للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَصَرُّفٍ وَهُوَ مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَقَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْ فِي التَّرَاضِي قَسْمُ مَا عَلَى مَدِينٍ إلَخْ هَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَالْمَذْهَبُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَرَكَ دَيْنًا عَلَى رِجَالٍ لَمْ يَجُزْ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُقَسِّمُوا الرِّجَالَ فَتَصِيرُ ذِمَّةً بِذِمَّةٍ وَلِيَقْسِمُوا مَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ انْتَهَى.

وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْقِسْمَةَ بِالْقُرْعَةِ لَا تَدْخُلُ فِيمَا عَلَى مَدِينٍ وَاحِدٍ وَلَعَلَّ الشَّيْخَ رَأَى أَنَّ الرَّسْمَ يَعُمُّ الْمَشْهُورَ وَغَيْرَهُ

وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى الْأُولَى مِنْهَا وَهِيَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ بِقَوْلِهِ (ص) الْقِسْمَةُ تَهَايُؤٌ فِي زَمَنٍ (ش) أَيْ حَقِيقَةُ الْقِسْمَةِ وَطَبِيعَتُهَا مُرَاضَاةٌ وَقُرْعَةٌ وَتَهَانُؤٌ يُقَالُ مُهَانَأَةٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ هَنَّأَ صَاحِبَهُ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ وَمُهَايَأَةٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ هَيَّأَهُ لَهُ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَيُقَالُ بِالْبَاءِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَهَبَ لِصَاحِبِهِ الِاسْتِمْتَاعَ بِحَقِّهِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقِسْمَةُ الْمُهَايَأَةِ هِيَ اخْتِصَاصُ كُلِّ شَرِيكٍ بِمُشْتَرَكٍ فِيهِ عَنْ شَرِيكِهِ زَمَنًا مُعَيَّنًا مِنْ مُتَّحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ وَتَجُوزُ فِي نَفْسِ مَنْفَعَتِهِ لَا فِي غَلَّتِهِ انْتَهَى وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ تَعْيِينِ الزَّمَنِ اتَّحَدَ الْمَقْسُومُ بَيْنَهُمَا كَعَبْدٍ أَوْ تَعَدَّدَ كَعَبْدَيْنِ بَيْنَهُمَا قَالَ كُلٌّ لِصَاحِبِهِ يَخْدُمُنِي أَنَا يَوْمًا أَوْ شَهْرًا وَأَنْتَ كَذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمُهَايَأَةِ وَكَأَنَّهَا إجَارَةٌ فَلَا تَدْخُلُ قِسْمَةُ مَنْفَعَةِ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَخْدُمُهُ عَبْدٌ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدَا بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَطَرِيقَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُهَايَأَةِ تَعْيِينُ الزَّمَانِ وَنَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمُهَايَأَةُ لَازِمَةٌ إنْ حُدِّدَتْ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ وَغَيْرُ لَازِمَةٍ كَدَارَيْنِ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَارًا يَسْكُنُهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ زَمَنٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَحِلَّ مَتَى شَاءَ انْتَهَى بِالْمَعْنَى فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَلِّفُ أَشَارَ لِهَذَا بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ إذْ قَوْلُهُ فِي زَمَنٍ يَشْمَلُ الْمُعَيَّنَ وَغَيْرَهُ

