فِيهِ فَبِأَنْ لَا يَمْضِيَ زَمَنٌ يُمْكِنُ الصَّنْعَةُ فِيهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ عَوْدُهُ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ فِي سَلَمِ أَصْلِهِ فِيهِ لَا سَلَمُهُ فِي أَصْلِهِ إنْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالنُّحَاسِ فِي قَوْلِهِ وَنُحَاسٌ بِتَوْرٍ مَا يَشْمَلُ الْجُدُدَ الَّتِي بَطَلَ التَّعَامُلُ بِهَا وَيَشْمَلُ مَا يُكْسَرُ مِنْ أَوَانِي النُّحَاسِ وَالنُّحَاسَ الَّذِي يَأْتِي غَيْرَ مَصْنُوعٍ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِالْفُلُوسِ الَّتِي تَجَدَّدَتْ) وَأَمَّا بَيْعُ فُلُوسٍ لَمْ يَبْطُلْ التَّعَامُلُ بِهَا بِمَا لَمْ يَبْطُلْ التَّعَامُلُ بِهَا فَذَكَرَ عب أَنَّهُ يَجُوزُ إنْ اسْتَوَى عَدَدُ كُلٍّ فَإِنْ اخْتَلَفَ مُنِعَ وَلَوْ عُرِفَ الْوَزْنُ انْتَهَى وَانْظُرْهُ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ لَا يَدْخُلُهَا الرِّبَا فَلَعَلَّ هَذَا عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ وَحَرِّرْ (قَوْلُهُ: أَيْ: لَا يُبَاعُ نُحَاسٌ بِفُلُوسٍ) مَحَلُّ الْمَنْعِ حَيْثُ جُهِلَ عَدَدُ الْفُلُوسِ سَوَاءٌ عُلِمَ وَزْنُ النَّحَّاسِ أَمْ لَا كَثُرَ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ أَمْ لَا، أَوْ عُلِمَ عَدَدُهَا وَجُهِلَ وَزْنُ النُّحَاسِ حَيْثُ لَمْ يُتَيَقَّنْ فَضْلُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَإِلَّا جَازَ كَمَا إذَا عَلِمَ عَدَدَ الْفُلُوسِ وَوَزْنَ النُّحَاسِ سَوَاءٌ عَلِمَ عَدَدَ وَزْنِهَا أَيْضًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ مِعْيَارَهَا الشَّرْعِيَّ الْعَدَدُ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ خَمْسَةٌ مُمْتَنِعَةٌ وَهِيَ الَّتِي يَحْمِلُ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ وَصُوَرٌ ثَلَاثٌ جَائِزَاتٌ وَقَدْ عَرَفْت قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَنُحَاسٌ بِتَوْرٍ لَا فُلُوسٍ وَسَكَتَ عَنْ تَوْرٍ بِفُلُوسٍ فَيَجُوزُ إنْ عُلِمَ عَدَدُهَا وَوَزْنُهُ وَكَذَا إنْ عُلِمَ عَدَدُهَا وَجُهِلَ وَزْنُهُ لَكِنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الْجُزَافِ فَيَجُوزُ إنْ لَمْ يَكْثُرْ كَثْرَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ لِنَقْلِ الصَّنْعَةِ لَهُ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ شُرُوطُهُ مُنِعَ كَمَا لَوْ جُهِلَ عَدَدُ الْفُلُوسِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ جُهِلَ عَدَدُ الْفُلُوسِ امْتَنَعَ عَلِمَ وَزْنَ التَّوْرِ أَمْ لَا وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ عَدَدَ الْفُلُوسِ أَجْزَأَ إنْ عَلِمَ وَزْنَ التَّوْرِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَزْنَهُ أَجْزَأَ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الْجُزَافِ وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ كَثْرَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ لِنَقْلِ الصَّنْعَةِ لَهُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ مُنِعَ هَذَا بَسْطُ الْمَسْأَلَةِ

[بَيْعُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ]

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الدَّيْنَ مَكْلُوءٌ) أَيْ: يَكْلَؤُهُ صَاحِبُهُ فَصَحَّ مُوَافَقَتُهُ لِقَوْلِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَكْلَأُ صَاحِبَهُ) هَذَا لَا يَظْهَرُ إلَّا فِي ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ.

(قَوْلُهُ: الْمُلَازَمَةُ) أَيْ: مُلَازَمَةُ كُلٍّ لِلْآخَرِ إذْ يَلْزَمُ مِنْ الْحَافِظِ الْمَحْفُوظِ وَالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَجَازٌ فِي إسْنَادِ الْفِعْلِ) أَيْ: مَعْنَى الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ كَالِئَ لَيْسَ بِفِعْلٍ بَلْ فِي مَعْنَى الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: أَيْ: مَرْضِيَّةٍ) بَيَانٌ لِوَصْفِ عِيشَةٍ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَا بِالنَّظَرِ لِخُصُوصِ مَا هُوَ فِيهِ وَإِلَّا فَالْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَيْ: رَاضٍ صَاحِبُهَا.

(قَوْلُهُ: أَيْ: ضَمَانُهُ) أَيْ: وَإِنْ حَصَلَ الْقَبْضُ بِالْفِعْلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبْضُهُ الْقَبْضَ بِالْفِعْلِ الَّذِي هُوَ حَقِيقَتُهُ بَلْ الضَّمَانُ وَلَوْ حَصَلَ قَبْضٌ بِالْفِعْلِ كَالسِّلْعَةِ الَّتِي فِيهَا خِيَارٌ. (قَوْلُهُ: بِيعَ مُذَارَعَةً) يُصَوَّرُ بِصُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ بَاعَ لَهُ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ بِالدَّيْنِ وَدَخَلَ مَعَهُ عَلَى الذِّرَاعِ وَهَذِهِ هِيَ الْمُسْتَفَادَةُ مِنْ بَهْرَامَ تَصْوِيرًا لِلْمُصَنِّفِ الثَّانِيَةُ تُؤْخَذُ مِمَّا قَبْلَهَا بِالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>