للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحُرِّيَّةُ وَعَدَمُ الْفِسْقِ، وَلَا يُغْنِي عَنْ الْعَدْلِ قَوْلُهُ مُجْتَهِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ عَلَى الصَّحِيحِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَصِفَاتُ الْقَضَاءِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ وَاجِبٌ شَرْطٌ وَوَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ وَمُسْتَحَبٌّ، فَمِنْ قَوْلِهِ عَدْلٌ إلَى قَوْلِهِ وَنَفَذَ حُكْمُ أَعْمَى إلَخْ وَاجِبٌ شَرْطٌ، وَمِنْ قَوْلِهِ وَنَفَذَ حُكْمُ أَعْمَى إلَى قَوْلِهِ وَوَجَبَ عَزْلُهُ عَدَمُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ، وَمِنْ قَوْلِهِ كَوَرَعٍ إلَخْ مُسْتَحَبٌّ، وَقَوْلُهُ (ص) ذَكَرٌ (ش) أَيْ مُحَقَّقٌ فَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَرْأَةِ (ص) فَطِنٌ (ش) أَيْ ذُو فَطَانَةٍ فَلَا يَصِحُّ تَوْلِيَةُ الْمُغَفَّلِ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَفَطُّنٌ لِحِجَاجِ الْخُصُومِ وَخَدْعِهِمْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْفَطَانَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَزَائِدٌ فِي الدَّهَاءِ أَيْ وَبِلَا وَصْفٍ أَوْ عَقْلٍ زَائِدٍ فِي الدَّهَاءِ أَيْ فِي الْفَطَانَةِ فَهُوَ مِنْ بَابِ النَّسَبِ كَقَوْلِهِمْ فُلَانٌ لَبَنٌ أَيْ صَاحِبُ لَبَنٍ، وَفُلَانٌ تَمْرٌ أَيْ صَاحِبُ تَمْرٍ مِنْ بَابِ الْمُبَالَغَةِ أَوْ أَنَّ فَطِنَ بِمَعْنَى فَاطِنٌ وَالْفِطْنَةُ جَوْدَةُ الذِّهْنِ وَجَوْدَةُ الْقَرِيحَةِ بِأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ جَوْدَةِ الْعَقْلِ مَا يَرُدُّ بِهِ الْمُتَّحِدَ مُتَعَدِّدًا وَمَا يَرُدُّ بِهِ الْمُتَعَدِّدَ مُتَّحِدًا وَمَا يَرُدُّ بِهِ الصَّحِيحَ فَاسِدًا أَوْ مَا يَرُدُّ بِهِ الْفَاسِدَ صَحِيحًا كَمَا إذَا كَانَ عِنْدَ غَيْرِهِ مُتَّحِدَ الْبَلَاهَةِ وَالْبَلَادَةِ وَيَكُونُ عِنْدَهُ هُوَ مُتَعَدِّدًا أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ يَكُونُ عِنْدَ غَيْرِهِ صَحِيحًا وَعِنْدَهُ هُوَ فَاسِدًا وَبِالْعَكْسِ (ص) مُجْتَهِدٌ إنْ وُجِدَ (ش) أَيْ فَلَا تَصِحُّ وِلَايَةُ الْمُقَلِّدِ حَيْثُ وُجِدَ الْمُجْتَهِدُ وَالْمُرَادُ بِالْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُطْلَقِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ (ص) وَإِلَّا فَأَمْثَلُ مُقَلِّدٍ (ش) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُجْتَهِدًا فَأَمْثَلُ الْمُقَلِّدِينَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِوِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَهُوَ الَّذِي لَهُ فِقْهٌ نَفِيسٌ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ وُجِدَ جَوَازُ الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ

وَفِي ذَلِكَ نِزَاعٌ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ (ص) وَزِيدَ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ قُرَشِيٌّ (ش) الْأَصَحُّ أَنَّ قُرَيْشًا وَلَدُ فِهْرٍ وَالْأَكْثَرُ أَنَّهُمْ وَلَدُ النَّضْرِ وَفِهْرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ ثُمَّ إنَّ كَوْنَهُ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ أَوْلَى أَيْ أَفْضَلُ لَا أَنَّهُ وَاجِبٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ يُشْتَرَطُ

