للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَوْلَهُ فَيُنَجِّسَ ثَوْبَهُ.

(ص) وَذِكْرُ وِرْدٍ بَعْدَهُ وَقَبْلَهُ (ش) أَيْ وَمِنْ الْآدَابِ أَنْ يَأْتِيَ بِالذِّكْرِ الْوَارِدِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ قَضَاءِ حَاجَتِهِ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اللَّهُمَّ غُفْرَانَك أَوْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَوَّغَنِيهِ طَيِّبًا وَأَخْرَجَهُ عَنِّي خَبِيثًا» وَفِي رِوَايَةٍ «الَّذِي رَزَقَنِي لَذَّتَهُ وَأَذْهَبَ عَنِّي مَشَقَّتَهُ وَأَبْقَى فِي جِسْمِي قُوَّتَهُ» وَمِنْ الْآدَابِ أَنْ يَأْتِيَ بِالذِّكْرِ الْوَارِدِ قَبْلَهُ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ قَوْلِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ وَفِي رِوَايَةٍ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ وَفِي أُخْرَى الْكَنِيفَ «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ» وَيَجْمَعُ مَعَ التَّعَوُّذِ دُخُولًا وَخُرُوجًا التَّسْمِيَةَ كَمَا مَرَّ وَحِكْمَةُ تَقْدِيمِ هَذَا الذِّكْرِ مَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «سِتْرُ أَيْ بِكَسْرِ السِّينِ مَا بَيْنَ أَعْيُنِ الْجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إذَا دَخَلَ الْكَنِيفَ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ» وَخَصَّ هَذَا الْمَوْضِعَ بِالِاسْتِعَاذَةِ لِأَنَّهُ خَلَاءٌ وَلِلشَّيْطَانِ فِيهِ تَسَلُّطٌ وَقُدْرَةٌ لَيْسَ لَهُ فِي الْمَلَاءِ وَلِذَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ» وَلِأَنَّهُ مَوْضِعُ قَذِرٍ يُنَزَّهُ عَنْهُ ذِكْرُ اللَّهِ فَيَغْتَنِمُ الشَّيْطَانُ عَدَمَ ذِكْرِهِ فَأَمَرَ بِالِاسْتِعَاذَةِ عِصْمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَتَّى يَخْرُجَ.

وَأَخَّرَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ وَقَبْلَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (ص) ، فَإِنْ فَاتَ فَفِيهِ إنْ لَمْ يُعَدَّ (ش) أَيْ، فَإِنْ فَاتَ الذِّكْرُ الْقَبْلِيُّ، فَإِنَّهُ يَذْكُرُهُ فِي الْمَحِلِّ نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُعَدًّا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلَمْ يَجْلِسْ لِلْحَدَثِ، فَإِنْ أُعِدَّ كَالْكَنِيفِ أَوْ جَلَسَ فِي غَيْرِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: غُفْرَانَك) بِالنَّصْبِ أَيْ أَسْأَلُك أَوْ اغْفِرْ غُفْرَانَك، وَالْوَجْهُ فِي سُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ أَنَّهُ جَرَى مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى عَادَتِهِ إذْ كَانَ مِنْ دَأْبِهِ الِاسْتِغْفَارُ فِي حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ وَتَقَلُّبَاتِهِ حَتَّى إنَّهُ لَيُعَدُّ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةُ مَرَّةٍ وَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ خُرُوجُ الْأَخْبَثَيْنِ بِسَبَبِ خَطِيئَةِ آدَمَ وَمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ حَيْثُ جُعِلَ مُكْثُهُ فِي الْأَرْضِ وَمَا تَنَالُ ذُرِّيَّتُهُ فِيهَا عِظَةٌ لِلْعِبَادِ وَتَذْكِرَةٌ لِمَا تَئُولُ إلَيْهِ الْمَعَاصِي فَقَدْ رُوِيَ «أَنَّهُ حِينَ وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ رِيحَ الْغَائِطِ قَالَ أَيْ رَبِّ مَا هَذَا فَقَالَ تَعَالَى هَذَا رِيحُ خَطِيئَتِك فَكَانَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ حِينَ خُرُوجِهِ مِنْ الْخَلَاءِ غُفْرَانَك» الْتِفَاتًا إلَى هَذَا الْأَصْلِ وَتَذْكِيرًا لِأُمَّتِهِ بِهَذِهِ الْعِظَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ وَالْأَوْلَى الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ (قَوْلُهُ: سَوَّغَنِيهِ طَيِّبًا) أَيْ أَدْخَلَهُ فِي جَوْفِي طَيِّبًا (قَوْلُهُ: وَأَخْرَجَهُ عَنِّي خَبِيثًا) الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ خُرُوجِهِ وَكَوْنِهِ خَبِيثًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ عَدَمِ خُرُوجِهِ وَمِنْ خُرُوجِهِ غَيْرَ خَبِيثٍ حَالَةٌ مُضِرَّةٌ (قَوْلُهُ: وَأَذْهَبَ عَنِّي مَشَقَّتَهُ) أَيْ الْمَشَقَّةَ الْحَاصِلَةَ بِسَبَبِ مُكْثِهِ (قَوْلُهُ: قُوَّتَهُ) أَيْ الْخَاصَّةَ الَّتِي تَقُومُ بِالْبَدَنِ وَلَا يَكُونُ الْخَارِجُ مِنْ الْإِنْسَانِ إلَّا الثِّقَلَ الَّذِي لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهَا رِوَايَاتٌ ثَلَاثٌ فَالْأَحْسَنُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا (قَوْلُهُ: إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ) أَيْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَالْخَلَاءُ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالْمَدِّ الْمَكَانُ الَّذِي لَا أَحَدَ فِيهِ نَقْلٌ لِمَوْضِعِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَبِالْقَصْرِ الرَّطْبُ مِنْ الْحَشِيشِ وَالْخِلَاءُ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَالْمَدِّ فِي النُّوقِ كَالْحُرُنِ فِي الْخَيْلِ

(قَوْلُهُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ» ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَيُرْوَى بِسُكُونِهَا كَمَا نَقَلَهُ الْفَارَابِيُّ وَالْفَارِسِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَلَا يَصِحُّ إنْكَارُ الْخَطَّابِيِّ لَهُ جَمْعُ خَبِيثٍ وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ ذُكْرَانُ الشَّيَاطِينِ، وَإِنَاثُهُمْ وَقِيلَ: الْخُبْثُ الْكُفْرُ وَالْخَبَائِثُ الشَّيَاطِينُ وَقِيلَ الْخُبْثُ الشَّرُّ وَالْخَبَائِثُ الْمَعَاصِي وَفِي الْمَدْخَلِ زِيَادَةُ: الرِّجْسُ النَّجِسُ الشَّيْطَانُ الرَّجِيمُ، وَنَحْوِهِ فِي الْإِرْشَادِ وَيُقْرَأُ النِّجْسُ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ مُوَافَقَةً لِلرِّجْسِ زَادَ فِي الزَّاهِي بَعْدَ قَوْلِهِ الرِّجْسُ النَّجِسُ الضَّالُّ الْمُضِلُّ (قَوْلُهُ: وَيَجْمَعُ مَعَ التَّعَوُّذِ إلَخْ) قَالَ عج بَعْدَ كَلَامٍ فَاسْتُفِيدَ مِنْ جَعْلِ التَّسْمِيَةِ مُسْتَحَبًّا بِانْفِرَادِهَا أَنَّ الْآتِيَ بِهَا وَبِالذِّكْرِ أَوَّلًا آتٍ بِمُسْتَحَبَّيْنِ وَكَذَا ثَانِيًا ثُمَّ فِيهِ أَنَّ الْوَارِدَ إنَّمَا يَتَعَوَّذُ فِي الدُّخُولِ فَقَطْ، وَأَمَّا فِي الْخُرُوجِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى بِسْمِ اللَّهِ وَيَأْتِي بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نَحْوِ غُفْرَانَك إلَخْ قَالَ ح وَيَبْدَأُ بِالتَّسْمِيَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ وَقَالَ: إنَّهُ فِي حَالِ تَقْدِمَتِهِ لِلرَّجُلِ الْيُسْرَى وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ يُقَدِّمُ التَّعَوُّذَ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَ رِجْلَهُ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الذَّخِيرَةِ وَيَقُولُ ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِهِ إلَى مَوْضِعِ الْحَدَثِ أَوْ بَعْدَ وُصُولِهِ إنْ كَانَ الْمَوْضِعُ غَيْرَ مُعَدٍّ لِلْحَدَثِ اهـ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ عج وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَا تُنْدَبُ فِي دُخُولِ الْخَلَاءِ وَلَا فِي الْخُرُوجِ مِنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَالْمَوَّاقِ وَذَكَرَ تت عِنْدَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَتُشْرَعُ فِي غُسْلٍ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهَا لَا تُنْدَبُ فِي الدُّخُولِ فَقَطْ وَالْحَطَّابُ يَقُولُ تُقَالُ عِنْدَ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا.

