للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَغْصُوبِ فِي حَوْزِ الْغَاصِبِ وَلَكِنْ لَا يَحْصُلُ الضَّمَانُ بِالْفِعْلِ إلَّا إذَا حَصَلَ مُفَوِّتٌ يَوْمَ الِاسْتِيلَاءِ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ جِنَايَةِ غَيْرِهِ وَفَائِدَةُ تَعَلُّقِ الضَّمَانِ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ حَيْثُ حَصَلَ الْمُفَوِّتُ يَوْمَ الِاسْتِيلَاءِ لَا يَوْمَ حُصُولِ الْمُفَوِّتِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي ضَمَانِ الذَّاتِ وَأَمَّا ضَمَانُ الْغَلَّةِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا إلَّا إذَا اسْتَعْمَلَ وَهَذَا فِي غَاصِبِ الذَّاتِ وَأَمَّا غَاصِبُ الْمَنْفَعَةِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَضْمَنُ الْمَنْفَعَةَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ فِيمَا عَدَا الْبُضْعَ وَالْحُرَّ وَأَمَّا الذَّاتُ فَلَا يَضْمَنُهَا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ غَصَبَ مَنْفَعَةً فَتَلِفَتْ الذَّاتُ وَمَنْفَعَةُ الْبُضْعِ وَالْحُرِّ بِالتَّفْوِيتِ وَغَيْرُهُمَا بِالْفَوَاتِ.

(ص) وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْغَاصِبُ مُمَيِّزًا بَلْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا فَتَرَدُّدٌ أَيْ طَرِيقَتَانِ طَرِيقَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَحْكِي ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فِي ضَمَانِهِ وَطَرِيقَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ تَحْكِي الْخِلَافَ فِي سِنِّهِ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا يُقَرَّرُ بِهِ الْمَتْنُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَأُدِّبَ مُمَيِّزٌ مَعَ ضَمَانِهِ وَإِلَّا يَكُنْ الْغَاصِبُ مُمَيِّزًا فَفِي ضَمَانِهِ وَعَدَمِهِ وَعَلَى ضَمَانِهِ فَمَاذَا يَضْمَنُ وَمَا سِنُّهُ الَّذِي يَضْمَنُ بِهِ تَرَدُّدٌ وَالْمَذْهَبُ مِنْ الْخِلَافِ الضَّمَانُ وَأَنَّهُ يَضْمَنُ الْمَالَ وَالدَّمَ إنْ لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَ فِي مَالِهِ وَإِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ وَأَنَّ التَّمْيِيزَ لَا يُحَدُّ بِسِنٍّ وَأَنَّهُ الَّذِي يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيَرُدُّ الْجَوَابَ وَلَا يَنْضَبِطُ بِسِنٍّ بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَفْهَامِ وَنَحْوِهِ وَالْمُرَادُ بِفَهْمِ الْخِطَابِ إلَخْ أَنَّهُ إذَا كُلِّمَ بِشَيْءٍ مِنْ مَقَاصِدِ الْعُقَلَاءِ فَهِمَهُ وَأَحْسَنَ الْجَوَابَ عَنْهُ لَا أَنَّهُ إذَا دُعِيَ أَجَابَ

وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) كَأَنْ مَاتَ (ش) أَيْ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إلَى أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ أَيْ خُوطِبَ بِالْغُرْمِ بِالِاسْتِيلَاءِ.

(ص) أَوْ قُتِلَ عَبْدٌ قِصَاصًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا غَصَبَ عَبْدًا فَجَنَى عَلَى عَبْدٍ مِثْلِهِ فَقَتَلَهُ فَاقْتَصَّ لَهُ مِنْ الْجَانِي فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ يَوْمَ الْغَصْبِ لِاسْتِيلَائِهِ بِوَضْعِ الْيَدِ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ إذَا كَانَ الْقِصَاصُ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَلَوْ أُبْدِلَ عَبْدٌ بِرَقِيقٍ لَكَانَ أَوْلَى وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْقَتْلُ سَابِقًا عَلَى الْغَصْبِ وَقُتِلَ بِهِ هَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَوْ يَضْمَنُ نَظَرًا إلَى أَنَّ سَيِّدَهُ رُبَّمَا كَانَ يَفْدِيهِ لَوْ لَمْ يُغْصَبْ أَوْ رُبَّمَا كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ يَعْفُو عَنْهُ لِأَجْلِ سَيِّدِهِ فَالْقَتْلُ بِسَبَبِ الْقِصَاصِ لَا يَنْفِي الضَّمَانَ عَنْ الْغَاصِبِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَمِثْلُ الْقِصَاصِ الْحِرَابَةُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ إطْلَاقِ الْمُؤَلِّفِ وَلِقَوْلِهِمْ الظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ مَدْخُولِ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ مَاتَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مَا هُوَ مِثَالٌ لِمُفِيتِ الْمَغْصُوبِ وَمِنْهُ مَا لَيْسَ مِنْ الْغَصْبِ وَإِنَّمَا هُوَ مُشَارِكٌ لَهُ فِي الضَّمَانِ كَجَحْدِ الْوَدِيعَةِ وَالْأَكْلِ بِلَا عِلْمٍ وَفَتْحِ قَيْدِ الْعَبْدِ وَالْفَتْحِ عَلَى غَيْرِ عَاقِلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَتَكُونُ الْكَافُ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ هَذِهِ الْأُمُورِ كَالْمَوْتِ وَالْقَتْلِ لِلتَّمْثِيلِ وَبِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِهَا لِلتَّشْبِيهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ عِنْدَ مَنْ أَجَازَهُ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ (ص) أَوْ رَكِبَ (ش) مُشْكِلٌ لِأَنَّ الرُّكُوبَ بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ مِنْ مُفِيتَاتِ الْمَغْصُوبِ فَلَا يَصِحُّ انْخِرَاطُهُ فِي سِلْكِ أَمْثِلَةِ مُفِيتَاتِ الْمَغْصُوبِ وَلَيْسَ بِمُوجِبٍ لِلضَّمَانِ فِي غَيْرِ الْمَغْصُوبِ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُشَارِكًا لِلْغَصْبِ فِي الضَّمَانِ وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِتَعَلُّقِ الْغَصْبِ بِهَا إذْ هُوَ يَحْصُلُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ وَبِعِبَارَةٍ أَوْ رَكِبَ أَيْ وَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ جَعَلْنَاهُ تَمْثِيلًا أَوْ لَمْ تَهْلِكْ إنْ جَعَلْنَاهُ تَنْظِيرًا أَيْ أَنَّ مَنْ تَعَدَّى عَلَى دَابَّةٍ فَرَكِبَهَا وَلَمْ تَهْلِكْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْكِرَاءُ.

