للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَتَّفِقَا فِي الْجِنْسِ كَكِسَاءٍ وَكِسَاءٍ أَوْ ثَوْبَيْنِ هَرَوِيَّيْنِ، أَوْ مَرْوِيَّيْنِ الثَّانِي أَنْ يَتَّفِقَا فِي الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الْعُرُوضَ يَبْعُدُ مَعَهَا قَصْدُ الْمُكَايَسَةِ، وَالْمُغَالَبَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَرَضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ وَالطَّعَامَ فَيَشْمَلُ الْحَيَوَانَ

(ص) كَأَنْ اخْتَلَفَا جِنْسًا وَاتَّفَقَا أَجَلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ دَيْنَيْ الْعَرَضِ تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا وَإِنْ اخْتَلَفَا جِنْسًا كَكِسَاءٍ وَثَوْبٍ بِشَرْطِ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْأَجَلِ سَوَاءٌ حَلَّ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ اتِّفَاقَ الْأَجَلِ فِي الْعَرَضِ يَبْعُدُ مَعَهُ قَصْدُ الْمُكَايَسَةِ، وَالْمُغَالَبَةِ كَمَا يَبْعُدُ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي الصِّفَةِ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْجَوَازِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا بَيَانٌ لِحُكْمٍ مَفْهُومٍ قَوْلُهُ إنْ اتَّفَقَا جِنْسًا، وَأَمَّا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَصِفَةً فَقَدْ أَشَارَ لَهُ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اتَّحَدَا جِنْسًا، وَالصِّفَةُ مُتَّفِقَةٌ إلَخْ عَلَى أَنَّ الِاتِّفَاقَ فِي الصِّفَةِ يَتَضَمَّنُ الِاتِّفَاقَ فِي الْجِنْسِ فَلَوْ حُذِفَ قَوْلُهُ: جِنْسًا مَا ضَرَّهُ، ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْجِنْسِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِي مَسَائِلِ الْعَرَضِ كُلِّهَا النَّوْعُ؛ لِأَنَّ الْعَرَضَ كُلَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَقَوْلُهُ: كَأَنْ اخْتَلَفَا إلَخْ هَذَا بَيْعٌ فِي الْحَقِيقَةِ فَإِطْلَاقُ الْمُقَاصَّةِ عَلَيْهِ مَجَازٌ

(ص) وَإِنْ اخْتَلَفَا أَجَلًا مُنِعَتْ إنْ لَمْ يَحِلَّا، أَوْ أَحَدُهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَرَضَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ يُرِيدُ مَعَ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْجِنْسِ أَيْضًا كَكِسَاءٍ وَجُوخٍ فَإِنَّ الْمُقَاصَّةَ فِيهِمَا حِينَئِذٍ لَا تَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ دَيْنٍ فِي مُؤَخَّرٍ فَإِنْ حَلَّا، أَوْ أَحَدُهُمَا جَازَتْ إذْ يَنْتَفِي الْقَصْدُ إلَى الْمُكَايَسَةِ، وَالْمُغَالَبَةِ مَعَ حُلُولِهِمَا، أَوْ حُلُولِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْأَخِيرِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ الْمَنْعُ لِاخْتِلَافِ الْأَجَلِ ابْنُ مُحْرِزٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدِي

(ص) وَإِنْ اتَّحَدَا جِنْسًا، وَالصِّفَةُ مُتَّفِقَةٌ، أَوْ مُخْتَلِفَةٌ جَازَتْ إنْ اتَّفَقَ الْأَجَلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَرَضَيْنِ إذَا اتَّحَدَا فِي الْجِنْسِ كَثَوْبٍ وَثَوْبٍ، وَالصِّفَةُ مُخْتَلِفَةٌ بِجَوْدَةٍ وَرَدَاءَةٍ كَثِيَابٍ هَرَوِيَّةٍ وَأُخْرَى مَرْوِيَّةٍ فَإِنَّ الْمُتَارَكَةَ تَجُوزُ فِيهِمَا بِشَرْطِ أَنْ يَتَّفِقَ أَجَلُهُمَا بِأَنْ أَجَّلَا إلَى أَجَلٍ وَاحِدٍ وَأَحْرَى لَوْ حَلَّا لِبَعْدِ التُّهْمَةِ مَعَ اتِّفَاقِ الْأَجَلِ، وَأَمَّا مَعَ اتِّفَاقِ الصِّفَةِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَالْجَوَازُ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ بَلْ يَجُوزُ وَلَوْ لَمْ يَتَّفِقْ الْأَجَلَانِ كَمَا مَرَّ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ، وَالصِّفَةُ مُتَّفِقَةٌ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَهَا يُوهِمُ أَنَّ الْجَوَازَ حِينَئِذٍ مُقَيَّدٌ بِاتِّفَاقِ الْأَجَلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ

(ص) ، وَإِلَّا فَلَا مُطْلَقًا (ش) ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ الْأَجَلُ بَلْ اخْتَلَفَ أَجَلُهُمَا مَعَ اخْتِلَافِ الصِّفَةِ فَإِنَّ الْمُقَاصَّةَ لَا تَجُوزُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ، أَوْ اخْتَلَفَا هَذَا مَا فِي شَرْحِ الْمُؤَلِّفِ أَيْ الشَّيْخِ بَهْرَامَ فَقَوْلُهُ مُطْلَقًا رَاجِعٌ لِلْمَنْعِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا فَكَأَنَّهُ قَالَ، وَإِلَّا فَيَمْتَنِعُ مُطْلَقًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ بَعْدَ قَوْلِهِ فَلَا، أَيْ: فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا بَلْ عَلَى تَفْصِيلٍ لِابْنِ شَاسٍ اُنْظُرْهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ

