للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ وَالْمُطَالَعَةَ فِي الْكُتُبِ (ص) وَحَلَفَ إنْ سَكَتَ بِلَا عُذْرٍ فِي كَالْيَوْمِ (ش) اعْلَمْ أَنَّ السُّكُوتَ لِعُذْرٍ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ مُطْلَقًا، وَلِغَيْرِهِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْيَوْمِ رُدَّ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ كَالْيَوْمِ حَلَفَ وَرَدَّ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَلَا رَدَّ لَهُ.

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُخْتَارِ يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ أَخْرَجَ مِنْهُ مَسْأَلَتَيْنِ أُولَاهُمَا بِقَوْلِهِ (لَا كَمُسَافِرٍ اُضْطُرَّ لَهَا) أَيْ لِرُكُوبِ الدَّابَّةِ فِي سَفَرِهِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهَا فَيَسْتَمِرُّ رَاكِبًا لَهَا وَلَهُ رَدُّهَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي رُكُوبِهَا بَعْدَ عِلْمِهِ، وَلَا عَلَيْهِ أَنْ يُكْرِيَ غَيْرَهَا وَيَسُوقَهَا، وَلِيَرْكَبَ فَإِنْ وَصَلَتْ بِحَالِهَا رَدَّهَا، وَإِنْ عَجَفَتْ رَدَّهَا وَمَا نَقَصَهَا، أَوْ يَحْبِسُهَا، وَيَأْخُذُ قِيمَةَ الْعَيْبِ ابْنُ رُشْدٍ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا لَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِ فِي الرُّجُوعِ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ أَنَّ رُكُوبَهُ إيَّاهَا لَيْسَ رِضًا بِالْعَيْبِ، وَلَا مَفْهُومَ لَاضْطُرَّ إذْ رُكُوبُ الْمُسَافِرِ لَهَا اخْتِيَارًا كَذَلِكَ لِأَنَّ السَّفَرَ مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْمُكْرَهَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى الدَّابَّةِ لِيَشْمَلَ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ، وَلَا يُبْعِدُهُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ مِنْ قَوْلِهِ (أَوْ تَعَذَّرَ قَوْدُهَا لِحَاضِرٍ) لِلدَّابَّةِ، وَأَمَّا لُبْسُ الثَّوْبِ وَوَطْءُ الْأَمَةِ فَرْضًا بِاتِّفَاقٍ قَالَهُ بَعْضٌ، وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعَذُّرُ مِنْ جِهَةِ الدَّابَّةِ لِامْتِنَاعِ سَيْرِهَا غَيْرَ مَرْكُوبَةٍ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ ذَا هَيْئَةٍ، وَقَيْدُ التَّعَذُّرِ إنَّمَا هُوَ فِي رُكُوبِهَا لِمَوْضِعِهِ أَمَّا رُكُوبُهَا لِلرَّدِّ فَلَا يَضُرُّ، وَلَوْ بِغَيْرِ تَعَذُّرٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ وَالْبَيَانِ، وَأَقَرَّهُ.

(ص) فَإِنْ غَابَ بَائِعُهُ أَشْهَدَ فَإِنْ عَجَزَ أَعْلَمَ الْقَاضِيَ فَتَلَوَّمَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ كَأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) أَفَادَ بِهَذَا أَنَّ غَيْبَةَ بَائِعِ الْمَعِيبِ لَا تَمْنَعُ مِنْ عَدَمِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ إذْ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ بِعَدَمِ الرِّضَا بِهِ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ لَا أَنَّهُ يُشْهِدُ عَلَى الرَّدِّ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْغِيبَةِ أَوْ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ يُرَدُّ عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرَّدِّ لِبُعْدِ غَيْبَةِ الْبَائِعِ وَعَدَمِ وَكِيلٍ يُرَدُّ عَلَيْهِ فَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ بَائِعَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَعْلَمَ الْقَاضِيَ بِعَجْزِهِ، وَحِينَئِذٍ يَتَلَوَّمُ الْقَاضِي لِبَعِيدِ الْغَيْبَةِ حَيْثُ رُجِيَ قُدُومُهُ كَمَا أَنَّهُ يَتَلَوَّمُ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ، وَأَمَّا بَعِيدُ الْغَيْبَةِ حَيْثُ لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ فَلَا يَتَلَوَّمُ لَهُ، وَكَذَلِكَ الْقَرِيبُ الْغَيْبَةِ كَالْيَوْمَيْنِ مَعَ الْأَمْنِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ فَيَكْتُبُ لَهُ الْحَاكِمُ إمَّا قَدِمَ، وَإِلَّا أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ (ص) وَفِيهَا أَيْضًا نَفْيُ التَّلَوُّمِ (ش) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ ثُمَّ إنَّ الَّذِي فِيهَا عَدَمُ ذِكْرِ التَّلَوُّمِ فَفِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مُقَدَّرٌ أَيْ نَفْيُ ذِكْرِ التَّلَوُّمِ، وَبِعِبَارَةٍ أَيْ انْتِفَاءُ التَّلَوُّمِ إطْلَاقًا لِلْمَصْدَرِ، وَإِرَادَةَ