(ص) أَوْ ذَبَحَ أَوْ جَحَدَ وَدِيعَةً أَوْ أَكَلَ بِلَا عِلْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا غَصَبَ حَيَوَانًا فَذَبَحَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِرَبِّهِ لِأَنَّ الذَّبْحَ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فَهُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ مَا يُفِيتُ الْمَغْصُوبَ كَمَا ظَاهِرُ كَلَامِ ابْن الْحَاجِبِ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ إذَا جَحَدَ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ثُمَّ هَلَكَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ وَثَبَتَ هَلَاكُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا جَحَدَهَا صَارَ كَالْغَاصِبِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبِجَحْدِهَا، ثُمَّ فِي قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ خِلَافٌ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ مَنْ أَكَلَ مِنْ الْغَاصِبِ ضِيَافَةً أَوْ هِبَةً

ــ

[حاشية العدوي]

وَبَيْنَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ وَضْعَهُ فِي دَارِهِ أَوْ حَانُوتِهِ أَوْ إخْفَاءَهُ عَنْ رَبِّهِ

(قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْغَاصِبُ) الْأَوْلَى الْجَانِي لِأَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزُ لَا يَتَّصِفُ بِالْغَصْبِ (قَوْلُهُ تَحْكِي ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فِيمَا يَضْمَنُهُ) هَلْ يَضْمَنُ الْمَالَ فِي مَالِهِ وَالدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ بَلَغَتْ الثُّلُثَ وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ أَوْ لَا يَضْمَنُ الْمَالَ وَأَمَّا الدِّيَةُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ بَلَغَتْ الثُّلُثَ وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ أَوْ لَا يَضْمَنُ مَالًا وَلَا دِيَةً وَيَكُونَانِ هَدَرًا وَالْمَجْنُونُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ تَحْكِي الْخِلَافَ فِي سِنِّهِ) قِيلَ سَنَتَانِ وَقِيلَ سَنَةٌ وَنِصْفُ سَنَةٍ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ وَذَكَرَ عج أَنَّ كَلَامَ الْبُرْزُلِيِّ يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الضَّمَانَ يَخْتَصُّ بِالْمُمَيِّزِ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ التَّمْيِيزَ) مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي عَدَمِ التَّمْيِيزِ لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْ حَدِّ التَّمْيِيزِ حَدُّ غَيْرِ الْمُمَيَّزِ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ نَحْوُ اخْتِلَافِ الْأَفْهَامِ كَالْفَصَاحَةِ (قَوْلُهُ لَا أَنَّهُ إذَا دُعِيَ أَجَابَ) لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي بَعْضِ الطُّيُورِ.

(قَوْلُهُ أَوْ يَضْمَنُ) قَالَ عج وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ إطْلَاقِهِمْ وَإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَلِقَوْلِهِمْ الظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ النَّقْلَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ جَنَى عِنْدَ الْغَاصِبِ كَمَا قَرَّرَ بِهِ ابْنُ الْمُلُوحِيُّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ إنْ جَعَلْنَاهُ تَنْظِيرًا) أَيْ فَيُحْمَلُ عَلَى غَصْبِ الْمَنْفَعَةِ لَا الذَّاتِ إلَّا أَنَّ مُحَشِّي تت نَاقَشَ ذَلِكَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ شَأْنَ التَّرَدُّدِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْضُوعُ لِلتَّرَدُّدِ مُتَّحِدًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>