للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَيْهِ (ش) أَيْ: وَجَازَ لِمَنْ مَنْزِلُهُ، أَوْ قَرْيَتُهُ خَارِجَةٌ عَنْ الْبَلَدِ الْمَجْلُوبِ إلَيْهَا السِّلَعُ بَعِيدَةٌ عَنْهُ عَلَى كَسِتَّةِ أَمْيَالٍ أَخْذُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِقُوتِهِ لَا لِلتَّجْرِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّلَقِّي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَلَقِّيَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْ الْبَلَدِ الَّتِي يُجْلَبُ إلَيْهَا وَهُنَا مَرَّتْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَنْزِلِهِ، أَوْ قَرْيَتِهِ السَّاكِنِ بِهَا وَمَفْهُومُ عَلَى كَسِتَّةٍ أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَى دُونِ السِّتَّةِ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الشِّرَاءُ الْمَذْكُورُ.

وَأَمَّا مَنْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ كَسِتَّةٍ إلَى يَوْمَيْنِ فَلَهُ ذَلِكَ بِلَا نِزَاعٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ فَجَائِزٌ لَهُ الشِّرَاءُ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ

وَلَيْسَ مِنْ التَّلَقِّي الْخُرُوجُ لِلْبَسَاتِينِ لِشِرَاءِ ثَمَرِ الْحَوَائِطِ وَنَحْوِهَا الَّتِي تَلْحَقُ أَرْبَابَهَا الضَّرُورَةُ بِتَفْرِيقِ بَيْعِهَا وَكَذَلِكَ شِرَاءُ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ مِنْ السُّفُنِ بِالسَّوَاحِلِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ وَفَسَادٌ فَهُوَ كَاحْتِكَارِهِ

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْبِيَاعَاتِ الْفَاسِدَةِ وَعَلَى مَدَارِكِهَا وَدَلَائِلهَا وَمَحَالِّهَا شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِهَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ: خَاتِمَةٌ لِبَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يُذْكَرُ فِيهَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ قَبْضٍ، أَوْ فَوَاتٍ وَالْمَقْصُودُ النَّظَرُ فِي نَقْلِ الضَّمَانِ وَفِي نَقْلِ الْمِلْكِ

فَإِلَى الْأُولَى أَشَارَ بِقَوْلِهِ

(ص) وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ ضَمَانَ الْمَبِيعِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَا يَنْتَقِلُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ إلَى الْمُشْتَرِي إلَّا بِقَبْضِهِ قَبْضًا مُسْتَمِرًّا فِي الْعَقْدِ لَا بِتَمْكِينِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَلَا بِإِقْبَاضِهِ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَالْمُنْتَقِلُ بِالْقَبْضِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ضَمَانُ أَصَالَةٍ لَا ضَمَانُ الرِّهَانِ الْمُفَصَّلِ فِيهِ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَعَدَمِ قِيَامِهَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ لَمْ يَقْبِضْهُ إلَّا لِحَقِّ نَفْسِهِ عَلَى نَحْوِ مَا يَقْبِضُهُ الْمَالِكُ لَا يُوَثِّقُهُ كَالرِّهَانِ وَلَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ كَالْعَوَارِيِّ وَلَا دَخْلَ عَلَى احْتِمَالِ رَدِّهِ كَمَا فِي الْخِيَارِ

وَقَيَّدْنَا الْقَبْضَ بِالِاسْتِمْرَارِ لِنَحْتَرِزَ عَمَّا إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً شِرَاءً فَاسِدًا فَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي، ثُمَّ رَدَّهَا إلَى الْبَائِعِ عَلَى وَجْهِ أَمَانَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اسْتَثْنَى رُكُوبَ الدَّابَّةِ فَهَلَكَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ فَإِنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْبَائِعِ وَقَبْضُ الْمُشْتَرِي لَهَا كَلَا قَبْضٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ كَانَ لِي أَنْ أَرُدَّهَا عَلَيْك وَهَا هِيَ فِي يَدِك

وَقَيَّدْنَا أَيْضًا الْعَقْدَ بِالْمُنْبَرِمِ احْتِرَازًا مِنْ بَيْعِ الْخِيَارِ فَإِنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا كَانَ الضَّمَانُ فِيهِ فَأَحْرَى الْفَاسِدُ وَلَا غَلَّةَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ لَا مِلْكُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

