للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَوْتِ مَنْ قَتَلَ مَدِينَهُ فَإِنَّ دَيْنَهُ الْمُؤَجَّلَ لَا يَحِلُّ لِحَمْلِهِ عَلَى اسْتِعْجَالِ مَا أَجَلَّ، وَأَمَّا الدَّيْنُ الَّذِي لَهُ فَلَا يَحِلُّ بِفَلَسِهِ، وَلَا بِمَوْتِهِ وَلِغُرَمَائِهِ تَأْخِيرُهُ إلَى أَجَلِهِ، أَوْ بَيْعُهُ الْآنَ وَمَحَلُّ حُلُولِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ بِالْمَوْتِ، أَوْ الْفَلَسِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ مَنْ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِذَلِكَ، وَإِلَّا عُمِلَ بِشَرْطِهِ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ فِي الْمَوْتِ، وَأَمَّا إنْ شَرَطَ مَنْ لَهُ أَنَّهُ يَحِلُّ بِمَوْتِهِ عَلَى الْمَدِينِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ، أَوْ لَا، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ حَيْثُ كَانَ الشَّرْطُ غَيْرَ وَاقِعٍ فِي صُلْبِ عَقْدِ الْبَيْعِ فَإِنْ وَقَعَ فِي صُلْبِ عَقْدِ الْبَيْعِ فَالظَّاهِرُ فَسَادُ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ إلَى الْبَيْعِ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ

(ص) وَلَوْ دَيْنَ كِرَاءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكِرَاءَ لِدَابَّةٍ، أَوْ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ يَحِلُّ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ حَيْثُ اسْتَوْفَى الْمَنَافِعَ، وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ بِمَوْتِهِ وَيَلْزَمُ الْوَارِثَ بِحَسَبِ مَا لَزِمَ مُوَرِّثَهُ، وَأَمَّا فِي الْفَلَسِ فَصَاحِبُ الدَّارِ أَحَقُّ مِنْ الْغُرَمَاءِ إنْ لَمْ يَسْكُنْ شَيْئًا وَإِنْ سَكَنَ شَيْئًا وَكَانَ اكْتَرَى سَنَةً مَثَلًا بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا وَدَفَعَ سِتَّةً وَسَكَنَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَفُلِّسَ سُمِعَ عِيسَى يُخَيِّرُ رَبَّ الدَّارِ فِي إسْلَامِهِ بَقِيَّةَ السُّكْنَى وَيُحَاصِصُ بِالسِّتَّةِ دَنَانِيرِ الْبَاقِيَةِ، أَوْ أَخْذِ بَقِيَّةِ السُّكْنَى وَرَدَّ مِنْهَا بِهَا مِمَّا قَبَضَهُ وَيُحَاصِصُ بِمَا رَدَّ نَقَلَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ، وَقَوْلُهُ:

(ص) ، أَوْ قَدِمَ الْغَائِبُ مَلِيئًا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى دَيْنٍ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي حُلُولِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَإِذَا فُلِّسَ الْغَائِبُ كَمَا مَرَّ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِحُلُولِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ، ثُمَّ قَدِمَ مَلِيئًا فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا يُنْقَضُ، وَلَا يُرَدُّ لِأَجْلِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ حَكَمَ وَهُوَ مُجَوِّزٌ لِمَا ظَهَرَ.

(ص) وَإِنْ نَكَلَ الْمُفَلَّسُ حَلَفَ كُلٌّ كَهُوَ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ وَلَوْ نَكَلَ غَيْرُهُ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ إذَا كَانَ لَهُ حَقٌّ عَلَى شَخْصٍ فَجَحَدَهُ فِيهِ وَشَهِدَ لَهُ بِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَنَكَلَ الْمُفَلَّسُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ الْيَمِينَ الْمُكَمِّلَةَ لِلْحُجَّةِ فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يَتَنَزَّلُونَ مَنْزِلَةَ الْمُفَلَّسِ وَيَحْلِفُونَ مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى ذَلِكَ الْحَقِّ كَمَا كَانَ الْمُفَلَّسُ يَحْلِفُ أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ حَقٌّ لَا عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ لِحُلُولِ كُلٍّ مِنْهُمْ مَحَلَّ الْمُفَلَّسِ فَإِنْ حَلَفُوا كُلُّهُمْ تَقَاسَمُوا ذَلِكَ الْحَقَّ وَإِنْ نَكَلُوا كُلُّهُمْ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ مِنْهُ وَمَنْ حَلَفَ أَخَذَ حِصَّتَهُ فَقَطْ، أَيْ: بِمَنَابِهِ فِي الْحِصَاصِ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ لَا جَمِيعِ حِصَّتِهِ وَمَنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْكُلِّ وَيَأْخُذُ الْبَعْضَ كَالدِّيَةِ يَحْلِفُ عَلَيْهَا كُلِّهَا وَيَأْخُذُ بَعْضَهَا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَأْخُذُ جَمِيعَ حَقِّهِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَلَ غَيْرُهُ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ وَيَسْقُطُ حَقُّ النَّاكِلِ بَعْدَ يَمِينِ الْمَطْلُوبِ فَإِنْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِمَنْ نَكَلَ مِنْ الْغُرَمَاءِ حَظَّهُ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ كَشَاهِدٍ ثَانٍ وَإِذَا طَلَبَ مَنْ نَكَلَ مِنْ الْغُرَمَاءِ الْعَوْدَ إلَى الْيَمِينِ فَهَلْ يُمْكِنُ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا قَوْلَانِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: حَيْثُ اسْتَوْفَى الْمَنَافِعَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ حُلُولَهُ عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ يُشِيرُ بِلَوْ لِلْخِلَافِ الْمَذْهَبِيِّ مَعَ أَنَّهُ يَحِلُّ عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ بِاتِّفَاقٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَلَسِ، وَالْمَوْتِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ لَوْ لَيْسَتْ لِلْخِلَافِ بَلْ لِدَفْعِ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ، وَقَوْلُهُ: حَيْثُ اسْتَوْفَى الْمَنَافِعَ أَيْ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ أَيْ إنْ لَمْ يَسْتَوْفِ الْمَنَافِعَ لَا كُلًّا، وَلَا بَعْضًا.

وَقَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الْوَارِثَ، أَيْ: إنَّ الْوَارِثَ يَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَةَ وَيَلْزَمُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا لَزِمَ مُورِثَهُ وَعَلَى هَذَا فَلَا تُبَاعُ الْمَنَافِعُ فِي الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْفَلَسِ إلَخْ ظَاهِرُهُ مُخَالَفَةُ الْفَلَسِ لِلْمَوْتِ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ فَفِي الْمَوْتِ لَا يَحِلُّ وَفِي الْفَلَسِ يَحِلُّ وَلِذَلِكَ قَالَ الْفِيشِيُّ شَرَط مِنْ هَذَا أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَوْتِ فِيهَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ وَمَسْأَلَةَ الْفَلَسِ يَحِلُّ بِهَا سَوَاءٌ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ، أَوْ اسْتَوْفَى الْبَعْضَ، أَوْ لَمْ يَسْتَوْفِ شَيْئًا أَصْلًا اهـ، ثُمَّ نَقُولُ بِحَمْدِ اللَّهِ أَمَّا عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ يَحِلُّ قَطْعًا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَوْتِ، وَلَا بَيْنَ الْفَلَسِ.

وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ فَقَوْلَانِ قِيلَ لَا يَحِلُّ فِيهِمَا وَقِيلَ يَحِلُّ، وَالْأَوَّلُ الْقَائِلُ بِعَدَمِ الْحُلُولِ ضَعِيفٌ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ فِي الْمَوْتِ بِقَوْلِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ وَيَلْزَمُ الْوَارِثَ بِحَسَبِ مَا لَزِمَ مُورِثَهُ فَعَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ يَحِلُّ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ وَلَوْ فِي الْمَوْتِ تَكُونُ الْمَنَافِعُ فِي الْمَوْتِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَتُبَاعُ وَرَبُّ الدَّيْنِ يُحَاصِصُ بِدَيْنِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ، وَأَمَّا فِي الْفَلَسِ فَأَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ الْحُلُولِ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ شَيْئًا أَصْلًا فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ عَيْنِ شَيْئِهِ وَتَسْلِيمِهِ، وَالْمُحَاصَّةِ وَهَذَا مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَصَاحِبُ الدَّارِ أَحَقُّ مِنْ الْغُرَمَاءِ إنْ لَمْ يَسْتَوْفِ شَيْئًا، أَيْ: فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَ شَيْئِهِ، وَلَا يُحَاصِصَ، أَيْ: وَلَهُ أَنْ يُسَلَّمَ فَتُبَاعَ الْمَنْفَعَةُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَيُحَاصِصَ بِأُجْرَتِهِ، وَأَمَّا إنْ اسْتَوْفَى فِي الْفَلَسِ بَعْضَ الْمَنْفَعَةِ فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ سَكَنَ شَيْئًا إلَخْ.

فَإِنْ قُلْت: فَظَهَرَ الْحَالُ فِي الْمَوْتِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْحُلُولِ وَعَدَمِهِ وَظَهَرَ فِي الْفَلَسِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْحُلُولِ وَلَمْ يَظْهَرْ فِي الْفَلَسِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْحُلُولِ قُلْت إنَّهُ فِي الْفَلَسِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْحُلُولِ يُحَاصَصُ الْمُكْرِي بِمَالِهِ وَيُوقَفُ فَكُلَّمَا اسْتَوْفَى الْمُفَلَّسُ شَيْئًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ أَخَذَ الْمُكْرِي مَا يَنُوبُهُ مِمَّا وَقَفَ وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ لَا يُخَالِفُ مَا هُنَا بِأَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى الِاسْتِيفَاءِ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ وَيُخَصُّ بِالْمَوْتِ، أَوْ الْفَلَسِ وَيُرِيدُ تَسْلِيمَ الْمَنْفَعَةِ وَمَا يَأْتِي عَلَى عَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ فِي الْفَلَسِ وَلَمْ يُرِدْ الْمُكْرِي الْمُحَاصَّةَ فَقَوْلُهُ وَأَخَذَ الْمُكْرِي، أَيْ: لَهُ أَخْذُ دَابَّتِهِ وَأَرْضِهِ وَلَهُ عَدَمُ الْأَخْذِ وَيُرِيدُ الْمُحَاصَّةَ.

(تَنْبِيهٌ) : كَمَا يَحِلُّ عِنْدَ الِاسْتِيفَاءِ قَطْعًا مِثْله إذَا اشْتَرَطَ النَّقْدَ، أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ حَقٌّ) مَعْمُولُ يَحْلِفُونَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِمَنْ نَكَلَ) يُخَالِفُ مَا فِي عج وَتَبِعَهُ عب إلَّا أَنَّ عج قَدْ حَلَّ أَوْ لَا بِمَا يُوَافِقُ شَارِحَنَا فَإِنَّهُ قَالَ فَإِنْ نَكَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>