للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي السَّيْرِ لَجَازَ التَّأْخِيرُ لِانْتِفَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ حِينَئِذٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَعَ فِي السَّيْرِ فَكَأَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ الْمَنْفَعَةِ وَبِعِبَارَةٍ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا الْآنَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَتَأْخِيرُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ سُلِّمَ حَتَّى لَوْ هَلَكَ يَجْرِي عَلَى بَابِ السُّلَّمِ وَقَدْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِيهِ وَمِنْك إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَوَضَعَ لِلتَّوَثُّقِ إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ فِي مَضْمُونَةٍ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا أَيْ: فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ وَإِلَّا فَسَدَتْ وَظَاهِرُهُ كَانَتْ فِي الْإِبَّانِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَا يَكْتَفِي بِتَعْجِيلِ الْيَسِيرِ وَقَوْلِهِ (إلَّا كَرْيَ حَجٍّ فَالْيَسِيرُ) أَيْ فَيَكْتَفِي بِتَعْجِيلِ الْيَسِيرِ كَانَ ذَلِكَ فِي الْإِبَّانِ أَوْ قَبْلَهُ وَذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ لَا لِكَوْنِ الْإِبَّانِ لَمْ يَأْتِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ حَيْثُ وُجِدَتْ الضَّرُورَةُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ إلَّا كَكَرْيِ حَجٍّ فَالْيَسِيرُ أَيْ: لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ تَعْجِيلُ جَمِيعِ الْأَجْرِ فِي السَّفَرِ الْبَعِيدِ كَالْحَجِّ وَنَحْوِهِ لَضَاعَتْ أَمْوَالُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ هُرُوبِ الْجَمَّالِينَ بِالْأَجْرِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي إذَا طَلَبَ التَّعْجِيلَ فِي الْمَضْمُونَةِ وَطَلَبَ الْمُكْتَرِي الشُّرُوعَ وَعَدَمَ التَّعْجِيلِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايَعَيْنِ وَبُدِئَ الْمُشْتَرِي.

(ص) وَإِلَّا فَمُيَاوَمَةً (ش) أَيْ: وَالْإِبَّانُ لَمْ يَكُنْ الْأَجْرُ مُعَيَّنًا وَلَمْ يَكُنْ ثُمَّ شَرْطٌ وَلَمْ تَكُنْ عَادَةٌ فَمُيَاوَمَةً بِتَقْدِيمِ الْيَاءِ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْوَاوِ عَلَى الْيَاءِ أَيْ: كُلَّمَا اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ يَوْمٍ أَوْ تَمَكَّنَ مِنْ اسْتِيفَائِهَا لَزِمَهُ أَجَرْته وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الْقِطْعَةُ الْمُعَيَّنَةُ مِنْ الزَّمَنِ لَا حَقِيقَةُ الْيَوْمِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ أَوَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَهَذَا عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ، وَأَمَّا إنْ تَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ فَيُعْمَلُ بِهِ.

(ص) وَفَسَدَتْ إذَا انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةُ الَّتِي فِيهَا الْأَجْرُ مُعَيَّنٌ تَفْسُدُ إذَا انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِهِ بِأَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ فِيهِ التَّأْخِيرَ أَوْ لَا يُوجَدُ فِيهِ عُرْفٌ بِتَعْجِيلٍ وَلَا تَأْخِيرٍ وَلَوْ عَجَّلَهُ وَمَحَلُّ الْفَسَادِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ التَّعْجِيلَ أَوْ يُشْتَرَطُ الْخُلْفُ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ كَمَا يَأْتِي.

(ص) كَمَعَ جُعْلٍ لَا بَيْعٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْفَسَادِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِجَارَةُ إذَا وَقَعَتْ مَعَ الْجُعْلِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهَا تَكُونُ فَاسِدَةً لِتَنَافُرِ الْأَحْكَامِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا يَجُوزُ فِيهَا الْغَرَرُ وَتَلْزَمُ بِالْعَقْدِ وَيَجُوزُ فِيهَا الْأَجَلُ وَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْجُعْلِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ ضَرْبُ الْأَجَلِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ بَيْعِ الْأَعْيَانِ مَعَ الْجُعْلِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِخِلَافِ اجْتِمَاعِ الْإِجَارَةُ مَعَ الْبَيْعِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ كَمَا لَوْ بَاعَ لَهُ جُلُودًا عَلَى أَنْ يُخَرِّزَهَا الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي نِعَالًا أَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ كَمَا لَوْ بَاعَ لَهُ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَنْ يَنْسِجَ لَهُ ثَوْبًا آخَرَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ لَا مَعَ بَيْعٍ بِشَرْطِ أَنْ يَشْرَعَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي السَّلَمِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولُ مِنْهُ وَاسْتَأْجَرَهُ جَازَ إنْ شَرَعَ وَبِعِبَارَةٍ لَا مَعَ بَيْعٍ وَلَوْ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ وَجْهَ خُرُوجِهِ كَالثَّوْبِ عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ أَوْ الْجِلْدَ عَلَى أَنْ يُخَرِّزَهُ أَوْ الْقَمْحَ عَلَى أَنْ -