وَلَمَّا كَانَ الرَّهْنُ يَتَسَبَّبُ عَنْ الدَّيْنِ مِنْ قَرْضٍ تَارَةً وَمِنْ بَيْعٍ أُخْرَى وَأَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الدَّيْنَيْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِنْ مُقَاصَّةٍ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَسَبَّبُ عَنْهُمَا مِنْ رَهْنٍ وَنَحْوِهِ فَقَالَ (بَابٌ ذِكْرُ الرَّهْنِ وَحْدَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) وَهُوَ لُغَةً اللُّزُومُ، وَالْحَبْسُ وَكُلُّ مَلْزُومٍ. قَالَ تَعَالَى {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: ٣٨] ، أَيْ: مَحْبُوسَةٌ، وَالرَّاهِنُ دَافِعُهُ، وَالْمُرْتَهِنُ بِالْكَسْرِ آخِذُهُ وَيُقَالُ مُرْتَهَنٌ بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ عِنْدَهُ الرَّهْنُ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَحِلَّا، أَوْ أَحَدُهُمَا) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَحِلَّا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَحِلَّا يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِيمَا إذَا حَلَّ أَحَدُهُمَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ أَحَدُهُمَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَلَمْ يَحِلَّ أَحَدُهُمَا.

(قَوْلُهُ: إنْ اتَّفَقَ الْأَجَلَانِ) لِبُعْدِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ كَانَ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ، وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ (قَوْلُهُ: بَلْ عَلَى تَفْصِيلٍ) وَهُوَ إنْ أَدَّى إلَى ضَعْ وَتَعَجَّلْ، أَوْ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك مُنِعَ، وَإِلَّا فَلَا كَانَا مِنْ بَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ، وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ وَتَفْصِيلُهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَا مِنْ بَيْعٍ، وَالْحَالُّ، أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا أَكْثَرُ أَوْ أَجْوَدُ مُنِعَ لِلْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَ أَدْنَى، أَوْ أَقَلَّ مُنِعَ لِلْعِلَّةِ الْأُولَى وَإِنْ كَانَا مِنْ قَرْضٍ، وَالْحَالُّ، أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا أَدْنَى، أَوْ أَقَلُّ مُنِعَ لِلْعِلَّةِ الْأُولَى وَإِنْ كَانَ أَجْوَدَ جَازَ إذْ لَا ضَمَانَ فِي الْقَرْضِ فَلَا يَجْرِي فِيهِ حُطُّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ قَبُولُهُ بِخِلَافِ السَّلَمِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ عَدَدًا مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْقَرْضِ وَإِنْ كَانَا أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ، وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ فَإِنْ كَانَ الْحَالُّ، أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا هُوَ الْقَرْضُ مُنِعَتْ الْمُقَاصَّةُ، وَسَوَاءٌ كَانَ أَجْوَدَ، أَوْ أَدْنَى، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ وَإِنْ كَانَ الْحَالُّ، أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا مِنْ بَيْعٍ وَهُوَ أَجْوَدُ جَازَتْ الْمُقَاصَّةُ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ عَنْ الْقَرْضِ وَلَيْسَ فِيهِ ضَمَانٌ وَإِنْ كَانَ أَدْنَى مُنِعَتْ.

[بَابٌ ذِكْرُ الرَّهْنِ وَحْدَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

(قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) ، أَيْ: نَحْوُ الرَّهْنِ وَهُوَ الْفَلَسُ (بَابُ الرَّهْنِ) (قَوْلُهُ: وَحْدَهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ الرَّهْنُ، وَقَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْ مِنْ الْمَسَائِلِ (قَوْلُهُ: اللُّزُومُ) لَا يَخْفَى أَنَّ اللُّزُومَ مُتَعَدٍّ تَقُولُ لَزِمْت الشَّيْءَ فَأَنَا لَازِمٌ لَهُ وَهُوَ مَلْزُومٌ، وَقَوْلُهُ: وَالْحَبْسُ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ تَقُولُ رَهَنْت الْمَتَاعَ بِالدَّيْنِ حَبَسْته بِهِ فَهُوَ مَرْهُونٌ فَالْعَطْفُ مُغَايِرٌ، وَقَوْلُهُ: وَكُلُّ مَلْزُومٍ، أَيْ: إنَّ الرَّهْنَ لُغَةً كُلُّ مَلْزُومٍ فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ لُغَةً يَأْتِي لِمَعَانٍ ثَلَاثَةٍ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الثَّالِثِ مِنْ التَّسَامُحِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَلْزُومٌ يُفَسَّرُ بِهِ مَرْهُونٌ لَا الرَّهْنُ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ.

وَقَوْلُهُ: قَالَ تَعَالَى دَلِيلٌ لِكَوْنِ الرَّهْنِ يَأْتِي بِمَعْنَى الْحَبْسِ إلَّا أَنَّهُ دَلِيلٌ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ وَفِي الْمِصْبَاحِ، وَالتَّنْبِيهِ مُوَافَقَةُ الشَّارِحِ فِي كَوْنِ الرَّهْنِ يَأْتِي بِمَعْنَى الْحَبْسِ وَخَالَفَاهُ فِي اللُّزُومِ؛ لِأَنَّهُمَا ذَكَرَا أَنَّ الْمَعْنَى الثَّانِيَ لِلرَّهْنِ هُوَ الثُّبُوتُ، وَالدَّوَامُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ عِنْدَهُ الرَّهْنَ) فَيَكُونُ مُرْتَهَنٌ بِالْفَتْحِ اسْمُ مَكَان (قَوْلُهُ: وَيُطْلَقُ) ، أَيْ: مُرْتَهَنٌ بِالْفَتْحِ كَمَا هُوَ الْمُنَاسِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>