(قَوْلُهُ: سِتْرٌ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ أَنْ يَقُولَ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَقَوْلُهُ مَا بَيْنَ مَا زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ) أَيْ وَالذِّكْرُ (قَوْلُهُ: الْمَلَاءِ) أَيْ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ) أَيْ ذُو شَيْطَانٍ أَيْ ذُو وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّهُ يُوَسْوِسُ لَهُ أَوْ كَالشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تُحَدِّثُهُ نَفْسُهُ بِسُوءٍ وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يَزْجُرُهُ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ أَيْ ذُو شَيْطَانَيْنِ أَيْ ذُو وَسْوَسَةِ شَيْطَانَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُوَسْوِسُ لَهُ شَيْطَانُهُ أَوْ كَالشَّيْطَانَيْنِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُحَدِّثُ كُلُّ وَاحِدٍ نَفْسَهُ بِفِعْلِ سُوءٍ فِي الْآخَرِ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ إذَا أَرَادَ أَحَدٌ سُوءًا بِصَاحِبِهِ رُبَّمَا زَجَرَهُ الثَّالِثُ فَقَوْلُهُ رَكْبٌ أَيْ جَمَاعَةٌ مَأْمُونَةٌ وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ مَا نَصُّهُ يَعْنِي أَنَّ الِانْفِرَادَ وَالذَّهَابَ فِي الْأَرْضِ عَلَى سَبِيلِ الْوَحْدَةِ مِنْ فِعْلِ الشَّيْطَانِ أَيْ فِعْلٌ يَحْمِلُ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ وَكَذَا الرَّاكِبَانِ وَهُوَ حَثٌّ عَلَى اجْتِمَاعِ الرُّفْقَةِ فِي السَّفَرِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ.

(قَوْلُهُ: فَفِيهِ إنْ لَمْ يُعَدَّ) أَيْ فَيُذْكَرُ فِيهِ جَوَازًا قَالَهُ تت وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ النَّدْبُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت أَنَّ اللَّخْمِيَّ صَرَّحَ بِالِاسْتِحْبَابِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ مُرَادُ تت بِأَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِذْنَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ: أَوْ جَلَسَ فِي غَيْرِهِ) كَذَا قَالَ الْحَطَّابُ وَنَصُّهُ، وَأَمَّا حَالَ الْجُلُوسِ فَلَا؛ لِأَنَّ الصَّمْتَ حِينَئِذٍ مَشْرُوعٌ فِي حَقِّهِ اهـ.

(أَقُولُ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكْشِفْ عَوْرَتَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>