للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي قَوْلِهِ مَمْلُوكٍ؛ إذْ الْمُرَادُ مَمْلُوكٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ (ص) وَلَوْ حَيَوَانًا وَرَقِيقًا (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْمَمْلُوكِ الَّذِي وَقْفُهُ يَصِحُّ وَيَلْزَمُ أَيْ: وَلَوْ كَانَ الْمَمْلُوكُ حَيَوَانًا نَاطِقًا أَوْ صَامِتًا وَعَطْفُ الرَّقِيقِ عَلَى حَيَوَانًا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ فَلِذَا عَطَفَهُ بِالْوَاوِ لَا بِأَوْ وَلَا بَأْسَ بِوَقْفِ الثِّيَابِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.

(ص) كَعَبْدٍ عَلَى مَرْضَى لَمْ يُقْصَدْ ضَرَرُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَصِحُّ وَقْفُ الْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ لِخِدْمَةِ الْمَرْضَى بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِدَ سَيِّدُهُ الضَّرَرَ لَهُ بِوَقْفِهِ عَلَيْهِمْ أَمَّا إنْ قَصَدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ فَقَصْدُ الضَّرَرِ يَكُونُ بِوَقْفِهِ عَلَى الْمَرْضَى لَا بِإِحْرَامِهِ الْعِتْقَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِكَوْنِ الْوَقْفِ عَلَى الْمَرْضَى وَمِثْلُ الْعَبْدِ الْأَمَةُ وَلَا يَطَؤُهَا؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ الْمَمْلُوكَةَ الْمَنَافِعُ لِلْغَيْرِ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا لِسَيِّدِهَا كَالْمُسْتَعَارَةِ وَالْمَرْهُونَةِ وَنَحْوِهِمَا.

(ص) وَفِي وَقْفٍ كَطَعَامٍ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمِثْلِيَّ كَانَ طَعَامًا أَوْ نَقْدًا هَلْ يَصِحُّ وَقْفُهُ أَمْ لَا فِيهِ تَرَدُّدٌ فَأَحَدُ التَّرَدُّدَيْنِ يَقُولُ بِالْجَوَازِ كَالْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا إذَا وُقِفَتْ لِلسَّلَفِ؛ لِأَنَّهَا تَطُولُ إقَامَتُهَا وَنَزَلَ رَدُّ بَدَلِ مَا اُنْتُفِعَ بِهِ بِمَنْزِلَةِ دَوَامِ الْعَيْنِ وَهَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ لَا يَجُوزُ وَقْفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ فِي اسْتِهْلَاكِهِ وَالْوَقْفُ إنَّمَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ وَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ أَنَّهُ وُقِفَ لِيُنْتَفَعَ بِهِ وَيُرَدُّ بَدَلُهُ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقٍ ثُمَّ إنَّ الْمَذْهَبَ جَوَازُ وَقْفِ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالطَّعَامِ وَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّامِلِ فَإِنَّهُ بَعْدَ مَا حَكَى الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ حَكَى الْقَوْلَ بِالْكَرَاهَةِ بِقِيلِ وَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ وَيَدُلُّ لِلصِّحَّةِ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ وَزُكِّيَتْ عَيْنٌ وُقِفَتْ لِلسَّلَفِ.

(ص) عَلَى أَهْلٍ لِلتَّمَلُّكِ (ش) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلتَّمَلُّكِ حُكْمًا كَالْمَسْجِدِ أَوْ حِسًّا كَالْآدَمِيِّ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ مَا جَازَ صَرْفُ مَنْفَعَةِ الْحَبْسِ لَهُ أَوْ فِيهِ اهـ. فَقَوْلُهُ عَلَى أَهْلٍ لِلتَّمَلُّكِ هُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَوْصُوفُ بِالتَّمَلُّكِ وَالْوَاقِفُ يَتَّصِفُ بِالتَّمْلِيكِ وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَذَلِكَ وَهِيَ صَحِيحَةٌ بِتَقْدِيرِ أَيْ: عَلَى أَهْلٍ لِلتَّمْلِيكِ لَهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَشْمَلُ الْمَوْجُودَ وَالْمَعْدُومَ كَالْأَعْقَابِ وَيَشْمَلُ الْعَاقِلَ وَغَيْرَهُ وَالْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ فَقَوْلُهُ (كَمَنْ سَيُولَدُ) مِثَالٌ لِقَوْلِهِ عَلَى أَهْلٍ أَيْ: وَلَوْ فِي ثَانِي حَالٍ؛ إذْ لَمْ يُقَيَّدْ ذَلِكَ بِحَالِ الْوَقْفِيَّةِ لَكِنَّ الْوَقْفَ غَيْرُ لَازِمٍ قَبْلَ الْوِلَادَةِ فَإِنْ وُلِدَ لَزِمَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الصِّحَّةِ.

(ص) وَذِمِّيٍّ (ش) عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ؛ إذْ هُوَ مِنْ الْأَمْثِلَةِ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى أَهْلٍ أَيْ: وَكَذَلِكَ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الذِّمِّيِّ قَرِيبًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَفِي الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ أَجْرٌ، وَكَذَلِكَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلذِّمِّيِّ وَالْمُرَادُ بِالذِّمِّيِّ مَا عَدَا الْحَرْبِيَّ فَيَدْخُلُ مَا كَانَ تَحْتَ ذِمَّتِنَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ كِتَابٌ أَمْ لَا.