مَنْزِلِهِ خَارِجَ الْبَلَدِ وَلِلسِّلْعَةِ سُوقٌ أَنْ يَأْخُذَ لِقُوتِهِ لَا لِلتِّجَارَةِ بِمَا إذَا كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ يَمْنَعُ التَّلَقِّي مِنْهَا وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ لَا يَمْنَعُ التَّلَقِّي مِنْهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ وَلَا شَكَّ فِي مُخَالَفَةِ هَذَا لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَجَازَ لِمَنْ عَلَى كَسِتَّةِ أَمْيَالٍ إلَخْ إنْ حُمِلَ عَلَى سِلْعَةٍ لَهَا سُوقٌ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الشِّرَاءُ قَرُبَ، أَوْ بَعُدَ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى سِلْعَةٍ لَا سُوقَ لَهَا جَازَ قَرُبَ مَكَانُهُ، أَوْ بَعُدَ كَانَ الشِّرَاءُ لِحَاجَتِهِ، أَوْ لِلتِّجَارَةِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: فَلَهُ ذَلِكَ بِلَا نِزَاعٍ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ فِيهَا النِّزَاعُ وَمُقَابِلُهُ الْمَنْعُ قَالَ عِيَاضٌ اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ التَّلَقٍّ الْمَمْنُوعِ فَعَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ ذَلِكَ عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ وَعَنْهُ إبَاحَتُهَا عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ فَانْظُرْ هَذَا مَعَ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَاحْتِكَارِهِ إلَخْ) خَرَّجَ ابْنُ مَاجَهْ «مَنْ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ ضَرَبَهُ اللَّهُ بِالْجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ» حَدِيثٌ حَسَنٌ وَخَرَّجَ هُوَ وَالْحَاكِمُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ «الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ» وَخَرَّجَ مُسْلِمٌ عَنْ مَعْمَرٍ مَرْفُوعًا «لَا يَحْتَكِرُ إلَّا خَاطِئٌ»

[خَاتِمَةٌ لِبَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

(قَوْلُهُ: وَدَلَائِلِهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَلَكِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى النَّهْيِ وَقَوْلُهُ وَمَحَالِّهَا لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ الْبِيَاعَاتِ الْفَاسِدَةِ بَيْعَ الْحَامِلِ بِشَرْطِ الْحَمْلِ وَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهَذِهِ بِيَاعَاتٌ وَلَيْسَ لَهَا مَحَلٌّ حَتَّى يَقُولَ وَمَحَالُّهَا فَإِنْ قُلْت يُصَوَّرُ بِأَنْ يَقُولَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْحَمْلِ بَيْعٌ مِنْ الْبِيَاعَاتِ وَالْحَامِلُ مَحَلُّ الْبَيْعِ قُلْت الَّذِي قَدْ جُعِلَ بَيْعًا مِنْ الْبُيُوعَاتِ لَيْسَ مُطْلَقَ بَيْعٍ بَلْ بَيْعُ الْحَامِلِ بِشَرْطِ الْحَمْلِ فَالْحَامِلُ قَدْ أُخِذَ فِي مَفْهُومِ الْبَيْعِ فَلَا يَكُونُ مَحَلًّا لَهُ.

(قَوْلُهُ: شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِهَا) مِنْ ضَمَانٍ وَفَوَاتٍ وَمُضِيِّ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِالثَّمَنِ وَالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ.

(قَوْلُهُ: وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْعَقْدِ أَيْ: مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَا يَتَّصِلُ بِهِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْقَبْضِ الضَّمَانُ وَعَلَى الْفَوَاتِ غُرْمُ الْقِيمَةِ، أَوْ الثَّمَنُ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَأَيُّ حَاجَةٍ لِقَوْلِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَالْمَقْصُودُ مُرْتَبِطٌ فِيمَا يَظْهَرُ بِقَوْلِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِهَا أَيْ: الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا وَقَوْلُهُ فَإِلَى الْأَوَّلِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ أَيْ: وَإِلَى الثَّانِي أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ فَاتَ إلَخْ (أَقُولُ) قَصْرُ الْمَقْصُودِ عَلَى ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ بَلْ مِنْ جُمْلَةِ الْمَقْصُودِ أَنَّ الْفَوَاتَ يَكُونُ بِكَذَا وَكَذَا عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ مِنْ التَّفَاضُلِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا بِقَبْضِهِ) أَيْ: الْمُشْتَرِي وَوَكِيلِهِ كَهُوَ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مُنْتَفَعًا بِهِ شَرْعًا فَيَخْرُجُ شِرَاءُ الْمَيْتَةِ وَالزِّبْلِ فَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ وَلَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بَلْ وَلَوْ أَتْلَفَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ شَرْعًا وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ أَقْبَضَهُ لَهُ.

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ) أَيْ: فَأَشْهَبُ يَقُولُ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ إمَّا بِقَبْضِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِمَّا بِتَمْكِينِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَإِمَّا بِإِقْبَاضِهِ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ.

(قَوْلُهُ: الْمُفَصَّلُ إلَخْ) أَيْ: وَذَلِكَ أَنَّ الرَّهْنَ يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَالْعَارِيَّةُ كَالرَّهْنِ فِي الضَّمَانِ وَالْفَرْقُ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ التَّوَثُّقُ وَالِانْتِفَاعُ.

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِسَحْنُونٍ) أَيْ: سَحْنُونَ يَقُولُ لَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى الْهَلَاكِ الْبَيِّنَةُ.

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اسْتَثْنَى إلَخْ) وَكَالْأَمَةِ الْمُتَوَاضِعَةِ إذَا بِيعَتْ بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ حَيْضِهَا وَلَمْ يَقْبِضْهَا بَعْدَ وَضْعِهَا عِنْدَ أَمِينَةٍ وَبَعْدَ حَيْضِهَا فَإِنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمُشْتَرِي لَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>