للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعْتَادَهَا الْقَاضِي قَبْلَ الْوِلَايَةِ قَوْلَانِ (ص) وَمُبَايَعَتُهُ مُسَامَحَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمِدْيَانِ وَذِي الْجَاهِ، وَالْقَاضِي مُسَامَحَةً حَرَامٌ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْأَجَلِ، أَوْ بَعْدَهُ وَحَيْثُ لَا مُسَامَحَةَ لَا تَحْرِيمَ فَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ، وَالْكَرَاهَةَ وَهُمَا قَوْلَانِ وَبِعِبَارَةِ مُسَامَحَةً، أَيْ: بِغَيْرِ ثَمَنِ الْمِثْلِيِّ فَإِنْ وَقَعَ رُدَّ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَفِيهِ الْقِيمَةُ فِي الْمُقَوَّمِ، وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ

(ص) ، أَوْ جَرُّ مَنْفَعَةٍ (ش) إمَّا أَنَّهُ بِالْوَاوِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ بِأَوْ كَمَا أَنَّهُ فِي بَعْضِهَا وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَهُوَ مَصْدَرٌ مَعْطُوفٌ عَلَى هَدِيَّةٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ، أَيْ: وَحَرُمَ هَدِيَّةٌ وَحَرُمَ جَرُّ مَنْفَعَةٍ، أَيْ: فِي الْقَرْضِ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا حَصَلَ لِلْمُقْرِضِ مَنْفَعَةُ مَا فَاتَهُ لَا يَجُوزُ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَمَحُّضِ كَوْنِ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُقْتَرَضِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا يَجُوزُ سَلَفُ شَاةٍ مَسْلُوخَةٍ لِيَأْخُذَ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا وَكَذَا، وَمِثْلُهُ مَنْ يَدْفَعُ قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْ الدَّقِيقِ لِخَبَّازٍ فِي قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْخُبْزِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرًا مُعَيَّنًا، وَمِثْلُهُ مَنْ يَبِيعُ الدَّقِيقَ، أَوْ الشَّاةَ بِقَدْرٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بِهَا قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْ الْخُبْزِ، أَوْ اللَّحْمِ؛ لِأَنَّهُ اقْتَضَاهُ عَنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ طَعَامٌ، أَوْ اللَّحْمِ لَحْمٌ

(ص) كَشَرْطِ عَفِنٍ بِسَالِمٍ وَدَقِيقٍ، أَوْ كَعْكٍ بِبَلَدٍ، أَوْ خُبْزِ فُرْنٍ بِمَلَّةٍ، أَوْ عَيْنٍ عَظُمَ حَمْلُهَا (ش) هَذَا مِثَالٌ لِمَا يَجُرُّ الْمَنْفَعَةَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَسْلَفَهُ طَعَامًا عَفِنًا بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ طَعَامًا سَالِمًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَالْمَنْعُ فِي هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا مَعَ الشَّرْطِ وَيَجُوزُ قَضَاءُ مَا ذُكِرَ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ، وَالْبَاءُ لِلظَّرْفِيَّةِ وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُسْلِفَ دَقِيقًا بِبَلَدٍ بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَلَوْ كَانَ لِلْحَاجِّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْفِيفِ مُؤْنَةِ حَمْلِهِ وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُسْلِفَ كَعْكًا بِبَلَدٍ بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ لِمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ بِبَلَدٍ، أَيْ: لِيَأْخُذَ بَدَلَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ، وَالْمُرَادُ بِالْبَلَدِ الْمَكَانُ وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُسْلِفَهُ خُبْزَ فُرْنٍ بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ خُبْزَ مَلَّةٍ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ يَجُرُّ مَنْفَعَةً وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَدْفَعَ الشَّخْصُ لِصَاحِبِهِ عَيْنًا، أَيْ: ذَاتًا عِنْدَهُ عَظُمَ حَمْلُهَا وَيَشْتَرِطُ أَخْذَهَا فِي بَلَدٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ غَرَرَ الطَّرِيقِ وَمُؤْنَةَ الْحَمْلِ وَقَوْلُنَا، أَيْ: ذَاتًا لِيَشْمَلَ النَّقْدَ وَغَيْرَهُ كَقَمْحٍ وَعَسَلٍ وَنَحْوِهِمَا، وَالْمَلَّةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ اسْمٌ لِلرَّمَادِ الْحَارِّ الَّذِي يُخْبَزُ بِهِ، أَوْ اسْمٌ لِلْحُفْرَةِ الَّتِي يُجْعَلُ فِيهَا الرَّمَادُ الْمَذْكُورُ، أَوْ اسْمٌ لَمَا يُخْبَزُ فِيهَا وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ بِخُبْزِ مَلَّةٍ، وَأَمَّا خُبْزُ فُرْنٍ بِمِثْلِهِ وَخُبْزُ مَلَّةٍ بِمِثْلِهِ فَيَجُوزُ مَعَ تَحَرِّي مَا فِيهِمَا مِنْ الدَّقِيقِ، وَلَا يَكْفِي وَزْنُهُمَا كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَاعْتُبِرَ الدَّقِيقُ فِي خُبْزٍ بِمِثْلِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ هُنَا، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ وَزْنُهُمَا وَهَذَا إذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ رِبَوِيٍّ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ جِنْسَيْنِ، أَوْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ غَيْرِ رِبَوِيٍّ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ وَزْنُهُمَا فَقَطْ.