ــ

[حاشية العدوي]

جَوْرًا بَيِّنًا وَأَمَّا تَوْلِيَةُ غَيْرِ الْعَدْلِ عِنْدَ عَدَمِهِ فَلَيْسَ لِكَوْنِهِ أَهْلًا بَلْ لِلضَّرُورَةِ، قَالَ الْقَرَافِيُّ إنْ لَمْ يُوجَدْ الْعَدْلُ وُلِّيَ أَمْثَلُ الْمَوْجُودِينَ قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ لِلتُّونِسِيِّ قَالَ مَالِكٌ وَلَا أَرَى خِصَالَ الْقَضَاءِ تَجْتَمِعُ الْيَوْمَ فِي أَحَدٍ فَإِنْ اجْتَمَعَتْ مِنْهَا خَصْلَتَانِ الْعِلْمُ وَالْوَرَعُ وُلِّيَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عِلْمٌ وَكَانَ مَعَهُ عَقْلٌ وَوَرَعٌ فَذَلِكَ يَكْفِي؛ لِأَنَّهُ بِالْعَقْلِ يَسْأَلُ وَبِهِ خِصَالُ الْخَيْرِ كُلُّهَا وَبِالْوَرَعِ يَقِفُ فَإِنْ طَلَبَ الْعِلْمَ وَجَدَهُ وَإِنْ طَلَبَ الْعَقْلَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَمْ يَجِدْهُ انْتَهَى وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: لِحِجَاجِ الْخُصُومِ وَخَدْعِهِمْ) وَلِحِجَاجِ بِكَسْرِ اللَّامِ وَخَدْعِهِمْ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَبِلَا وَصْفٍ أَوْ عَقْلٍ) الْأَحْسَنُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الثَّانِي الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: عَقْلٍ أَيْ إنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ لَا يَكُونَ الْقَاضِي زَائِدًا فِي الْفَطَانَةِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ إلَخْ) أَيْ إذَا عَلِمْت مَا ذَكَرَهُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَطِنٌ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ صِيغَةُ الْمُبَالَغَةِ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ النَّسَبِ وَقَوْلُهُ: كَقَوْلِهِمْ فُلَانٌ لَبِنٌ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْ فَلَيْسَ لَبِنٌ صِيغَةَ مُبَالَغَةٍ بَلْ صِيغَةُ نَسَبٍ وَقَوْلُهُ: أَيْ صَاحِبَ لَبَنٍ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْبَاءِ. (قَوْلُهُ: أَوْ إنَّ فَطِنٌ بِمَعْنَى فَاطِنٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ بَابِ النَّسَبِ وَهُوَ جَوَابٌ ثَانٍ وَالْمَعْنَى أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ النَّسَبِ بَلْ هُوَ اسْمُ فَاعِلٍ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ فَكَيْفَ يَكُونُ اسْمَ فَاعِلٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَعْنَى عِبَارَتِهِ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ صِيغَةَ مُبَالَغَةٍ لَكِنَّهُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِيهَا بَلْ اُسْتُعْمِلَ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ.