وَقَوْلُهُ كَخِدْمَةِ عَبْدٍ شَهْرًا إلَخْ مِثَالٌ لِأَحَدِ النَّوْعَيْنِ وَالظَّنُّ بِالْمُؤَلَّفِ أَنَّهُ لَا يَعْدِلُ عَمَّا لِابْنِ الْحَاجِبِ حَيْثُ ارْتَضَى كَلَامَهُ فِي تَوْضِيحِهِ ثُمَّ إنَّ ابْنَ عَرَفَةَ أَشَارَ لِتَعَقُّبِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَقَالَ وَقَوْلُ عِيَاضٍ هِيَ ضَرْبَانِ مُقَاسَمَةُ الْأَزْمَانِ وَمُقَاسَمَةُ الْأَعْيَانِ يُوهِمُ عُرُوَّ الثَّانِي عَنْ الزَّمَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (ص) كَخِدْمَةِ عَبْدٍ شَهْرًا وَسُكْنَى دَارٍ سِنِينَ (ش) أَيْ كَخِدْمَةِ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَخْدُمُ هَذَا شَهْرًا وَهَذَا شَهْرًا وَكَذَلِكَ رُكُوبِ الدَّابَّةِ فَالْكَافُ مُدْخِلَةٌ لِغَيْرِ الْخِدْمَةِ وَلَمَّا قَارَبَ الشَّهْرَ وَكَذَلِكَ تَجُوزُ قِسْمَةُ التَّهَايُؤِ فِي سُكْنَى الدَّارِ لِهَذَا سِنِينَ وَلِهَذَا سِنِينَ وَمِثْلُ الدَّارِ التَّهَايُؤُ فِي زِرَاعَةِ الْأَرْضِ حَيْثُ كَانَتْ مَأْمُونَةً مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ النَّقْدُ وَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ (كَالْإِجَارَةِ)

ــ

[حاشية العدوي]

يَخْتَصُّ بِهَا وَأَمَّا بِقُرْعَةٍ فَيَجُوزُ وَسَيَأْتِي عَنْ قَرِيبٍ مَا يُفِيدُ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ قَضِيَّةَ كَوْنِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُخَالِفًا لِلْمَذْهَبِ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْمَدِينِ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْمُتَعَدِّدِ وَهُوَ يُنَاقِضُ قَوْلَهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ إلَخْ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْ التَّرَاضِي لَا فِي الْقُرْعَةِ قَسْمُ مَا عَلَى مَدِينٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ الْقَسْمُ بِالْقُرْعَةِ فِيمَا عَلَى مَدِينٍ وَاحِدٍ حَيْثُ اتَّحَدَا لِأَجَلٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قِسْمَةَ الْقُرْعَةِ تُعْقَلُ فِيمَا كَانَ عَلَى مَدِينَيْنِ أَوْ مَدِينٍ وَكَانَ الْأَجَلُ مُتَعَدِّدًا لَا إنْ كَانَ الْأَجَلُ وَاحِدًا وَهَذَا كُلُّهُ بِالنَّظَرِ لِلتَّعَقُّلِ وَالْجَوَازُ وَعَدَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ فَتَأَمَّلْ، وَلَمْ أَرَ وَاحِدًا مِنْ الْأَشْيَاخِ أَفْصَحَ عَنْ تِلْكَ الْعِبَارَةِ وَلَعَلَّ مَا قُلْنَا يُقْبَلُ وَالْأَمْرُ لِلَّهِ تَعَالَى (وَأَقُولُ) بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُرَادَ بِالْمَدِينِ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ الْمَدِينُ الْوَاحِدُ