(ص) كَسَفْتَجَةٍ (ش) هُوَ مِثَالٌ لِتِلْكَ الْعَيْنِ الْعَظِيمَةِ الْحَمْلِ وَهِيَ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ وَبِالْجِيمِ لَفْظَةٌ أَعْجَمِيَّةٌ تُجْمَعُ عَلَى سَفَاتِجَ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْكِتَابُ الَّذِي يُرْسِلُهُ الْمُقْتَرِضُ إلَى وَكِيلِهِ لِيَدْفَعَ لِحَامِلِهِ بِبَلَدِ آخَرَ نَظِيرَ مَا تَسَلَّفَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسَلِّفَ انْتَفَعَ بِحِرْزِ مَالِهِ مِنْ آفَاتِ الطَّرِيقِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْهَلَاكُ وَقَطْعُ الطَّرِيقِ غَالِبًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَعُمَّ الْخَوْفُ) ، أَيْ: إلَّا أَنْ يَغْلِبَ الْخَوْفُ فِي جَمِيعِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَمُبَايَعَتُهُ مُسَامَحَةً) ، وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ بَيْعُ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ مُسَامَحَةً فَيُكْرَهُ فَقَطْ خَشْيَةَ أَنْ يَحْمِلَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ الْمَدِينُ فِي الثَّمَنِ لِيُؤَخِّرَهُ، أَوْ يَعْمَلَا عَلَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: بَيْعُ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمِدْيَانِ) ، أَيْ: بَيْعُ الْمِدْيَانِ لِرَبِّ الدَّيْنِ مُسَامَحَةً، وَقَوْلُهُ: وَذِي الْجَاهِ، أَيْ: يَبِيعُ لِذِي الْجَاهِ، وَالْقَاضِي مُسَامَحَةً (قَوْلُهُ: وَهُمَا قَوْلَانِ) لَعَلَّ وَجْهَ الْكَرَاهَةِ أَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ رُبَّمَا تُجَرُّ إلَى غَيْرِهَا مِمَّا لَمْ يَكُنْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ.

(قَوْلُهُ: وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ) إنَّمَا كَانَتْ، أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْدَادُ مَا كَانَ مُحَرَّمًا فَلَا يُنَاسِبُ الْإِتْيَانَ بِأَوْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ (قَوْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي شَرْحِ الشَّامِلِ مِمَّا يُوهِمُ أَنَّهُ إذَا قَلَّ مَا حَصَلَ لِلْمُقْرِضِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ سَلَفُ شَاةٍ مَسْلُوخَةٍ) وَأَوْلَى غَيْرِ مَسْلُوخَةٍ ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَقَعَ عَقْدُ السَّلَفِ عَلَى شَاةٍ غَيْر مَسْلُوخَةٍ بِأَرْطَالٍ مُعَيَّنَةٍ لِيَأْخُذَ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا وَكَذَا أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ مَعَ أَنَّ فِيهِ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً، وَقَوْلُهُ: مَنْ يَدْفَعُ قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْ الدَّقِيقِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ الْقَمْحِ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ مَعَ أَنَّ فِيهِ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ الْمَنْعُ لِمَا قُلْنَاهُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ الْجَوَازَ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: كَشَرْطِ عَفِنٍ) أَيْ كَشَرْطِ تَبْدِيلِهِ، وَالْعَادَةُ الْعَامَّةُ، وَالْخَاصَّةُ كَالشَّرْطِ (قَوْلُهُ: اسْمٌ لِلرَّمَادِ الْحَارِّ) اعْلَمْ أَنَّ خُبْزَ الْمَلَّةِ خُبْزٌ يُخْبَزُ فِي الرَّمَادِ الْحَارِّ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْبَوَادِي وَفِي الْمَغْرِبِ يَخْرُجُ لَذِيذًا نَقِيًّا شِبْهَ الْفَطِيرِ الَّذِي يُجْعَلُ فِي النَّارِ وَيَنْضَجُ شَيْئًا فَشَيْئًا لَا مَا فِي عب مِنْ أَنَّهُ خُبْزُ الْحَصَاوِي إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ التَّشْبِيهَ (قَوْلُهُ: هُوَ مِثَالٌ إلَخْ) أَيْ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ: كَمَضْمُونِ سَفْتَجَةٍ، أَيْ: مَا تَضَمَّنَتْهُ السَّفْتَجَةُ مِنْ الْعَيْنِ الْعَظِيمَةِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَعُمَّ الْخَوْفُ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَغْلِبْ الْمَخُوفُ أَيْ مِنْ الْهَلَاكِ مَثَلًا فَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ الْخَوْفُ مَعْنَاهُ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ الْمَخُوف، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ غَلَبَ، أَيْ: غَلَبَ الْمَخُوفُ أَيْ كَانَ هُوَ الْغَالِبَ لَا فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ، أَوْ كَانَ هُوَ الْغَالِبَ فِي جَمِيعِهَا لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّيْخِ سَالِمٍ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ الْخَوْفُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَاللَّخْمِيِّ يُرِيدُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْهَلَاكُ وَقَطْعُ الطَّرِيقِ غَالِبًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَالِبُ صَارَتْ ضَرُورَةً وَأُجِيزَتْ صِيَانَةً لِلْأَمْوَالِ اهـ وَقَوْلُ الشَّارِحِ لَا فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ، أَيْ: بَلْ فِي بَعْضِهِ، أَيْ: وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَبْعَدَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ الظَّنَّ كَمَا يُفِيدُهُ عب حَيْثُ قَالَ فَإِنْ شَكَّ فِي الْهَلَاكِ، أَوْ قَطْعِ الطَّرِيقِ إلَخْ

<<  <  ج: ص:  >  >>