للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الرَّهْنِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ مِنْ الِاشْتِغَالِ عَنْ مَصْلَحَةِ السَّيِّدِ مَا لَا يَحْصُلُ بِالرَّهْنِ

(ص) وَآبِقٌ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، أَوْ غَرَرًا، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ رَهْنُ الْغَرَرِ كَالْعَبْدِ الْآبِقِ، وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ لِيَسَارَةِ الْغَرَرِ فِيهِ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْجَنِينِ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ فِيهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْآبِقُ مَقْبُوضًا حَالَ حُصُولِ الْمَانِعِ فَإِنْ قُبِضَ قَبْلَ الْمَانِعِ، ثُمَّ أَبِقَ وَحَصَلَ الْمَانِعُ حَالَ إبَاقِهِ كَانَ مُرْتَهِنُهُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ

(ص) وَكِتَابَةٍ وَاسْتَوْفَى مِنْهَا، أَوْ رَقَبَتِهِ إنْ عَجَزَ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَوَلِيٍّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْكِتَابَةَ يَجُوزُ رَهْنُهَا وَيُسْتَوْفَى مِنْ نُجُومِهَا إنْ لَمْ يَعْجِزْ فَإِنْ عَجَزَ اُسْتُوْفِيَ مِنْ رَقَبَتِهِ فَإِنْ فُلِّسَ الرَّاهِنُ بِيعَتْ النُّجُومُ وَاسْتُوْفِيَ مِنْهَا نَاجِزًا، وَلَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ الصَّبْرُ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْ النُّجُومِ فَقَوْلُهُ، أَوْ رَقَبَتِهِ، أَيْ: أَوْ مِنْ ثَمَنِ رَقَبَتِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى ضَمِيرِ الْجَرِّ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْجَارِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} [النساء: ١] ، وَمِثْلُ الْكِتَابَةِ الْمُكَاتَبُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ رَهْنُهُ وَيُسْتَوْفَى مِنْ كِتَابَتِهِ، أَوْ مِنْ رَقَبَتِهِ إنْ عَجَزَ وَعَدَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَجُوزُ رَهْنُ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يُبَاعُ، وَالْكِتَابَةَ تُبَاعُ وَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَمُكَاتَبٍ

(ص) وَخِدْمَةِ مُدَبَّرٍ وَإِنْ رَقَّ جُزْءٌ فَمِنْهُ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى آبِقٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ خِدْمَةَ الْمُدَبَّرِ يَجُوزُ رَهْنُهَا كُلُّهَا، أَوْ بَعْضُهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً سَوَاءٌ فِي الْعَقْدِ، أَوْ بَعْدَهُ وَيَسْتَوْفِي الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ مِنْهَا فَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ سَابِقٌ عَلَى التَّدْبِيرِ وَرَقَّ الْمُدَبَّرُ، أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يَسْتَوْفِي دَيْنَهُ مِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ الَّذِي رَقَّ، وَلَا مَفْهُومَ لِمُدَبَّرٍ، وَمِثْلُهُ خِدْمَةُ الْمُكَاتَبِ، وَالْمُخَدَّمِ، وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ فَيَجُوزُ رَهْنُ خِدْمَةِ مَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا خُصَّ الْمُدَبَّرُ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ

(ص) لَا رَقَبَتُهُ وَهَلْ يَنْتَقِلُ لِخِدْمَتِهِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَهْنُ رَقَبَةِ الْمُدَبَّرِ فِي دَيْنٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ التَّدْبِيرِ لِيُبَاعَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ أَمَّا فِي دَيْنٍ سَابِقٍ، أَوْ عَلَى أَنْ يُبَاعَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَجُوزُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ: الْآتِي فِي التَّدْبِيرِ وَلِلسَّيِّدِ رَهْنُهُ وَإِذَا رَهَنَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ قِنٌّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ فَهَلْ يَنْتَقِلُ الرَّهْنُ إلَى خِدْمَتِهِ وَتُبَاعُ لَهُ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ أَوْ يَبْطُلُ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ، وَلَا يَنْتَقِلُ لِخِدْمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَهَنَهُ الرَّقَبَةَ وَهِيَ لَا تُرْهَنُ قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ، وَأَمَّا لَوْ رَهَنَهُ عَلَى أَنَّهُ مُدَبَّرٌ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَلَا يَنْتَقِلُ لِخِدْمَتِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ كَذَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الشَّيْخُ خَضِرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَفِي وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْإِيلَادِ وَفِي الْمُكَاتَبِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ فَظَهَرَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ وَهَلْ يَنْتَقِلُ إلَخْ لَيْسَ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ لَا رَقَبَتُهُ خِلَافًا لِلشَّارِحِ

