للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَابَهُ شَيْءٌ مِنْ النَّقْدِ فَهَلْ يَشْتَرِي لَهُ بِهِ بِأَدْنَى أَنْوَاعِ الْجَيِّدِ رِفْقًا بِالْمُفَلَّسِ أَوْ يَشْتَرِي لَهُ أَوْسَطَ أَنْوَاعِ الْجَيِّدِ وَهُوَ الْعَدْلُ بَيْنَ الْمُفَلَّسِ وَصَاحِبِ الدَّيْنِ إذْ الْأَعْلَى ظُلْمُ الْمُفَلَّسِ، وَالْأَدْنَى ظُلْمٌ عَلَى الْمُسَلِّمِ قَوْلَانِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ اشْتَرَطَ عَلَى مَنْ فُلِّسَ الْأَدْنَى فَهَلْ يَشْتَرِي لَهُ بِمَا نَابَهُ أَدْنَى الْأَدْنَى، أَوْ وَسَطَهُ قَوْلَانِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ فَإِنْ قُلْت: قَوْلُهُ: فِي السَّلَمِ وَحَمَلَ فِي الْجَيِّدِ، وَالرَّدِيءِ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَالْوَسَطُ يُخَالِفُ مَا هُنَا قُلْت: مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَمْ يُفْلِسْ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ: وَاشْتَرَى لَهُ بِمَا خَصَّهُ يُوهِمُ وُجُوبَ الشِّرَاءِ وَمَنْعَ أَخْذِ مَا نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ مُشَاحَّةِ الْغُرَمَاءِ أَمَّا لَوْ تَرَاضَوْا عَلَى أَخْذِ مَا نَابَهُ بِمَنَابِهِ مِنْ دَيْنِهِ وَيَبْقَى لَهُ مَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ مِنْ الطَّعَامِ، أَوْ الْعُرُوضِ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ لَمْ يَمْتَنِعْ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَازَ الثَّمَنُ إلَّا لِمَانِعٍ كَالِاقْتِضَاءِ (ش) ، أَيْ: وَجَازَ لِمَنْ لَهُ دَيْنٌ مُخَالِفُ النَّقْدِ أَخَذَ الثَّمَنَ الَّذِي نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ دُونَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ عُرُوضٍ إلَّا لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ كَالْمَانِعِ الْمُعْتَبَرِ فِي بَابِ الِاقْتِضَاءِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ إنْ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعِهِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً وَأَنْ يُسْلِمَ فِيهِ رَأْسَ الْمَالِ فَلَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِ هَذَا الْغَرِيمِ عَرَضًا أَسْلَمَهُ فِي عَرَضٍ كَعَبْدٍ مَثَلًا فِي ثَوْبَيْنِ فَحَصَلَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ قِيمَةُ ثَوْبٍ وَبَقِيَ لَهُ ثَوْبٌ جَازَ لَهُ أَخْذُ تِلْكَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ أَمْرِهِ أَنَّهُ دَفَعَ عَبْدًا فِي عَيْنٍ وَثَوْبٍ، وَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِهِ ذَهَبًا وَنَابَهُ فِي الْحِصَاصِ فِضَّةٌ، أَوْ الْعَكْسُ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَا نَابَهُ بَلْ يَتَعَيَّنُ الشِّرَاءُ لَهُ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ، وَالْبَيْعِ، وَالسَّلَفِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ أُسْلِمَ فِي طَعَامٍ.

وَلَمَّا كَانَتْ زَوْجَةُ الْمُفَلَّسِ حَيًّا، أَوْ مَيِّتًا مِنْ جُمْلَةِ الْغُرَمَاءِ وَلَهَا حُكْمُهُمْ فِي الْحِصَاصِ وَحُلُولُ الْمُؤَجَّلِ مِنْ مَهْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْحُقُوقِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَحَاصَّتْ الزَّوْجَةُ بِمَا أَنْفَقَتْ وَبِصَدَاقِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ زَوْجَةَ الْمُفَلَّسِ تُحَاصِصُ غُرَمَاءَهُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا أَوْ تَسَلَّفَتْهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا مُوسِرًا حِينَ إنْفَاقِهَا الْمَذْكُورِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي فُلِّسَ بِسَبَبِهِ قَبْلَ الْإِنْفَاقِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَلَا تَرْجِعُ مِنْهُ بِشَيْءٍ وَكَذَلِكَ تُحَاصِصُ الْغُرَمَاءَ بِجَمِيعِ صَدَاقِهَا عَلَى الْمُفَلَّسِ وَلَوْ فُلِّسَ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ حَلَّ بِفَلَسِهِ فَإِذَا حَاصَصَتْ بِصَدَاقِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَتَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُحَاصَّةِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَيْ: وَتُحَاصِصُ فِيمَا رَدَّتْهُ فَإِذَا كَانَ الصَّدَاقُ مِائَةً وَحَاصَّتْ بِهَا فَنَابَهَا خَمْسُونَ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَدَّتْ لِلْغُرَمَاءِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ صَدَاقَهَا خَمْسُونَ وَأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ الْحِصَاصَ إلَّا بِهَا وَتَكُونُ فِي الْخَمْسَةِ، وَالْعِشْرِينَ الَّتِي رَدَّتْهَا أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَالْحِصَاصِ فَإِنَّهَا تُحَاصِصُ بِنِصْفِ صَدَاقِهَا، وَقَوْلُهُ: (كَالْمَوْتِ) تَشْبِيهٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ تُحَاصِصُ بِنَفَقَتِهَا وَبِجَمِيعِ الصَّدَاقِ فِي الْمَوْتِ

