للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا زَادَهُ حَسَنٌ، وَكَذَلِكَ الْحَبْسُ لَا يَصِحُّ هِبَتُهُ وَبِعِبَارَةٍ يَصِحُّ نَقْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ لَا بِجَمِيعِ وُجُوهِ الِانْتِقَالَاتِ فَيَصِحُّ هِبَةُ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْكَلْبِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ امْتِنَاعِ نَقْلِهِمَا عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ وَهُوَ الْبَيْعُ امْتِنَاعُ نَقْلِهِمَا مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ.

(ص) مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا (ش) هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي وَهُوَ الْوَاهِبُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَاَلَّذِي لَهُ التَّبَرُّعُ مَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ فَيَخْرُجُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَالسَّكْرَانُ وَيَدْخُلُ الْمَرِيضُ إذَا تَبَرَّعَ بِثُلُثِهِ؛ إذْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ فَلَهَا أَنْ تَتَبَرَّعَ بِثُلُثِهَا لَكِنَّ هِبَةَ الزَّوْجَةِ وَمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ صَحِيحَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ وَالْغَرِيمِ، وَأَمَّا هِبَةُ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ فَبَاطِلَةٌ، وَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَى إطْلَاقِهِ الْبُطْلَانَ فِي الْجَمِيعِ وَالضَّمِيرُ فِي بِهَا عَائِدٌ عَلَى الْهِبَةِ وَالْمُرَادُ بِالتَّبَرُّعِ غَيْرُ الْهِبَةِ فَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَهَبَهُ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَهَبَهُ وَمَنْ لَا فَلَا فَالْمَرِيضُ وَالزَّوْجَةُ إذَا أَرَادَا هِبَةَ ثُلُثِهِمَا يَصِحُّ لَهُمَا؛ لِأَنَّ لَهُمَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُمَا أَنْ يَتَبَرَّعَا بِهِ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ الْمُؤَلِّفُ بِهَا لَوَرَدَ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَ لَهُمَا التَّبَرُّعُ دَائِمًا الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِمَا ذُكِرَ.

(ص) وَإِنْ مَجْهُولًا وَكَلْبًا وَدَيْنًا وَهُوَ إبْرَاءٌ إنْ وُهِبَ لِمَنْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَكَالرَّهْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يَقْبَلُ النَّقْلَ شَرْعًا تَجُوزُ هِبَتُهُ وَلَوْ كَانَ مَجْهُولًا وَسَوَاءٌ كَانَ مَجْهُولَ الْعَيْنِ أَوْ الْقَدْرِ كَانَ مَجْهُولًا لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَلَوْ خَالَفَ الظَّنَّ بِكَثِيرٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ فِيهِ هِبَةُ الْكَلْبِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ، وَكَذَلِكَ الْآبِقُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُون فِي اتِّخَاذِهِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ مَمْلُوكٍ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يَحْتَاجُ لِلتَّقَيُّدِ بِالْمَأْذُونِ؛ لِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَمْلُوكِ أَيْ: فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ يُنْقَلُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَمْلُوكُ الَّذِي يُنْقَلُ كَلْبًا، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ هِبَةُ الدَّيْنِ الشَّرْعِيِّ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلِغَيْرِهِ لَكِنْ إنْ وُهِبَ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَهُوَ إبْرَاءٌ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ بِخِلَافِ الْإِسْقَاطِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ كَمَا يَأْتِي وَإِنْ وَهَبَهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِشْهَادِ وَفِي كَوْنِ دَفْعِ ذِكْرِ الْحَقِّ إنْ كَانَ كَذَلِكَ أَوْ شَرْطَ كَمَالٍ قَوْلَانِ، وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَشَرْطُ كَمَالٍ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَالرَّهْنِ أَيْ: وَإِنْ وُهِبَ الدَّيْنُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَكَقَبْضِ الدَّيْنِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَالْكَلْبِ) أَيْ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ.

(قَوْلُهُ لَكِنَّ هِبَةَ الزَّوْجَةِ) أَيْ: فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا لَا فِي هِبَةِ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ فِيهَا الْإِجَازَةَ خِلَافًا لِظَاهِرِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ، وَأَمَّا هِبَةُ الْمَرِيضِ إذَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَفِي عب أَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَجَعَلَهُ كَالزَّوْجَةِ فِي تَبَرُّعِهَا بِزَائِدِ الثُّلُثِ وَأَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الرَّاجِحَ بُطْلَانُهُ فِي الْمَرِيضِ وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا هِبَةُ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ أَيْ وَمِثْلُهُمَا الْعَبْدُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ.

