للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُقَدِّمَاتِ الْبَيْعُ عَلَى الْمُكَايَسَةِ، وَالْمُمَاكَسَةُ أَحَبُّ إلَى أَهْلِ الْعِلْمِ، وَأَحْسَنُ عِنْدَهُمْ، وَلَا يُرِيدُ الْمُؤَلِّفُ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِئَلَّا يَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ خَصَّصَ كَرَاهَةَ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ بِإِكْثَارِ الْعَوَامّ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ شَيْءٌ مِنْ الْقَيْدَيْنِ أَيْ وَالْأَحَبُّ خِلَافُ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، وَهُوَ الْمُسَاوَمَةُ لَا الْمُزَايَدَةُ، وَالِاسْتِمَانَةُ فَالْإِضَافَةُ لِلْعَهْدِ، وَالْمُرَادُ مَعْهُودٌ مُعَيَّنٌ، وَهُوَ بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ (ص) ، وَلَوْ عَلَى مُقَوَّمٍ، وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إنْ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ الْمُرَابَحَةِ جَائِزٌ، وَلَوْ كَانَ ثَمَنُ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ عَرْضًا مُقَوَّمًا مَضْمُونًا كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِحَيَوَانٍ مَضْمُونٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً بِمِثْلِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ، وَيَزِيدُهُ عَلَيْهِ زِيَادَةً مَعْلُومَةً، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ لَيْسَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِمَا فِيهِ مِنْ السَّلَمِ الْحَالِّ، وَاخْتُلِفَ هَلْ ابْنُ الْقَاسِمِ يُخَالِفُهُ فِي ذَلِكَ فَيَقُولُ بِالْجَوَازِ فِي الْمُقَوَّمِ الْمَضْمُونِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَوْ لَا يُخَالِفُهُ فَيُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَوْصُوفٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَهَلْ مُطْلَقًا أَيْ وَهَلْ الْجَوَازُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَضْمُونِ سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى حَمْلِ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ الْجَوَازِ فِيهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمَضْمُونُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَا يَكُونُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مُخَالِفًا لِقَوْلِ أَشْهَبَ تَأْوِيلَانِ، وَقَدْ عَلِمْت مِنْ هَذَا أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُقَوَّمِ الْمَضْمُونِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا الْمَضْمُونُ الَّذِي عِنْدَهُ فَيَتَّفِقَانِ عَلَى الْجَوَازِ فِيهِ، وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَلَا يَخْتَلِفَانِ فِيهِ بَلْ يَتَّفِقَانِ عَلَى الْمَنْعِ فِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَعَلَى الْجَوَازِ إذَا كَانَ عِنْدَهُ، وَلَوْ قَالَ وَلَوْ عَلَى عِوَضٍ مَضْمُونٍ، وَهَلْ مُطْلَقًا إلَخْ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَطَابَقَ النَّقْلَ إذْ الْخِلَافُ فِي الْعِوَضِ الْمَضْمُونِ، وَلَوْ مِثْلِيًّا غَيْرَ الْمُعَيَّنِ

(ص) وَحُسِبَ رِبْحُ مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ كَصَبْغٍ، وَطَرْزٍ، وَقَصْرٍ، وَخِيَاطَةٍ، وَكَمْدٍ، وَفَتْلٍ، وَتَطْرِيَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْمُرَابَحَةِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مَا يُرْبَحُ لَهُ، وَمَا لَا يُرْبَحُ بَلْ وَقَعَ عَلَى رِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ مَثَلًا وَجَبَ أَنْ يُحْسَبَ عَلَى الْمُشْتَرِي ثَمَنُ السِّلْعَةِ، وَرِبْحُهُ، وَيُحْسَبَ أَيْضًا عَلَيْهِ مِنْ مُؤَنِهَا وَكُلَفِهَا رِبْحُ مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ تُؤَثِّرُ زِيَادَةً فِي الْمَبِيعِ مِنْ صَبْغٍ أَوْ طَرْزٍ أَوْ تَطْرِيَةٍ، وَهِيَ جَعْلُ الثَّوْبِ فِي الطَّرَاوَة

ــ

[حاشية العدوي]

