للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يُشْكِلُ مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَفِي الطَّعَامِ إنْ حَلَّ لِاجْتِمَاعِ عَدَمِ الْحُلُولِ، وَكَوْنِهِ قَبْلَ الْمَحَلِّ (ص) كَقَبْلَ مَحَلِّهِ فِي الْعَرْضِ مُطْلَقًا (ش) التَّشْبِيهُ فِي جَوَازِ قَبُولِ الصِّفَةِ فَقَطْ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْعَرْضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ قَبْلَ الْمَحَلِّ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ الْقَبْضُ سَوَاءٌ حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْعَرْضِ بَيْنَ الثِّيَابِ وَالْجَوَاهِرِ وَاللَّآلِئِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْعَرْضِ كُلْفَةٌ أَمْ لَا (ص) وَفِي الطَّعَامِ إنْ حَلَّ (ش) أَيْ وَيَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَقْبَلَ الطَّعَامَ الْمُسْلَمَ فِيهِ قَبْلَ مَحَلِّهِ الَّذِي اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يُوفِيَهُ فِيهِ بِشَرْطِ أَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ، وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا فِي الذِّمَّةِ عُدَّ مُسَلِّفًا، وَقَدْ ازْدَادَ الِانْتِفَاعُ بِإِسْقَاطِ الضَّمَانِ عَنْهُ إلَى الْأَجَلِ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ فِي غَيْرِ بَلَدِ السَّلَمِ فَأَشْبَهَ عَدَمَ الْحُلُولِ.

وَقَوْلُهُ (إنْ لَمْ يَدْفَعْ كِرَاءً) رَاجِعٌ لِلطَّعَامِ، وَالْعَرْضِ فَإِنْ دَفَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ كِرَاءً لِحَمْلِهِ إلَى مَحَلِّهِ مُنِعَ لِأَنَّ الْبُلْدَانَ بِمَنْزِلَةِ الْآجَالِ، وَيَزِيدُ فِي الطَّعَامِ بَيْعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالنَّسِيئَةِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عَنْ الطَّعَامِ الَّذِي يَجِبُ لَهُ لِيَسْتَوْفِيَهُ مِنْ نَفْسِهِ فِي بَلَدِ الشَّرْطِ وَالتَّفَاضُلِ، وَفِيهِ وَفِي غَيْرِهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا إذَا كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ، وَبَيْعٌ، وَسَلَفٌ، وَحُطَّ الضَّمَانَ، وَأَزِيدُك إذَا كَانَ فِي مَوْضِعِ الِاشْتِرَاطِ أَرْخَصَ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ، وَوَجْهُ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَنَّهُ لَمَّا دَفَعَ الطَّعَامَ مَعَ الْكِرَاءِ قَوَّى ذَلِكَ جَانِبَ الْبَيْعِ، وَصَارَ الْمَأْخُوذُ فِي مُقَابَلَةِ الطَّعَامِ الَّذِي عَلَيْهِ فَقَدْ بَاعَ الْمُسْلِمُ الطَّعَامَ الَّذِي عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِهَذَا الْمَأْخُوذِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَدْفَعْ كِرَاءً فَإِنَّ الطَّعَامَ الْمَأْخُوذَ هُوَ الَّذِي جِهَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (ص) وَلَزِمَ بَعْدَهُمَا (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ يَرْجِعُ لِلْمَحَلِّ وَالْأَجَلِ أَيْ وَلَزِمَ الْمُسْلِمَ قَبُولُ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ حَيْثُ حَلَّ الْأَجَلُ، وَكَانَ الْمُسْلِمُ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي بَلَدِ الشَّرْطِ كَمَا يَلْزَمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ الدَّفْعُ إذَا طُلِبَ مِنْهُ، وَبِعِبَارَةٍ أَيْ وَلَزِمَ أَيْ الْوَاجِبُ دَفْعًا وَقَبُولًا بَعْدَهُمَا: بَعْدِيَّةُ الزَّمَانِ بَعْدِيَّةَ انْقِضَاءٍ، وَبَعْدِيَّةُ الْمَحَلِّ بَعْدِيَّةَ وُصُولٍ؛ أَيْ بَعْدَهُمَا انْقِضَاءً وَوُصُولًا (ص) كَقَاضٍ إنْ غَابَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْقَبُولِ أَيْ إذَا غَابَ الْمُسْلِمُ عَنْ مَوْضِعِ الْقَبْضِ، وَلَا، وَكِيلَ لَهُ، وَأَتَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِلْقَاضِي بِالشَّيْءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ فَقَوْلُهُ إنْ غَابَ أَيْ وَلَا وَكِيلَ لَهُ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقَاضِي

(ص) وَجَازَ أَجْوَدُ، وَأَرْدَأُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ بَعْدَ الْأَجَلِ، وَالْمَحَلِّ أَنْ يَقْبَلَ الْمُسْلَمَ فِيهِ إذَا دَفَعَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ أَجْوَدَ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ أَوْ أَرْدَأَ لِأَنَّ ذَلِكَ حُسْنُ قَضَاءٍ فِي الْأَوَّلِ، وَحُسْنُ اقْتِضَاءٍ فِي الثَّانِي (ص) لَا أَقَلَّ (ش) أَيْ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ أَقَلَّ قَدْرًا كَعَشَرَةٍ عَنْ أَحَدَ عَشَرَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَأْخُوذُ الْأَقَلَّ بِصِفَةٍ مَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ أَجْوَدَ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ أَوْ أَرْدَأَ مِنْهُ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا مَنْ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةُ إرْدَبٍّ سَمْرَاءَ إلَى أَجَلٍ فَلَمَّا حَلَّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَلَا يُشْكِلُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَفِي الطَّعَامِ إنْ حَلَّ مَفْهُومُهُ إنْ لَمْ يَحِلَّ يُمْنَعُ، وَهُوَ صَحِيحٌ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الْمَحَلِّ فَلَوْ عَمَّمْنَا هُنَا، وَقُلْنَا قَبْلَ الْمَحَلِّ أَوْ بَعْدَ الْمَحَلِّ لَنَاقَضَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إنَّ كَلَامَهُ هُنَا شَامِلٌ لِلطَّعَامِ، وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ كَقَبْلَ مَحَلِّهِ فِي الْعَرْضِ مُطْلَقًا) حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْجَوَازِ مِنْ حُلُولِ أَجَلِ الْعَرْضِ (قَوْلُهُ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا) أَيْ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَفِيهِ أَيْضًا بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ مَا عَجَّلَهُ عِوَضٌ عَنْ الطَّعَامِ الَّذِي لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْآنَ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ، وَلَوْ فِي مَحَلِّهِ فَكَانَ قَضِيَّتُهُ الْمَنْعَ مَعَ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي التَّعْلِيلِ لِأَنَّهُ تَقَوَّى جَانِبُ السَّلَفِ بِاجْتِمَاعِ عَدَمِ الْحُلُولِ لِقَبَلِيَّةِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ فِي غَيْرِ بَلَدِ السَّلَمِ فَأَشْبَهَ عَدَمَ الْحُلُولِ) أَيْ فَقَدْ عُجِّلَ قَبْلَ الْأَجَلِ، وَالْمُعَجِّلُ لِمَا فِي الذِّمَّةِ يُعَدُّ مُسَلِّفَا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ جَعْلَهُ تَعْلِيلًا مُسْتَقِلًّا مُقْتَضِيًا لِلْمَنْعِ فَيَقْتَضِي الْمَنْعَ حَتَّى فِي صُورَةِ الْجَوَازِ فَالْأَنْسَبُ حَذْفُ هَذَا التَّعْلِيلِ فَإِنْ قُلْت إنَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا فَقَدْ وُجِدَ عَدَمُ حُلُولَيْنِ قُلْت يَبْعُدُ ذَلِكَ سَوْقُهُ تَعْلِيلًا مُسْتَقِلًّا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبُلْدَانَ بِمَنْزِلَةِ الْآجَالِ) فَكَأَنَّهُ دَفَعَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ، وَفِيهِ أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ عِنْدَ عَدَمِ الْكِرَاءِ (قَوْلُهُ وَيَزِيدُ فِي الطَّعَامِ) تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ) أَيْ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ أَخَذَهُ عَنْ الطَّعَامِ، وَقَوْلُهُ لِيَسْتَوْفِيَهُ ظَاهِرُهُ الْمُسْلِمُ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَهُ عَنْ الطَّعَامِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ فَقَدْ اسْتَوْفَاهُ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ لِيَسْتَوْفِيَهُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ قَوْلُهُ لِيَسْتَوْفِيَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَبَضَهُ وَدِيعَةً، وَأَيْضًا لَا يَلْزَمُهُ ذَهَابُهُ لِبَلَدِ الشَّرْطِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلِأَنَّهُ لَمَّا دَفَعَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كَأَنَّهُ سَلَّفَهُ لَهُ أَوْ بَاعَهُ لَهُ لِيَقْبِضَ مِنْ نَفْسِهِ فِي بَلَدِ الشَّرْطِ، وَقَوْلُهُ وَالتَّفَاضُلُ لِأَنَّ هَذَا الْكِرَاءَ يُقَدَّرُ طَعَامًا (قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ) فَكَأَنَّ الْمُسْلِمَ أَسْلَفَ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ ذَلِكَ الدِّينَارَ الَّذِي أَخَذَهُ كِرَاءً، وَمَا أَخَذَهُ مِنْ الطَّعَامِ نَفْعًا، وَهُوَ الْإِرْدَبُّ الَّذِي لَمْ يَقَعْ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ (قَوْلُهُ وَبِيعَ وَسُلِّفَ) أَيْ فَمَا وَقَعَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ الطَّعَامِ بِيعَ، وَمَا وَقَعَ فِي مُقَابَلَةِ الدِّينَارِ الْمَدْفُوعِ كِرَاءً سُلِّفَ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ فِي مَوْضِعِ الِاشْتِرَاطِ أَرْخَصَ) أَيْ فَالْمُسْلِمُ حَطَّ الضَّمَانَ عَنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَزَادَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ زِيَادَةَ الثَّمَنِ الَّذِي يُبَاعُ بِهِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الشَّرْطِ فَإِذَا كَانَ يُبَاعُ فِي بَلَدِ الشَّرْطِ بِدِينَارٍ، وَفِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَعْطَاهُ لَهُ بِدِينَارَيْنِ فَالدِّينَارُ الثَّانِي هُوَ الزِّيَادَةُ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ بَعْدَهُمَا) أَيْ إذَا أَتَاهُ بِجَمِيعِهِ فَإِنْ أَتَاهُ بِبَعْضِهِ لَمْ يَلْزَمْ حَيْثُ كَانَ الْمَدِينُ مُوسِرًا (قَوْلُهُ بَعْدِيَّةُ الزَّمَانِ بَعْدِيَّةَ انْقِضَاءٍ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ لَيْسَ بِمُرَادٍ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ فَأَفَادَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى انْقِضَاءِ الزَّمَانِ، وَاعْلَمْ أَنَّ بَعْدَ فِي الْمَكَانِ قَلِيلٌ، وَفِي الزَّمَانِ كَثِيرٌ فَفِيهِ اسْتِعْمَالُ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ (قَوْلُهُ كَقَاضٍ) اعْلَمْ أَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ «السُّلْطَانَ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» انْتَهَى، وَالْقَاضِي نَائِبٌ مَنَابَ السُّلْطَانِ

(قَوْلُهُ وَجَازَ أَجْوَدُ) عَبَّرَ بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ هِبَةٌ، وَلَا يَلْزَمُ قَبُولُهَا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَأْخُوذُ الْأَقَلَّ بِصِفَةٍ إلَخْ) هَذَا مَا لِأَبِي الْحَسَنِ، وَاَلَّذِي لِابْنِ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ الْمَوَّاقِ ارْتِضَاؤُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِالصِّفَةِ جَازَ أَبْرَأَهُ مِمَّا زَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>