(وَقَوْلُهُ أَيْ حَقِيقَةُ الْقِسْمَةِ وَطَبِيعَتُهَا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَلْ فِي الْقِسْمَةِ لِلْحَقِيقَةِ وَالطَّبِيعَةِ وَعَطْفُ الطَّبِيعَةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ مُرَادِفٌ وَقَوْلُهُ مُرَاضَاةٌ إلَخْ تَسَامُحٌ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ لَيْسَتْ هِيَ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ بَلْ صَادِقَةٌ عَلَيْهَا مِنْ صِدْقِ الْكُلِّيِّ عَلَى جُزْئِيَّاتِهِ قَوْلُهُ (وَتَهَانُؤٌ) بِالنُّونِ وَالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ مَعَ الضَّمِّ فِيهِمَا وَالْهَمْزِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ هَنَّأَ صَاحِبَهُ بِمَا دَفَعَ لَهُ أَوْ بِمَا هَيَّأَهُ لَهُ وَجَهَّزَهُ وَيُقْرَأُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَكْسُورَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ كَذَا فِي عِبَارَةِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقْرَأُ بِالنُّونِ وَيُقْرَأُ بِالْيَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الْهَمْزُ فِي الْآخَرِ وَيُقْرَأُ بِالْبَاءِ الْمَكْسُورَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتِ إلَّا أَنَّهُ يُعْتَرَضُ جَعْلُ الْأَخِيرِ مِنْ وَهَبَ بِأَنَّ قِيَاسَهُ أَنْ يُجْعَلَ مِنْ هَابَى بِالْهَاءِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ وَقَوْلُهُ وَدَفَعَهُ لَهُ، عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَقَوْلُهُ عَنْ شَرِيكِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ اخْتِصَاصُ (قَوْلُهُ مِنْ مُتَّحِدٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ بِمُشْتَرَكٍ فِيهِ (قَوْلُهُ مِنْ مُتَّحِدٍ) كَأَنْ يَقُولَ لِشَرِيكِهِ يَخْدُمُنَا سَعِيدٌ عَبْدُنَا يَخْدُمُك شَهْرًا وَأَنَا شَهْرًا وَيُوَافِقُهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَوْ مُتَعَدِّدٍ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ سَعِيدٌ يَخْدُمُك شَهْرَيْنِ وَبَكْرٌ يَخْدُمُنِي كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ فِي نَفْسِ مَنْفَعَتِهِ أَيْ كَمَا صَوَّرْنَا وَقَوْلُهُ لَا فِي غَلَّتِهِ أَيْ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ يَخْرُجُ زَيْدٌ يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ فِي قَطْعِ الْحَطَبِ يَوْمًا وَيَأْتِي لِي بِمَا يَخُصُّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَيُؤَجِّرُ نَفْسَهُ فِي يَوْمٍ آخَرَ فِي قَطْعِ الْحَطَبِ وَيَأْتِي لَك بِمَا يَخُصُّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الْأُجْرَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْغَبَنِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكْثُرَ أُجْرَتُهُ فِي يَوْمٍ دُونَ يَوْمٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهَا إجَارَةٌ) أَيْ آجَرَ زَيْدٌ عَبْدَهُ لِصَاحِبِهِ فِي مُقَابَلَةِ مَا لِصَاحِبِهِ فِي الْعَبْدِ الَّذِي يَخْدُمُ زَيْدًا (قَوْلُهُ مِثَالٌ لِأَحَدِ النَّوْعَيْنِ) أَيْ وَهُوَ الْمُعَيَّنُ (قَوْلُهُ أَشَارَ لِتَعَقُّبِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ) أَيْ لِأَنَّ عِيَاضًا مُوَافِقٌ لِابْنِ الْحَاجِبِ فَمَا وَرَدَ عَلَى عِيَاضٍ مِنْ الِاعْتِرَاضِ يَرُدُّ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَوْلُهُ مُقَاسَمَةُ الْأَزْمَانِ كَسَعِيدٍ الْعَبْدِ يَخْدُمُك شَهْرًا وَيَخْدُمُنِي شَهْرًا وَقَوْلُهُ وَمُقَاسَمَةُ الْأَعْيَانِ يَخْدُمُك سَعِيدٌ وَزَيْدٌ يَخْدُمُنِي وَلَمْ يُعَيِّنَا زَمَنًا لِكُلٍّ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْمُتَعَدِّدِ وَأَمَّا الْمُتَّحِدُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الزَّمَنِ فِيهِ وَإِلَّا فَسَدَتْ (قَوْلُهُ وَلَمَّا قَارَبَ الشَّهْرَ) فِي كَلَامِ غَيْرِهِ الشَّهْرُ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا سِنِينَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَثُرَتْ (قَوْلُهُ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ النَّقْدُ) بَيَانٌ لِمَأْمُونَةٍ أَيْ مَنْ ذِكْرِنَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِأَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مَأْمُونَةً فَيَجُوزُ التَّهَانُؤُ فِيهَا وَلَوْ عَشْرَ سِنِينَ بَلْ أَكْثَرَ فَيَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَزْرَعَ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ وَالْآخَرُ كَذَلِكَ وَهَذَا فِي الْمَأْمُونَةِ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْجَوَازِ وَلَوْ فِي السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ كَمَا نَقَلَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>