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّهُ وَلَوْ شَرَعَ فِيهَا الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَمْ تُقْبَضْ كُلُّهَا، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ قَبْضَ أَوَائِلِهَا كَأَنَّهُ قَبْضٌ لَهَا كُلِّهَا وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَكَانَ أَحْسَنَ فَلَمْ يَلْزَمْ الْمَحْذُورُ الْمَذْكُورُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ سَلَمٌ إلَخْ) هَذِهِ الْعِلَّةُ لَا يَظْهَرُ لَهَا صِحَّةٌ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ إنَّمَا تَظْهَرُ فِي جَانِبِ تَأْخِيرِ الْأُجْرَةِ لَا فِي جَانِبِ تَأْخِيرِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي هِيَ بِمَنْزِلَةِ رَأْسِ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ أَوْ فِي مَضْمُونَةٍ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ اللَّقَانِيِّ وَالْأَحْسَنُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّقْلُ مَا قَالَهُ عج وَهُوَ أَنَّ أَجْرَ الْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ حَيْثُ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا يَجِبُ تَعْجِيلُ جَمِيعِهِ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي إبَّانِهَا، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ قَبْلَهُ كَوُقُوعِهِ قَبْلَ زَمَانِ الْحَجِّ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَعْجِيلُ مَا قَلَّ نَحْوُ الدِّينَارِ كَانَ هُوَ جَمِيعَ الْكِرَاءِ أَوْ بَعْضَ الْكِرَاءِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْكِرَاءُ فِي الْمَضْمُونَةِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا جَرَى الْعُرْفُ بِتَعْجِيلِهِ أَمْ لَا، وَأَمَّا أَجْرُ الْمَنَافِعِ الْمُعَيَّنَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ تَعْجِيلُهَا بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ فَإِنْ انْتَفَيَا فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَسَدَ عَقْدُ الْكِرَاءِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لَمْ يَفْسُدْ عَقْدُ الْكِرَاءِ وَيَجُوزُ حِينَئِذٍ تَعْجِيلُهُ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي) أَيْ: لِأَنَّهُ بَائِعٌ وَالْمُكْتَرِي مُشْتَرٍ لِلْمَنَافِعِ وَيُقْضَى عَلَى الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ مَا فِي جِهَتِهِ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمُيَاوَمَةً) هَذَا فِي غَيْرِ الصَّانِعِ وَالْأَجِيرِ فِي غَيْرِ بَيْعِ السِّلَعِ؛ إذْ الصَّانِعُ وَالْأَجِيرُ فِي غَيْرِ بَيْعِ السِّلَعِ لَا يَسْتَحِقَّانِ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ، وَأَمَّا مَنْفَعَةُ دَارٍ وَأَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ نَحْوِهَا أَوْ عَمَلُ أَجِيرٍ فِي بَيْعِ سِلَعٍ فَفِي هَذِهِ كُلُّ مَا حَصَلَ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ أُجْرَتِهِ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ تَكُنْ عَادَةً) الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ وَيَقُولَ وَلَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّانِعِ وَالْأَجِيرِ أَنَّ الْعَامِلَ إذَا حَازَ كَالْخَيَّاطِ فَصَانِعٌ وَإِلَّا فَأَجِيرٌ كَالْبَنَّاءِ، فَإِنْ زَادَ الصَّانِعُ مِنْ عِنْدِهِ شَيْئًا فَصَانِعٌ وَبَائِعٌ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ) الْمُتَبَادِرُ رُجُوعُهُ لِلْمَنْفِيِّ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ تَكَلَّمَ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ لَفْظُ الْيَوْمِ وَلَمْ يَقُلْ زِيَادَةٌ.

(قَوْلُهُ تَفْسُدُ إذَا انْتَفَى عُرْفٌ إلَخْ) عَلَّلَ الْفَسَادَ بِأَنَّهُ بِشَرْطِ التَّأْجِيلِ يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ وَعِمَارَةُ الذِّمَّتَيْنِ وَمِمَّا يَجِبُ التَّعْجِيلُ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ كِرَاءُ أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ.

(قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ: عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِدَنَانِيرَ عُيِّنَتْ إلَّا بِشَرْطِ الْخُلْفِ وَالصُّورَةُ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً مَجْلِسَ الْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ دَفْعُهَا أُجْرَةً إلَّا بِشَرْطِ الْخُلْفِ مِنْ الْمُكْرِي؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْخُلْفِ يَقُومُ مَقَامَ التَّعْجِيلِ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى شَيْءٍ بِالدَّرَاهِمِ الْمُعَيَّنَةِ الْمَطْبُوعَةِ الَّتِي بِيَدِ فُلَانٍ فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ بِخِلَافِ الْحَاضِرَةِ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا ذَلِكَ بَلْ إنْ كَانَ الْعُرْفُ نَقْدَهَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا إلَّا بِشَرْطِ الْخُلْفِ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَكُونُ فَاسِدَةً) وَكَذَا يَفْسُدُ الْجَعْلُ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ الْوَاحِدُ صَحِيحًا فِي شَيْءٍ وَفَاسِدًا فِي شَيْءٍ آخَرَ وَقَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَرَادَ لَا يَتَحَقَّقُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَخْرِزَهَا) أَيْ: بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَا لِكُلٍّ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ مِنْ الْمَنْعِ إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ، فَإِذَا كَانَتْ فِي الْمَبِيعِ فَهُوَ مَحَلُّ وِفَاقٍ فَقَوْلُهُ فِي الْعِبَارَةِ الْآتِيَةِ وَلَوْ فِي الْمَبِيعِ الْمُنَاسِبُ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ وَجْهَ خُرُوجِهِ) وَيُزَادُ وَأَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>