(ص) كَظُهُورِ حَبْسِ دَارٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْقَوْلَيْنِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا رَهَنَ رَقَبَةَ دَارٍ عَلَى أَنَّهَا مِلْكٌ لِرَاهِنِهَا، ثُمَّ ثَبَتَ وَقْفُهَا عَلَيْهِ فَهَلْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَلَا يَعُودُ لِمَنْفَعَتِهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَهَنَ الرَّقَبَةَ، أَوْ يَتَعَلَّقُ بِمَنْفَعَتِهَا وَكِرَائِهَا؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ كَجُزْءٍ مِنْهَا يَجُوزُ رَهْنُهُ فَلَا يَبْطُلُ هَذَا الْجُزْءُ بِبُطْلَانِ مَا أُخِذَ مِنْهُ قَوْلَانِ، وَأَمَّا لَوْ ظَهَرَتْ حَبْسًا عَلَى غَيْرِ رَاهِنِهَا لَمْ يَنْتَقِلْ الرَّهْنُ لِمَنَافِعِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ وَانْتَقَلَ الْحَقُّ لِغَيْرِهِ كَمَا فِي ح وَكَذَلِكَ لَوْ انْتَقَلَ الْحَقُّ لِغَيْرِهِ فِي حَيَاتِهِ كَمَا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَوْقِيتَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَانْقَضَتْ

(ص) وَمَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَانْتُظِرَ لِيُبَاعَ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى آبِقٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ رَهْنُ مَا خُلِقَ مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْغَرَرَ جَائِزٌ فِي هَذَا الْبَابِ فَإِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ، أَوْ فُلِّسَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَلَا مَالَ لَهُ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ بِذَلِكَ الثَّمَرِ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ إلَى بُدُوِّ الصَّلَاحِ، ثُمَّ يُبَاعُ وَيُسْتَوْفَى الدَّيْنُ وَهُوَ أَحَقُّ مِنْ الْغُرَمَاءِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَآبِقٍ) ، أَيْ: وَرَهْنُ آبِقٍ، وَالْمَصْدَرُ الْمُقَدَّرُ مُضَافٌ هُنَا لِلْمَفْعُولِ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ قَبْلُ فَلِلْفَاعِلِ.

(قَوْلُهُ: لِيَسَارَةِ الْغَرَرِ) أَيْ فَالتَّنْوِينُ فِي غَرَرٍ لِلنَّوْعِيَّةِ، أَيْ: نَوْعٍ مِنْ الْغَرَرِ وَهُوَ الْيَسِيرُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يُبَاعُ) ، أَيْ: وَظَاهِرُ اللَّفْظِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ يُبَاعُ فَإِنْ أُرِيدَ مِنْ رَهْنِهِ أَنَّهُ تُبَاعُ كِتَابَتُهُ لَا هُوَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّعْبِيرِ بِمُكَاتَبٍ، أَوْ بِكِتَابَةٍ، وَقَوْلُهُ: وَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ تَكْرَارٌ، أَيْ: مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَكْرَارٍ؛ لِأَنَّهُ فَاعِلٌ أَيْ هُوَ يَقَعُ مِنْهُ الرَّهْنُ وَهَذَا مَرْهُونٌ، أَيْ: وَاقِعٌ عَلَيْهِ عَقْدُ الرَّهْنِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى التَّدْبِيرِ، أَوْ مُتَأَخِّرًا وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ إذَا أُرِيدَ بَيْعُهُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فَيُبَاعُ لِدَيْنٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى التَّدْبِيرِ لَا مُتَأَخِّرٍ قَالَ عج وَيُبْطِلُ التَّدْبِيرَ دَيْنٌ سَبْقَا إنْ سَيِّدٌ حَيًّا، وَإِلَّا مُطْلَقَا (قَوْلُهُ: الْمُكَاتَبُ) يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ خِدْمَةُ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَإِلَّا فَلَا خِدْمَةَ عَلَى الْمُكَاتَبِ.

(قَوْلُهُ: لِيُبَاعَ إلَخْ) فَإِذَا رَهَنَا فَأَطْلَقَ فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا فَإِنْ رَهَنَهُ عَلَى أَنْ تُبَاعَ رَقَبَتُهُ مَتَى وَجَبَ الْحَقُّ فَالظَّاهِرُ لِمَا صَحَّ كَالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَنْتَقِلُ إلَخْ) الرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِخِدْمَتِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ مُدَبَّرٌ) ، أَيْ: لِيُبَاعَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فِي دَيْنٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَاطِلًا وَهُوَ قَوْلُهُ لَا رَقَبَتُهُ، وَأَمَّا لَوْ رَهَنَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ لِخِدْمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ إلَخْ) ، أَيْ: إذَا رَهَنَهُمَا عَلَى أَنَّهُمَا قِنَّانِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَهُمَا مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ، وَالْآخَرَ وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ فَالْقَوْلَانِ وَعَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ، وَالْآخَرَ وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ فَيَكُونُ بَاطِلًا (قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ تَتِمَّةِ إلَخْ) وَحَمَلَهُ التَّتَّائِيُّ وَالشَّارِحُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ لَا رَقَبَتُهُ وَفِي الْحَطَّابِ عَنْ اللَّخْمِيِّ مَا يُفِيدُهُ وَيَكْفِي هَذَا شَاهِدًا لِلْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: كَظُهُورِ حَبْسِ دَارٍ) قَالَ الْبَدْرُ مُقْتَضَى قَوْلِهِ ظُهُورِ أَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهَا وَقْفٌ وَغَرَّ فَإِنَّهُ يُتَّفَقُ عَلَى الرَّهْنِيَّةِ فِي الْغَلَّةِ فَلَوْ انْفَرَدَ الْمُرْتَهِنُ بِالْعِلْمِ فَلَا غَلَّةَ لَهُ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ فِي الْقَوْلَيْنِ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الِانْتِقَالِ كَالْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>