{فَرْعٌ} إذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِهِ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ حَبَسَ ثُمَّ مَاتَ كَانَ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ وَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ فِي ذَلِكَ لِكَوْنِهِ بَتَّلَهُ وَلَا يَتَعَجَّلُهُ مُعْطَاهُ حَتَّى يَصِحَّ أَوْ يَمُوتَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْمَفْهُومِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ بِالصِّحَّةِ اللُّزُومُ لَا يُرَدُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَهُ التَّبَرُّعُ يَلْزَمُ مِنْهُ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ وَهُوَ صَادِقٌ بِالصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالتَّبَرُّعِ غَيْرُ الْهِبَةِ) أَيْ: أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ مُضَافٍ وَالْمُرَادُ مَنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِغَيْرِ الْهِبَةِ كَالْوَقْفِ يَكُونُ لَهُ التَّبَرُّعُ بِالْهِبَةِ وَقَوْلُهُ فَالْمَعْنَى إلَخْ لَا يُنَاسِبُ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ مَنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَهَبَهُ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَهَبَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مُغَايِرٌ لِلْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَنَّ مَنْ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ) أَيْ: مِنْ جَارٍ لَهُ (قَوْلُهُ إذَا أَرَادَ هِبَةَ ثُلُثِهِمَا) أَيْ: وَأَمَّا إذَا أَرَادَا أَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا يَصِحُّ هَذَا مُفَادُهُ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الزَّوْجَةِ غَيْرَ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ كَمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالصِّحَّةِ اللُّزُومُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُمَا ذَلِكَ) أَيْ: لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمَا ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُمَا أَنْ يَتَبَرَّعَا) عَلَى حَذْفِ أَيْ: أَيْ؛ لِأَنَّ لَهُمَا أَنْ يَتَبَرَّعَا (قَوْلُهُ دَائِمًا) أَيْ: مُطْلَقًا ثُلُثًا أَوْ أَزْيَدَ بَلْ الْمُرَادُ الثُّلُثُ فَقَطْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِقَوْلِهِ بِهَا لَأَفَادَ أَنَّ الزَّوْجَةَ وَالْمَرِيضَ يَصِحُّ مِنْهُمَا التَّبَرُّعُ مُطْلَقًا كَانَ ثُلُثًا أَوْ أَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَأَقُولُ) لَوْ حُذِفَ بِهَا لَكَانَ أَحْسَنَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى مَنْ جَازَ لَهُ التَّبَرُّعُ صَحَّ مِنْهُ الْهِبَةُ ثُمَّ إنَّ جَوَازَ التَّبَرُّعِ الْمَذْكُورِ يُرْجَعُ فِيهِ لِمَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي بَابِ التَّبَرُّعِ مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَ وَالزَّوْجَةَ فِي الثُّلُثِ لَا أَزْيَدَ لِوُجُودِ الْحَجْرِ فِيهِ وَغَيْرَهُمَا مِنْ الرَّشِيدِ الصَّحِيحِ الْغَيْرِ الْمَدِينِ مُطْلَقًا لِعَدَمِ وُجُودِ الْحَجْرِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ مَجْهُولًا) دَخَلَ فِيهِ الْمُكَاتَبُ بِتَقْدِيرِ عَجْزِهِ وَهِبَةِ مِلْكِ غَيْرِهِ بِتَقْدِيرِ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ مَجْهُولَ الْعَيْنِ أَوْ الْقَدْرِ) أَيْ: أَوْ كَانَ مَجْهُولَهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ وَلَوْ خَالَفَ الظَّنَّ بِكَثِيرٍ) كَمَا إذَا قَالَ الْوَاهِبُ أَنَا اعْتَقَدْت أَنَّ مَا وَهَبْته لَك شَيْءٌ يَسِيرٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَثِيرٌ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ الْقَائِلِ أَنَّهُ إذَا خَالَفَ الظَّنَّ بِكَثِيرٍ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ اللَّخْمِيِّ كَلَامٌ آخَرُ مُغَايِرٌ لِذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ، فَإِذَا كَانَ الْوَارِثُ يَرَى أَنَّ لِلْمَوْرُوثِ دَارًا يَعْرِفُهَا فِي مِلْكِهِ فَأَبْدَلَهَا الْمَيِّتُ فِي غَيْبَتِهِ بِأَفْضَلَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَ الْعَطِيَّةِ إذَا قَالَ كَانَ قَصْدِي تِلْكَ الدَّارَ وَإِنْ خَلَفَ مَالًا حَاضِرًا ثُمَّ طَرَأَ مَالٌ آخَرُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مَضَتْ الْعَطِيَّةُ فِيمَا عَلِمَ خَاصَّةً وَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الْمَالِ حَاضِرًا وَكَانَ يَرَى أَنَّ قَدْرَهُ كَذَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَكْثَرُ كَانَ شَرِيكًا بِالزَّائِدِ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ) فَلَوْ مَاتَ صَاحِبُ الدَّيْنِ قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْإِبْرَاءَ يَبْطُلُ وَيَرْجِعُ لِلْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ كَالطَّلَاقِ) فَإِنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْعِصْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهَا لِلزَّوْجَةِ وَقَوْلُهُ وَالْعِتْقِ فَإِنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْمِلْكِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ لِلْعَبْدِ.

(قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِشْهَادِ إلَخْ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ صِفَةَ قَبْضِ الدَّيْنِ الْمَوْهُوبِ أَنْ يَشْهَدَ الْوَاهِبُ عَلَى الدَّيْنِ لِفُلَانٍ وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَيَدْفَعَ الْوَاهِبُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ذِكْرَ الْحَقِّ (قَوْلُهُ فَكَقَبْضِ الدَّيْنِ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ قَبْضِ وَيَقُولُ وَإِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>