الْمُرَابَحَةَ وَالْمُسَاوَمَةَ كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ فَلَا يَشْمَلُ قَوْلُهُ خِلَافَهُ بَيْعُ الْمُزَايَدَةِ لِكَرَاهَةِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَهُ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعًا مِنْ السَّوْمِ عَلَى سَوْمِ الْأَخِ قَبْلَ الرُّكُونِ، وَإِشْحَانًا لِلْقُلُوبِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْمُمَاكَسَةُ) مُرَادِفٌ لِقَوْلِهِ وَالْمُكَايَسَةُ (قَوْلُهُ وَلَا يُرِيدُ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يُحْكَمُ بِكَرَاهَةِ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ مُطْلَقًا وَقَعَتْ مِنْ الْعَوَامّ أَوْ لَا بِكَثْرَةٍ أَمْ لَا، وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَيَّدَ الْكَرَاهَةَ بِقَيْدَيْنِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَوَامّ، وَأَنْ يَكُونَ بِكَثْرَةٍ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا يُفِيدُ خِلَافَ الْأَوْلَى لِأَنَّ اصْطِلَاحَهُ الْمَعْهُودَ أَنَّ الْجَوَازَ يُطْلِقُهُ عَلَى اسْتِوَاءِ الطَّرَفَيْنِ إذَا لَمْ يُعْقِبْهُ بِقَوْلِهِ وَالْأَفْضَلُ خِلَافُهُ، وَإِلَّا كَانَ مَعْنَاهُ خِلَافَ الْأَوْلَى لَا الْكَرَاهَةَ نَعَمْ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ الْمُزَايَدَةَ أَفْضَلُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ لِأَنَّهُ قَالَ أَحَبُّ أَقْسَامِ الْبَيْعِ الْمُسَاوَمَةُ ثُمَّ الْمُزَايَدَةُ، وَكَذَا قَوْلُ الْقَاضِي، وَأَضْعَفُهَا الْمُرَابَحَةُ اهـ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُزَايَدَةَ مَكْرُوهَةٌ لِأَنَّهَا تُورِثُ الضَّغَائِنَ فَلْتَكُنْ الْمُرَابَحَةُ مَكْرُوهَةً بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى لَا خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ قُلْت يُرِيدُ الْمُصَنِّفُ بِالْجَوَازِ مَا قَابَلَ الْمُحَرَّمَ فَيَشْمَلُ الْمَكْرُوهَ قُلْنَا هَذَا خِلَافُ اصْطِلَاحِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسَاوَمَةَ إنَّمَا كَانَتْ أَفْضَلَ لِأَنَّ الْمُرَابَحَةَ تَحْتَاجُ لِصِدْقٍ مَتِينٍ، وَالْمُزَايَدَةُ تُورِثُ الضَّغَائِنَ، وَبَقِيَ الِاسْتِيمَانُ فَقَدْ قَالَ فِي شَرْحِ شب.

وَأَمَّا بَيْعُ الِاسْتِرْسَالِ وَالِاسْتِيمَانِ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ هُنَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ حَالَ الْجَهْلِ بِالسِّعْرِ اهـ. أَيْ فَلَا يَأْتِي فِيهِ مُمَاكَسَةٌ وَلَا مُشَاحَحَةٌ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ يَتَوَقَّفُ أَيْضًا عَلَى صِدْقٍ مَتِينٍ فَالْعُدُولُ إلَى الْمُسَاوَمَةِ أَحْسَنُ، وَالْمُشْتَرِي يُعْطِي مِنْ دِرْهَمٍ فَأَكْثَرَ نَعَمْ يُقَالُ هَذَا لَا يَتَأَتَّى لِكُلِّ النَّاسِ، وَلَا فِي كُلِّ شَيْءٍ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ مَعْهُودٌ مُعَيَّنٌ) أَيْ مَعْهُودٌ خَارِجِيٌّ تَقَدَّمَ عِلْمًا لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فَلَا يَنْصَرِفُ اللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَّا إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ ثَمَنُ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ) أَيْ مُرَابَحَةً أَيْ الَّذِي قَصَدَ الْبَائِعُ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً (قَوْلُهُ لَيْسَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الَّذِي يَشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ لَهُ مُرَابَحَةً (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ السَّلَمِ الْحَالِّ) أَرَادَ بِالْحُلُولِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ أَجَلُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَيَكُونُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْمُشْتَرِيَ مُرَابَحَةً (قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَكُونُ حِينَئِذٍ أَشَارَ بِقَوْلِهِ، وَهَلْ مُطْلَقًا لِتَأْوِيلِ الْخِلَافِ مُرَجِّحًا لِكَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ طَارِحًا لِكَلَامِ أَشْهَبَ، وَقَوْلُهُ أَوْ إنْ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي إشَارَةٌ لِتَأْوِيلِ الْوِفَاقِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَجَازَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمُقَوَّمٍ، وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ، وَهَلْ خِلَافُ تَأْوِيلَانِ لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ أَمْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَيْ وَيَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهِ، وَإِلَّا مُنِعَ بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ إذْ الْخِلَافُ إلَخْ) وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمُقَوَّمِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ فَيَشْمَلُ الْمِثْلِيَّ غَيْرَ الْعَيْنِ

(قَوْلُهُ وَحُسِبَ رِبْحٌ) وَأَحْرَى أَصْلٌ (قَوْلُهُ كَصَبْغٍ) الْمُنَاسِبُ لِمَا بَعْدَهُ فَتْحُ الصَّادِرِ مُرَادًا مِنْهُ الْمَصْدَرُ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ تَمْثِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ مَعْنَاهُ مَا لِأَثَرِهِ عَيْنٌ قَائِمَةٌ، وَإِنْ كُسِرَتْ كَانَ تَشْبِيهًا فِيهِ، وَعَلَى جَعْلِهِ تَشْبِيهًا لَمْ يُمَثِّلْ لِلْمُشَبَّهِ بِهِ، وَحَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ مَا لِأَثَرِهِ عَيْنٌ قَائِمَةٌ إنْ تَوَلَّاهُ الْبَائِعُ بِنَفْسِهِ أَوْ عُمِلَ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَإِنَّهُ لَا يُحْسَبُ أَيْ عِوَضُ الْعَمَلِ فِيهِ، وَلَا يُحْسَبُ رِبْحُهُ، وَأَمَّا إنْ عُمِلَ لَهُ بِأَجْرٍ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ، وَيُحْسَبُ رِبْحُهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يَتَوَلَّى فِعْلَهُ بِنَفْسِهِ أَمْ لَا، وَهَذَا مَا أَرَادَهُ شَارِحُنَا بِكَلَامِهِ، وَأَمَّا مَا يُصْبَغُ بِهِ أَوْ يُخَاطُ بِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يُحْسَبُ هُوَ، وَلَا رِبْحُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اشْتَرَاهُ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ هُوَ، وَرِبْحُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>