للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَعْنَى أَنَّ ضَامِنَ الْوَجْهِ إذَا شَرَطَ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي إحْضَارِ الْمَضْمُونِ لَهُ دُونَ يَمِينٍ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةٍ كَشَرْطِ دَيْنِ الْوَجْهِ أَيْ يُوَفِّي بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ كَمَا يُوَفِّي بِشَرْطِ الْحَمِيلِ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فِي حَمَالَةِ الْوَجْهِ فَحَذَفَ فَاعِلَ الشَّرْطِ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ وَأَضَافَ الشَّرْطَ إلَى الدَّيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا دَيْنَ وَهُوَ الْمَفْعُولُ وَأَضَافَ الدَّيْنَ إلَى الْوَجْهِ عَلَى مَعْنَى فِي وَحَذَفَ الْمُضَافَ أَيْ كَشَرْطِ الْحَمِيلِ أَنْ لَا دَيْنَ فِي حَمَالَةِ الْوَجْهِ لَكِنْ هَذَا هُوَ الْآتِي فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ أَوْ اشْتَرَطَ نَفْيَ الْمَالِ فَيَصِيرُ ضَمَانَ طَلَبٍ بِهَذَا الشَّرْطِ وَكَذَلِكَ يُفِيدُ شَرْطُ رَبِّ الدَّيْنِ دُونَ يَمِينِ التَّصْدِيقِ فِي عَدَمِ إحْضَارِهِ لِلْمَضْمُونِ فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ حَيْثُ ادَّعَى الضَّامِنُ إحْضَارَهُ فَقَوْلُهُ التَّصْدِيقَ فِي الْإِحْضَارِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَشَرْطِ ذِي الْوَجْهِ وَلِقَوْلِهِ أَوْ رَبِّ الدَّيْنِ لَكِنْ الْأَوَّلُ يَطْلُبُهُ مِنْ غَيْرِ حَذْفٍ وَالثَّانِي يَطْلُبُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَشَرْطِ ذِي الْوَجْهِ التَّصْدِيقَ فِي الْإِحْضَارِ أَوْ رَبِّ الدَّيْنِ التَّصْدِيقَ فِي عَدَمِ الْإِحْضَارِ أَوْ الْمُرَادُ فِي شَأْنِ الْإِحْضَارِ فَيَشْمَلُ الْإِثْبَاتَ وَالنَّفْيَ.

(ص) وَلَهُ طَلَبُ الْمُسْتَحَقِّ بِتَخْلِيصِهِ عِنْدَ أَجَلِهِ (ش) أَيْ لِلضَّامِنِ طَلَبُ رَبِّ الدَّيْنِ بِتَخْلِيصِهِ مِنْ الضَّمَانِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ وَسُكُوتِهِ عَنْ طَلَبِ الْمَضْمُونِ أَوْ تَأْخِيرِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ إمَّا أَنْ تَطْلُبَ حَقَّك أَوْ تُسْقِطَ عَنِّي الضَّمَانَ وَكَذَا لِلضَّامِنِ طَلَبُ الْمَضْمُونِ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ عِنْدَ أَجَلِهِ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ رَبُّ الدَّيْنِ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُتَصَوَّرُ طَلَبُ رَبِّ الدَّيْنِ لِلضَّامِنِ وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ حَاضِرٌ مَلِيءٌ قُلْت يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْمُلِدِّ وَشَمِلَ قَوْلُهُ عِنْدَ أَجَلِهِ وَلَوْ بِمَوْتِ أَوْ فَلْسِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ.

(ص) لَا بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ وَضَمِنَهُ إنْ اقْتَضَاهُ لَا أَرْسَلَ بِهِ (ش) يَعْنِي لَيْسَ لِلضَّامِنِ أَنْ يُطَالِبَ الْمَضْمُونَ بِأَنْ يُسَلِّمَ الْمَالَ إلَيْهِ لِيَدْفَعَهُ لِرَبِّهِ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ ثُمَّ أَعْدَمَ الْكَفِيلُ أَوْ فَلِسَ كَانَ لِلَّذِي لَهُ الدَّيْنُ أَنْ يُتْبِعَ الْغَرِيمَ وَإِذَا وَقَعَ أَنَّ الضَّامِنَ تَسَلَّمَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ لِيَدْفَعَهُ إلَى رَبِّهِ فَتَلِفَ مِنْهُ أَوْ ضَاعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إنْ تَسَلَّمَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ بِأَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ الْأَصْلِ فَيَدْفَعُهُ لَهُ أَوْ يَقُولَ لَهُ خُذْهُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ وَسَوَاءٌ قَامَتْ بِضَيَاعِهِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا لِتَعَدِّيهِ فِي قَبْضِهِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ لَا أَنَّ تَسَلُّمَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ بِأَنْ يَدْفَعَهُ لَهُ ابْتِدَاءً وَلَا يُشْتَرَطُ بَرَاءَتُهُ مِنْهُ فَتَلِفَ أَوْ ضَاعَ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّكْرَاكِيَّ قَسَّمَ قَبْضَ الْحَمِيلِ لِلْمَالِ إلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ وَهُوَ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَوْ الْوَكَالَةِ عَنْ رَبِّ الْحَقِّ أَوْ يَخْتَلِفَانِ فِي دَعْوَى الِاقْتِضَاءِ وَالْإِرْسَالِ أَوْ يَنْبَهِمُ الْأَمْرُ وَيَعْرَى عَنْ الْقَرَائِنِ فَقَوْلُهُ إنْ اقْتَضَاهُ نَصًّا بِأَنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَبَضَهُ وَجْهُ الِاقْتِضَاءِ أَوْ رُجْحَانًا بِأَنْ اخْتَلَفَا فِي الِاقْتِضَاءِ وَالْإِرْسَالِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْلًا بِأَنْ انْبَهَمَ الْأَمْرُ وَيَعْرَى عَنْ الْقَرَائِنِ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ وَقَوْلُهُ لَا أَرْسَلَ بِهِ أَيْ حَقِيقَةً بِأَنْ تَطَوَّعَ لَهُ بِالدَّفْعِ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ دَفَعَهُ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْوَكَالَةِ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الْأَوْجُهِ الْخَمْسَةِ.

وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ لِلْكَفِيلِ طَلَبُ الْمُسْتَحَقِّ بِتَخْلِيصِهِ عِنْدَ أَجَلِهِ إنْ سَكَتَ أَوْ أَخَّرَهُ وَلَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بِتَأْخِيرِهِ شَرَعَ فِي جَلْبِ كَلَامِ الْبَيَانِ حَيْثُ قَالَ وَإِذَا أَخَّرَ الطَّالِبُ الْغَرِيمَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا فَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا فَلَا كَلَامَ لِلْحَمْلِ بِاتِّفَاقٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَزِمَهُ تَأْخِيرُ رَبِّهِ الْمُعْسِرَ (ش) أَيْ وَلَزِمَ الضَّامِنَ تَأْخِيرُ رَبِّ الدَّيْنِ الْغَرِيمَ الْمُعْسِرَ ابْنُ رُشْدٍ أَيْ وَلَا كَلَامَ لِلضَّامِنِ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ أَوْ الْمُرَادُ فِي شَأْنِ الْإِحْضَارِ) الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا فَهُوَ أَقْرَبُ

(قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت إلَخْ) السُّؤَالُ وَارِدٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ.

(قَوْلُهُ فَتَلِفَ مِنْهُ أَوْ ضَاعَ) أَيْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ وَتَقْصِيرٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ إلَخْ) بَحَثَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَدِينَ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى الدَّفْعِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ مِنْهُ وَقَدْ يُجَابُ بِعُذْرِهِ بِجَهْلِهِ أَيْ اعْتِقَادِهِ أَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا يُدْفَعُ لِلضَّامِنِ دُونَ غَيْرِهِ فَلِذَا ضَمِنَهُ الضَّامِنُ وَيَطَّرِدُ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ لَهُ وَإِلَّا أَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ (قَوْلُهُ أَوْ رُجْحَانًا) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ بِأَنْ اخْتَلَفَا فِي الِاقْتِضَاءِ وَالْإِرْسَالِ فَالضَّامِنُ يَقُولُ أَخَذْته عَلَى وَجْهِ الْإِرْسَالِ وَالْمَدِينُ يَقُولُ أَخَذْته عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ (قَوْلُهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ قَوْلِ مَالِكٍ الَّذِي هُوَ الرَّاجِحُ أَيْ أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَدِينِ أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ فَيَضْمَنُ وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الضَّامِنِ أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ فَلَا يَضْمَنُ الطَّالِبُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ ادَّعَى الْقَبْضَ الْمُبَاحَ وَالْأَصِيلُ ادَّعَى الْمَحْظُورَ وَقَوْلُهُ أَوْ أَصْلًا أَيْ أَنَّ الِاقْتِضَاءَ إمَّا عَلَى طَرِيقِ النَّصِّ أَوْ الرُّجْحَانِ أَوْ الْأَصَالَةِ أَيْ أَنَّهُ إذَا انْبَهَمَ الْأَمْرُ فَالْأَصْلُ أَنَّهُ عَلَى طَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ أَيْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ يَقُولُ إنَّ الْأَصْلَ الِاقْتِضَاءُ وَالثَّانِي يَقُولُ إنَّ الْأَصْلَ الْإِرْسَالُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَيَرِدُ أَنْ يُقَالَ أَيُّ مُوجِبٍ لِمُرَاعَاةِ هَذَا الْقَوْلِ دُونَ غَيْرِهِ لَكِنْ قَضِيَّةُ تَرْجِيحِ قَوْلِ مَالِكٍ فِي مَسْأَلَتِهِ تَقْتَضِي تَرْجِيحَ الِاقْتِضَاءِ عِنْدَ الْإِيهَامِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ انْبَهَمَ الْأَمْرُ وَعَرَى عَنْ الْقَرَائِنِ وَمَاتَ الْكَفِيلُ أَوْ الْأَصْلُ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الرِّسَالَةِ أَوْ الِاقْتِضَاءِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ عَلَى وَجْهِ الْوَكَالَةِ) أَيْ وَوَافَقَهُ الطَّالِبُ عَلَيْهَا فَيَبْرَأُ الضَّامِنُ فَقَطْ كَمَا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْوَكَالَةِ وَلَوْ قَالَ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ قَبَضْت وَتَلِفَ بَرِئَ وَلَمْ يَبْرَأْ الْغَرِيمُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ نَازَعَهُ الطَّالِبُ فِي الْوَكَالَةِ فَسَيَأْتِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ يَصِيرُ لِرَبِّ الدَّيْنِ غَرِيمَانِ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ أَيَّهمَا شَاءَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الرَّكْرَاكِيُّ وَغَيْرُهُ فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ كَانَ لِلْأَصِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>