(قَوْلُهُ: جَوْدَةُ الذِّهْنِ وَجَوْدَةُ الْقَرِيحَةِ) وَالذِّهْنُ وَالْقَرِيحَةُ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْعَقْلُ، وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ بِأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ جَوْدَةِ الْعَقْلِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِالذِّهْنِ وَالْقَرِيحَةِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْعَقْلُ ثُمَّ إنَّ الْمُدْرِكَ حَقِيقَةُ النَّفْسِ وَالْعَقْلُ سَبَبٌ. (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا كَانَ عِنْدَ غَيْرِهِ مُتَّحِدًا) بِأَنْ يَكُونَ قَضِيَّتَانِ حُكْمُهُمَا عِنْدَ ذَلِكَ الْغَيْرِ مُتَّحِدٌ لِبَلَادَتِهِ وَعِنْدَهُ مُتَعَدِّدٌ لِذَكَائِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِالْعَكْسِ كَمَا إذَا كَانَ حُكْمُهُمَا عِنْدَ غَيْرِهِ مُخْتَلِفًا لِبَلَادَتِهِ وَعِنْدَهُ مُتَّحِدًا لِذَكَائِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ يَكُونَ عِنْدَ غَيْرِهِ صَحِيحًا أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي نَازِلَةٍ عِنْدَ غَيْرِهِ صَحِيحًا لِبَلَادَتِهِ وَعِنْدَهُ فَاسِدًا لِذَكَائِهِ وَبِالْعَكْسِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ حُكْمُ النَّازِلَةِ عِنْدَ غَيْرِهِ فَاسِدًا لِبَلَادَتِهِ وَعِنْدَهُ صَحِيحًا لِذَكَائِهِ

١ -

. (قَوْلُهُ: مُجْتَهِدٌ إنْ وُجِدَ) الْمُجْتَهِدُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مُجْتَهِدٌ مُطْلَقٌ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ مُجْتَهِدٌ إنْ وُجِدَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَمُجْتَهِدُ مَذْهَبٍ وَمُجْتَهِدُ فَتْوَى وَهُمَا الْمُشَارُ لَهُمَا بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَأَمْثَلُ مُقَلِّدٍ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُطْلَقِ فَهُوَ دَاخِلٌ إلَخْ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فَأَمْثَلُ مُقَلِّدٍ أَيْ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ فَمُجْتَهِدُ الْمَذْهَبِ هُوَ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى إقَامِهِ الْأَدِلَّةِ وَمُجْتَهِدُ الْفَتْوَى هُوَ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى التَّرْجِيحِ وَمُجْتَهِدُ الْمَذْهَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى مُجْتَهِدِ الْفَتْوَى. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي لَهُ فِقْهٌ نَفِيسٌ) أَيْ لَا كُلْفَةَ فِيهِ وَقَوْلُهُ: وَظَاهِرُ إلَخْ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْجَوَازِ وَإِلَّا لَأَتَى بِإِذَا؛ لِأَنَّ إنْ لِلْمُحَالِ وَإِذَا لِلْمُحَقَّقِ، وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَوْلِيَةَ أَمْثَلِ مُقَلِّدٍ مَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ بَاطِلَةٌ وَهَذَا قَوْلٌ وَعَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَعَلَيْهِ طَائِفَةٌ أَيْضًا كَالْمَازِرِيِّ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي زَمَنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ قَبْلَهُ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ فَكَانَ يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: فَأَمْثَلُ مُقَلِّدٍ مَعْكُوسٌ أَيْ مُقَلِّدُ أَمْثَلَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وِلَايَةُ غَيْرِ الْأَمْثَلِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالثَّانِي أَنَّهُ شَرْطُ كَمَالٍ.

(أَقُولُ) وَهَذَا الْقَوْلُ يَجْرِي عَلَى مَا بِهِ الْعَمَلُ الْمُتَقَدِّمُ إلَّا أَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا تَوْلِيَةُ الْجَاهِلِ فَإِنَّهُ إذَا شَاوَرَ مَضَى حُكْمُهُ، وَإِمْضَاءُ الْحُكْمِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَوْلِيَتَهُ صَحِيحَةٌ وَإِلَّا فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ لَا يَمْضِيَ شَيْءٌ مِنْ حُكْمِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَوَلٍّ قَبْلُ وَإِنَّمَا مَضَى حُكْمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَاوَرَ اسْتَنَدَ إلَى مَا عِنْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ فَلَمْ يَكُنْ جَاهِلًا وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا يَأْتِي مِنْ الْإِمْضَاءِ حَيْثُ تَوَلَّى مَعَ عَدَمِ وُجُودِ مَنْ يَصْلُحُ فَلَا إشْكَالَ. (قَوْلُهُ: أَوْلَى أَيْ أَفْضَلُ) فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَّاحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>