(ص) وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَقْفَ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ قُرْبَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ مِنْ بَابِ الْعَطَايَاتِ وَالْهِبَاتِ لَا مِنْ بَابِ الصَّدَقَاتِ وَلِهَذَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي صَحَّ وَعَبَّرَ بِقُرْبَةٍ دُونَ طَاعَةٍ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا نِيَّةٌ بِخِلَافِ الطَّاعَةِ وَكِلَاهُمَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْفِيَّ الظُّهُورُ لِلْقُرْبَةِ كَمَا

ــ

[حاشية العدوي]

وَقْفٍ لِمَسْجِدٍ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ وَقْفِهِ عَلَى كَنِيسَةٍ مَثَلًا قَطْعًا بِالْعَقْلِ وَالنَّقْلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَيَوَانًا وَرَقِيقًا) رُدَّ بِهِ عَلَى مَنْ مَنَعَ وَقْفَهُمَا (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ بِالْمَنْعِ.

(قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِدَ إلَخْ) صَادِقٌ بِأَنْ يَقْصِدَ بِوَقْفِ هَذَا الْعَبْدِ مَزِيدَ الرِّفْقِ بِهِمْ لِوُفُورِ صَبْرِهِ عَلَى خِدْمَتِهِمْ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ إلَّا مُجَرَّدُ الْقُرْبَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ قَصْدَهُ صَحَّ كَمَا فِي عب وَقَوْلُهُ يَكُونُ بِوَقْفِهِ أَيْ أَنَّ قَصْدَ الضَّرَرِ إذَا وُجِدَ لَا يَكُونُ إلَّا بِوَقْفِهِ عَلَى الْمَرْضَى وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا كَالْمُؤَجَّرَةِ.

(قَوْلُهُ فَأَحَدُ التَّرَدُّدَيْنِ يَقُولُ بِالْجَوَازِ) أَيْ وَالتَّرَدُّدُ الثَّانِي عَدَمُ الْجَوَازِ الْمُحْتَمِلُ لِلْمَنْعِ وَالْكَرَاهَةِ كَمَا قَالَهُ عج ثُمَّ أَقُولُ وَالْمَنْعُ قَدْ يُجَامِعُهُ الصِّحَّةُ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ الْبُطْلَانَ وَلَكِنَّ الْمُنَاسِبَ لِقَوْلِهِ هَلْ يَصِحُّ وَقْفُهُ أَنْ يَقُولَ فَأَحَدُ التَّرَدُّدَيْنِ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ وَالثَّانِي بِعَدَمِهَا وَقَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ الْحُرْمَةُ وَإِنْ احْتَمَلَ الْكَرَاهَةَ وَقَوْلُهُ.

وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ إلَخْ أَيْ: بِأَنْ وُقِفَ لِتَزْيِينِ الْحَوَانِيتِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ الْمَذْهَبَ أَيْ: الْمُعْتَمَدَ وَقَوْلُهُ وَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ هَذَا مِمَّا يُقَوِّي أَنْ يُقَالَ إنَّ الطَّرَفَ الثَّانِيَ مِنْ التَّرَدُّدِ الْكَرَاهَةُ وَقَوْلُهُ وَيَدُلُّ لِلصِّحَّةِ اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ لَا يَدُلَّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَزُكِّيَتْ أَيْ: بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ وَقْفِهَا وَالرُّجْحَانُ وَعَدَمُهُ أَمْرٌ آخَرُ اهـ. لَكِنْ أَقُولُ الظَّاهِرُ مِنْهُ الصِّحَّةُ ثُمَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ شَاسٍ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ ابْنِ شَاسٍ أَنَّ الْوَقْفَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَنَقَلَ عَنْ الْبَيَانِ الْكَرَاهَةَ قَائِلًا وَذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ لِلصِّحَّةِ فَالتَّرَدُّدُ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا وَاقْتَصَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْمَذْكُورُ وَتَبِعَهُ عب عَلَى أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي غَيْرِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ بَلْ فِي الطَّعَامِ وَمَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إذَا غِيبَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ فَيَجُوزُ وَقْفُهُمَا لِلسَّلَفِ قَطْعًا وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْحَقُّ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْكُلِّ وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ كَمَا أَفَادَهُ شَارِحُنَا.

(قَوْلُهُ مَنْفَعَةِ الْحَبْسِ لَهُ) وَهُوَ الْآدَمِيُّ وَقَوْلُهُ أَوْ فِيهِ أَيْ: وَهُوَ الْمَسْجِدُ أَوْ الْقَنْطَرَةُ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْوَقْفَ غَيْرُ لَازِمٍ قَبْلَ الْوِلَادَةِ إلَخْ) هَكَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ أَيْ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُرْجَعُ فِي وَقْفِيَّتِهِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَتَحَتَّمُ وَقْفُهُ بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ فَإِنْ وُلِدَ لَهُ لَزِمَ وَإِنْ لَمْ يُولَدْ لَهُ بَطَلَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغَلَّةَ تُوقَفُ إلَى أَنْ يُوجَدَ مَا لَمْ يَيْأَسْ مِنْهُ فَلَا تُوقَفُ وَتُرَدُّ الْغَلَّةُ وَالْوَقْفُ لِلْمَالِكِ هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ مَانِعٌ قَبْلَ الْوِلَادَةِ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ مَانِعٌ كَمَوْتِهِ بَطَلَ قَالَهُ عج.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ) سَيَأْتِي أَنَّ الْوَقْفَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ لَا مِنْ الصَّدَقَاتِ (قَوْلُهُ وَكِلَاهُمَا لَا بُدَّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>