ــ

[حاشية العدوي]

الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الِاشْتِغَالُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مُطْلَقًا نَقَصَهُ الِاسْتِعْمَالُ أَمْ لَا. الثَّانِي مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ كَاسْتِخْدَامِ مَا يَنْقُصُهُ الِاسْتِعْمَالُ كَعَبْدٍ فَاسْتِخْدَامُ الْعَبْدِ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ. الثَّالِثُ مَا لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مُطْلَقًا كَأَخْذِ اللَّبَنِ وَالتَّمْرِ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ طُولٌ. الرَّابِعُ مَا فِيهِ تَفْصِيلٌ كَسُكْنَى الدَّارِ فَإِنْ كَانَ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَإِلَّا دَلَّ هَذَا حَاصِلُهُ (قَوْلُهُ فِي كَالْيَوْمِ) أَيْ الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ، وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِنَحْوِهِ كَذَا فِي عب وشب، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَافَ أَدْخَلَتْ يَوْمًا آخَرَ، وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ اعْلَمْ أَنَّ السُّكُوتَ لِعُذْرٍ) أَيْ كَخَوْفٍ.

(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَافَ إذَا أَدْخَلَتْ الْمُكْرَهَ تَظْهَرُ لَهَا فَائِدَةٌ فَمَا وَجْهُ هَذَا الِاسْتِظْهَارِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ صُورَةَ الْإِكْرَاهِ لَا تُتَوَهَّمُ فَيَكُونَ الْأَحْسَنُ دُخُولَهَا عَلَى مَا يُفِيدُ دُخُولَهُ مَنْ قَدْ يُتَوَهَّمُ عَدَمُ دُخُولِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَا يُبْعِدُهُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ) لِأَنَّا نَقُولُ الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى بَعْضِ مَا تَقَدَّمَ، وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّابَّةِ مَا دَبَّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ فَإِنْ غَابَ بَائِعُهُ أَشْهَدَ) أَيْ شَاهِدَيْنِ، وَهَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ الْإِشْهَادَ مُسْتَحَبٌّ فَقَطْ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِشْهَادَ فِي الْغَيْبَةِ مُطْلَقًا قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ، وَوَجَدَ الْبَائِعَ غَائِبًا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا بِالْمَبِيعِ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ أَوْ بَعِيدَهَا، وَبَعْدَ الْإِشْهَادِ الْمَذْكُورِ يُفَصِّلُ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ أَوْ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ يَرُدُّ عَلَيْهِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ مِنْ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى وَكِيلِ الْحَاضِرِ أَوْ يُرْسِلُ لَهُ فِي قُرْبِ الْغَيْبَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغِيبَةِ وَلَا وَكِيلَ لَهُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَنْتَظِرَ الْبَائِعَ حَتَّى يَقْدَمَ، وَإِنْ شَاءَ أَعْلَمَ الْقَاضِيَ بِالْعَجْزِ عَنْ الرَّدِّ، وَحِينَئِذٍ يَتَلَوَّمُ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ عَنْ الرَّدِّ الْمَفْهُومِ مِنْ رَدَّ الْمُقَدَّرِ لَا الْإِشْهَادِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي، وَقَوْلُهُ أَعْلَمَ الْقَاضِيَ أَيْ بِعَجْزِهِ أَيْ رَفَعَ إلَيْهِ الْأَمْرَ إنْ أَرَادَ تَعْجِيلَ الرَّدِّ، وَإِنْ شَاءَ أَبْقَى الْمَبِيعَ تَحْتَ يَدِهِ إلَى قُدُومِ الْبَائِعِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَيَرْجِعُ بِأَرْشِهِ إنْ هَلَكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُعْلِمَ الْقَاضِيَ أَوْ لَا يُعْلِمَ بَلْ يَصْبِرَ حَتَّى يَقْدَمَ فَيُرَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ، وَقَوْلُهُ بَعِيدُ الْغَيْبَةِ أَيْ كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ أَوْ الْيَوْمَانِ مَعَ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ) أَيْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ قُدُومُهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ سَهْلٍ خِلَافًا لِابْنِ الْقَطَّانِ الْقَائِلِ أَنَّهُ كَقَرِيبِ الْغَيْبَةِ.

(قَوْلُهُ لَا تَمْنَعُ مِنْ عَدَمِ الرَّدِّ) الْمُنَاسِبُ لَا تَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ لَا أَنَّهُ يُشْهِدُ عَلَى الرَّدِّ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ أَيْ إنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الرَّدِّ لَيْسَ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ) لَكِنْ بَعْدَ الْإِرْسَالِ لَهُ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ بَائِعَهُ) أَيْ لِقُدُومِهِ كَمَا أَنَّهُ يَتَلَوَّمُ لَهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ أَيْ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَهْلِ مَوْضِعِهِ عَدَمُ رَجَاءِ قُدُومِهِ كَالْعَطَّارِينَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ) أَيْ بِالْمَبِيعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>