(ص) لَا بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ (ش) أَيْ فَلَا تُحَاصِصُ بِهَا لَا فِي الْمَوْتِ، وَلَا فِي الْفَلَسِ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: قُلْت: مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي السَّلَمِ إذَا لَمْ يُفْلِسْ، أَيْ: وَأَمَّا هُنَا فِي السَّلَمِ إلَّا أَنَّهُ فَلَسٌ فَلِلْفَلَسِ حُكْمٌ غَيْرُ الْحُكْمِ الَّذِي فِي غَيْرِ الْفَلَسِ وَأُجِيبَ بِغَيْرِ ذَلِكَ بِأَنَّهُ هُنَا إذَا لَمْ يَكُنْ غَالِبًا وَمَا تَقَدَّمَ إذَا كَانَ غَالِبًا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَا نَابَهُ) مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ وَيَأْخُذُ الْفِضَّةَ حَالًّا؛ لِأَنَّهُ صَرَفَ مَا فِي الذِّمَّةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَالْبَيْعُ، وَالسَّلَفُ) إنَّمَا يَكُونُ هَذَا عَلَى تَقْدِيرُ أَنْ يَكُونَ دَفَعَ دِينَارَيْنِ عَلَى ثَوْبَيْنِ وَنَابَهُ فِي الْحِصَاصِ دِينَارٌ وَبَقِيَ لَهُ ثَوْبٌ.

(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي إلَخْ) وَلَوْ كَانَتْ نَفَقَتُهَا الْمُتَأَخِّرَةُ بَعْدَ تَفْلِيسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ النَّفَقَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ زَمَنَهُ لِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابَلَةً لِابْنِ دِينَارٍ تَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الصَّدَاقِ إنْ صَارَ لَهَا فِي الْمُحَاصَّةِ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ (قَوْلُهُ: رُدَّتْ لِلْغُرَمَاءِ) مَثَلًا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ مِائَتَانِ لِرَجُلَيْنِ وَصَدَاقُ الْمَرْأَةِ مِائَةٌ، ثُمَّ فُلِّسَ وَمَالُهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَحَاصَّتْ فَنَابَهَا خَمْسُونَ، ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَتَأْخُذُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِي الْمِثَالِ يَأْخُذُ نِصْفَ دَيْنِهِ فَكَأَنَّ الْخَمْسَةَ، وَالْعِشْرِينَ الْفَاضِلَةَ كَمَالٍ طَرَأَ فَيُوقِعُونَ فِيهَا الْمُحَاصَّةَ فَنَقُولُ فَضَلَ لِكُلٍّ مِنْ الرَّجُلَيْنِ خَمْسُونَ وَلَهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَالْجُمْلَةُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَنِسْبَةُ الطَّارِئِ لِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ الْفَاضِلِ الْخَمْسُ فَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ بِخُمُسِ دَيْنِهِ الْفَاضِلِ فَيَأْخُذُ كُلٌّ مِنْ الرَّجُلَيْنِ عَشَرَةً وَهِيَ خُمُسُ الْخَمْسِينَ وَتَأْخُذُ الْمَرْأَةُ خَمْسَةً؛ لِأَنَّهُ خُمُسُ دَيْنِهَا وَانْظُرْ لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَنْكُوحَةً نِكَاحَ تَفْوِيضٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَفُلِّسَ فَهَلْ لَهَا أَنْ تُحَاصِصَ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ عَلَى تَقْدِيرِ الدُّخُولِ، ثُمَّ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ تَرُدُّهُ، أَوْ لَا تُحَاصِصُ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ، أَوْ مَاتَتْ لَا شَيْءَ لَهَا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ) ظَاهِرُ ذَلِكَ التَّعْلِيلِ مَعَ مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ مِنْ رُجُوعِهِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ أَنَّهَا لَا تُحَاصِصُ فِي نَفَقَةِ الْوَلَدِ مُطْلَقًا حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ أَمْ لَا أَنْفَقَتْ مِنْ عِنْدِهَا، أَوْ تَسَلَّفَتْ بَلْ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ أَيْضًا عَلَى الْوَالِدِ مُطْلَقًا، أَيْ: كَمَا أَنَّهَا تُحَاصِصُ لَا تَرْجِعُ، وَلَكِنْ فِي عب وَشب بَعْدَ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ قَالَا مَا نَصُّهُ لَكِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهَا إنْ أَيْسَرَ حَالَ إنْفَاقِهَا؛ لِأَنَّهَا قَامَتْ عَنْهُ بِوَاجِبٍ، وَالْحَاصِلُ عَلَى كَلَامِ عب وَشب أَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُحَاصِصُ لَكِنْ تَرْجِعُ لِذَلِكَ التَّعْلِيلِ، وَقَوْلُهُ: كَذَلِكَ نَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ، أَيْ: نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ عَلَى أَبَوَيْهِ، وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ وَهَذَا خِلَافُ مَا لِلزَّرْقَانِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ مَحَلُّ كَوْنِهَا لَا تُحَاصِصُ بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ مَا لَمْ تَكُنْ بِقَضِيَّةٍ وَأَنْفَقَتْ وَهُوَ مَلِيءٌ، وَإِلَّا حَاصَّتْ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَتَسَلَّفْهَا فَصَارَ الْحَاصِلُ عَلَى هَذَا أَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الْوَلَدِ تُحَاصِصُ بِهَا عِنْدَ الْقَضِيَّةِ، وَالْيُسْرِ تَسَلَّفَتْ أَمْ لَا وَأَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الْأَبَوَيْنِ تُحَاصِصُ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مَعَ زِيَادَةِ ثَالِثٍ وَهُوَ إنْ تَسَلَّفَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>