للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِقَوْلِهِ: بِاتِّفَاقٍ النِّكَاحُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ كَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ، فَإِنَّ الْوَطْءَ فِيهِ لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا إذْ لَا حَدَّ فِيهِ، فَالْمُرَادُ بِالِاتِّفَاقِ اتِّفَاقُ الْعُلَمَاءِ لَا الِاتِّفَاقُ الْمَذْهَبِيُّ، وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ: تَعَمُّدًا الْجَاهِلَ بِالْعَيْنِ، أَوْ بِالْحُكْمِ كَمَا يَأْتِي. (ص) وَإِنْ لِوَاطًا. (ش) أَيْ: وَإِنْ كَانَ وَطْءُ الْفَرْجِ لِوَاطًا؛ لِأَنَّ الْفَرْجَ شَامِلٌ لِلدُّبُرِ فَيُسَمَّى زِنًا شَرْعًا

. (ص) أَوْ إتْيَانُ أَجْنَبِيَّةٍ بِدُبُرٍ، أَوْ مَيِّتَةٍ غَيْرِ زَوْجٍ، أَوْ صَغِيرَةٍ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا. (ش) مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ إتْيَانَ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي دُبُرِهَا يُسَمَّى زِنًا لَا لِوَاطًا، فَيُجْلَدُ فِيهِ الْبِكْرُ، وَيُرْجَمُ فِيهِ الْمُحْصَنُ، وَاحْتَرَزَ بِالْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ الزَّوْجَةِ، فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ حَيْثُ وَطِئَهَا فِي دُبُرِهَا، وَكَذَلِكَ مَنْ أَتَى مَيِّتَةً غَيْرَ زَوْجَةٍ بَعْدَ مَوْتِهَا فِي قُبُلِهَا، أَوْ دُبُرِهَا، فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِانْطِبَاقِ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مِنْ أَتَى نَائِمَةً، أَوْ مَجْنُونَةً، وَأَمَّا الزَّوْجُ إذَا أَتَى زَوْجَتَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فِي قُبُلِهَا، أَوْ دُبُرِهَا، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ السَّيِّدُ مَعَ أَمَتِهِ، وَلَا صَدَاقَ عَلَى وَاطِئِ الْمَيِّتَةِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ جَنَى عَلَى عُضْوٍ مِنْهَا، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ الْمَيِّتَةَ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ زَنَى بِصَغِيرَةٍ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا فِي قُبُلِهَا، أَوْ فِي دُبُرِهَا، وَأَمَّا مَنْ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا إذَا وَطِئَهَا الْمُكَلَّفُ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: يُمْكِنُ وَطْؤُهَا أَيْ: لِلْوَاطِئِ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لِغَيْرِهِ، فَقَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرَةٍ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى أَجْنَبِيَّةٍ

. (ص) ، أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ لِوَطْءٍ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ مَمْلُوكَةٍ تُعْتَقُ، أَوْ يَعْلَمُ حُرِّيَّتَهَا، أَوْ مُحَرَّمَةٍ بِصِهْرٍ مُؤَبَّدٍ، أَوْ خَامِسَةٍ، أَوْ مَرْهُونَةٍ، أَوْ ذَاتِ مَغْنَمٍ، أَوْ حَرْبِيَّةٍ، أَوْ مَبْتُوتَةٍ، وَإِنْ بِعِدَّةٍ، وَهَلْ وَإِنْ أُبِتَّتْ فِي مَرَّةٍ تَأْوِيلَانِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَمَةً لِلْوَطْءِ، أَوْ لِلْخِدْمَةِ ثُمَّ وَطِئَهَا، فَإِنَّهُ يُحَدُّ، وَلَا يَكُونُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ شُبْهَةً تَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى الْأَمَةُ الْمُودَعَةُ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَهَا غَيْرُ السَّيِّدِ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهَا أَمَةٌ مُحَلَّلَةٌ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً تُعْتَقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ كَالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، وَنَحْوِهِمَا ثُمَّ وَطِئَهَا، وَهُوَ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ، وَإِلَّا فَلَا، وَشَمَلَ قَوْلُهُ: تُعْتَقُ مَا إذَا اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَكَذَلِكَ، يُحَدُّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَهِيَ مِمَّنْ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ، ثُمَّ وَطِئَهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِ وَطْئِهَا، وَكَذَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ لَوْ تَزَوَّجَهَا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْغَيْرِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ وَطِئَ الْمُحَرَّمَةَ بِصِهْرٍ مُؤَبَّدٍ بِنِكَاحٍ، وَأَمَّا بِمِلْكٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ إنْ كَانَتْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُعْتَقُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا اللَّخْمِيُّ إنْ تَزَوَّجَ ابْنَةَ زَوْجَتِهِ، وَدَخَلَ بِهَا، وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِأُمِّهَا لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ لَوْ طَلَّقَ الْأُمَّ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْأُمِّ حُدَّ، وَكَذَا إنْ تَزَوَّجَ أُمَّ امْرَأَتِهِ، فَإِنْ دَخَلَ بِالِابْنَةِ حُدَّ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَمْ يُحَدَّ لِلْخِلَافِ، وَإِنْ تَزَوَّجَ زَوْجَةَ أَبِيهِ، أَوْ زَوْجَةَ وَلَدِهِ حُدَّ إنْ كَانَ عَالِمًا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ، وَإِذَا حُدَّ بِوَطْءِ الْمُحَرَّمَةِ بِالصُّهَارَةِ فَأَوْلَى مَنْ وَطِئَ مُحَرَّمَةً بِالنَّسَبِ، أَوْ بِالرَّضَاعِ بِنِكَاحٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَكُونَانِ إلَّا مُؤَبَّدَيْنِ بِخِلَافِ الصِّهْرِ قَدْ لَا يَكُونُ مُؤَبَّدًا كَمَا إذَا عَقَدَ عَلَى الْأُمِّ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ، فَلَا تَحْرُمُ بِنْتُهَا، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الصِّهْرِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: مُؤَبَّدٍ

وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الصِّهْرَ لَا يَكُونُ إلَّا مُؤَبَّدًا، وَحُرْمَةُ نِكَاحِ الْبِنْتِ عَلَى الْأُمِّ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لِأَجْلِ الْجَمْعِ كَالْأُخْتَيْنِ لَا بِالصُّهَارَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ طَلُقَتْ الْأُمُّ حَلَّتْ الْبِنْتُ، فَإِذَا دَخَلَ بِالْأُمِّ صَارَ صِهْرًا حِينَئِذٍ، وَلَا يَكُونُ إلَّا مُؤَبَّدًا أَيْ: لِأَنَّ الصُّهَارَةَ مَتَى حَصَلَتْ لَا تَكُونُ إلَّا مُؤَبَّدَةً، وَإِنَّمَا الَّذِي يَتَّصِفُ بِالتَّأْبِيدِ التَّحْرِيمُ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً، وَدَخَلَ بِهَا، وَهُوَ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِهَا وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ عَقْدِهِ عَلَى الْخَامِسَةِ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَ وَاحِدَةً

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: النِّكَاحُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ إلَخْ) أَيْ: وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا وَطْءُ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فِي دُبُرِهَا فَإِنَّ فِيهِ قَوْلًا بِالْإِبَاحَةِ وَإِنْ كَانَ شَاذًّا أَوْ ضَعِيفًا. (قَوْلُهُ: فَيُسَمَّى زِنًا شَرْعًا) أَيْ: وَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَلَوْ لِوَاطًا مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ: وَطْءُ مُكَلَّفٍ بِدُونِ قَيْدِهِ، وَهُوَ مُسْلِمٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي: وَإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ، وَاسْتَبْعَدَ ذَلِكَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَذَكَرَ أَنَّ الصَّوَابَ إسْقَاطُ هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ

. (قَوْلُهُ: مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ: وَالْمَوَّازِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: هُوَ لِوَاطٌ وَثَمَرَةُ ذَلِكَ اعْتِبَارُ الْإِحْصَانِ وَعَدَمُهُ، فَلَوْ غَصَبَهَا فِي دُبُرِهَا لَزِمَهُ الْمَهْرُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فِي تَخْصِيصِ الْمَهْرِ بِالْقُبُلِ انْتَهَى ذَكَرَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ) لِحُرْمَتِهِ لِحَدِيثِ: «مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا»

. (قَوْلُهُ: وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَهَا غَيْرُ السَّيِّدِ) قَضِيَّتُهُ رُجُوعُهُ لِلْوَطْءِ أَوْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) كَذَا قَالَ شَيْخُ عج وَاسْتَظْهَرَ عج أَنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَفَرَّقَ بَيْنَ حَدِّ وَاطِئِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مُطْلَقًا وَبَيْنَ عَدَمِ حَدِّ وَاطِئِ الْأَمَةِ الْمُحَلَّلَةِ أَيْ: الَّتِي أَحَلَّهَا سَيِّدُهَا بِدُونِ عِوَضٍ بِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِحِلِّ الْمُحَلَّلَةِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِحِلِّ الْأَمَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَبِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ تَقْوِيمُ الْمُحَلَّلَةِ عَلَى الْوَاطِئِ وَإِنْ أَبَى هُوَ وَالسَّيِّدُ فَكَأَنَّهُ وَطِئَ مِلْكَهُ انْتَهَى أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلْوَطْءِ فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ الْأَمَةِ الْمُحَلَّلَةِ فَالْمُنَاسِبُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْوَطْءِ فَتُعْطَى حُكْمَ الْأَمَةِ الْمُحَلَّلَةِ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْخِدْمَةِ فَلَا تُعْطَى حُكْمَهَا فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ وَطِئَهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِ وَطْئِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ سَكَتَ عَنْ حَدِّهَا، وَنَقُولُ: وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهَا هِيَ وَعَدَمِهِ إنْ عَلِمَتْ بِحُرِّيَّةِ نَفْسِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْأَبْهَرِيِّ وَابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ: لِاحْتِمَالِ أَنَّ سَيِّدَهَا وَكَّلَ مُزَوِّجَهَا فَيُدْرَأُ الْحَدُّ بِذَلِكَ انْتَهَى. أَقُولُ يُقَالُ: كَمَا إذَا اشْتَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا مِلْكُ الْغَيْرِ لَا حَدَّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وُكِّلَ فِي بَيْعِهَا. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ) أَقُولُ يُتَصَوَّرُ فِي التَّعْلِيقِ كَأَنْ يَقُولَ: هِيَ حَرَّةٌ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُحَدَّ لِلْخِلَافِ) هَكَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي شَرْحِ عب. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الَّذِي يَتَّصِفُ بِالتَّأْبِيدِ إلَخْ) لَا دَاعِيَ إلَى ذَلِكَ الْحَصْرِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمُتَّصِفُ بِالتَّأْبِيدِ التَّحْرِيمُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ حِلَّهَا بِعَقْدٍ ضَعِيفٍ جِدًّا لَا أَثَرَ لَهُ فِي دَرْءِ الشُّبْهَةِ وَلَمْ يُحَدَّ الْوَاطِئُ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ؛ لِأَنَّ ضَعْفَهُ دُونَ ضَعْفِ الْخَامِسَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَحَدَ الْأَعْلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>