للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُخَادِعَ الصَّبِيِّ، أَوْ غَيْرَهُ؛ لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ فِعْلٍ يُقْصَدُ بِهِ أَخْذُ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ

. (ص) كَمَسْقِيِّ السَّيْكَرَانِ لِذَلِكَ وَمُخَادِعِ الصَّبِيِّ، أَوْ غَيْرِهِ لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ، وَالدَّاخِلِ فِي لَيْلٍ، أَوْ نَهَارٍ فِي زُقَاقٍ، أَوْ دَارِ قَاتِلٍ؛ لِيَأْخُذَ الْمَالَ. (ش) السَّيْكَرَانُ نَبْتٌ دَائِمُ الْخُضْرَةِ يُؤْكَلُ حَبُّهُ، وَأَشَدُّ مِنْهُ لِتَغْيِيبِ الْعَقْلِ الْبَنْجُ، وَهُوَ نَبْتٌ يُشْبِهُ الْبَقْلَ، وَأَشَدُّ مِنْهُ نَبْتٌ يُسَمَّى الدَّاتُورَةَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ سَقَى شَخْصًا مَا يُسْكِرُهُ لِأَجْلِ أَخْذِ مَالِهِ الْمُحْتَرَمِ فَهُوَ مُحَارِبٌ، أَوْ هُوَ يُشْبِهُ الْمُحَارِبَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ قَطْعُ طَرِيقٍ إلَّا أَنْ يَقْرَأَ آخِذًا بِالْمَدِّ كَمَا مَرَّ، وَكَذَلِكَ مِنْ خَدَعَ صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا، فَأَدْخَلَهُ مَوْضِعًا فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ مَالَهُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُحَارِبًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ الْمَالَ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ، وَيُسَمَّى هَذَا قَتْلَ غِيلَةٍ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ السَّرِقَةِ عَدَمُ مُعَارِضَةِ هَذَا لِمَا مَرَّ حَيْثُ جَعَلَ مَا ذَكَرَ مِنْ السَّرِقَةِ وَكَذَلِكَ مَنْ دَخَلَ دَارًا فِي لَيْلٍ، أَوْ نَهَارٍ، أَوْ دَخَلَ زُقَاقًا فِي لَيْلٍ، أَوْ نَهَارٍ لِأَجْلِ أَخْذِ الْمَالِ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ، فَقَاتَلَ عَلَيْهِ حَتَّى أَخَذَهُ فَهُوَ مُحَارِبٌ قَالَهُ مَالِكٌ لَا إنْ أَخَذَهُ، ثُمَّ عَلِمَ بِهِ فَقَاتَلَ لِيَنْجُوَ بِهِ، ثُمَّ نَجَا، فَإِنَّهُ سَارِقٌ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْحِرْزِ لَا قَبْلَهُ

. (ص) فَيُقَاتَلُ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ إنْ أَمْكَنَ، ثُمَّ يُصْلَبُ فَيُقْتَلُ، أَوْ يُنْفَى الْحُرُّ كَالزِّنَا، أَوْ تُقْطَعُ يَمِينُهُ، وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى وَلَاءً، وَبِالْقَتْلِ يَجِبُ قَتْلُهُ وَلَوْ بِكَافِرٍ، أَوْ بِإِعَانَةٍ، وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا. (ش) لَمَّا ذَكَرَ حَدَّ الْمُحَارِبِ، وَحَقِيقَتَهُ أَخَذَ يَذْكُرُ حُكْمَهُ أَيْ: وَإِذَا قَاتَلَ الْمُحَارِبُ لِأَجْلِ أَخْذِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يُقَاتِلُ عَلَى سَبِيلِ الْجَوَازِ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ أَيْ: بَعْدَ أَنْ يُنَاشِدَهُ اللَّهَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُ لَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ: نَاشَدْتُك اللَّه إلَّا مَا خَلَّيْتَ سَبِيلِي، وَمَحَلُّهَا إنْ أَمْكَنَ أَنْ يُنَاشِدَهُ بِأَنْ لَا يُعَاجِلَ بِالْقَتْلِ، وَإِلَّا فَإِنَّهُ يُعَاجِلُ بِالْقَتْلِ بِالسَّيْفِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُسْرِعُ بِهِ إلَى الْهَلَاكِ، فَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: فَيُقَاتِلُ أَنَّهُ يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلْقِتَالِ إلَّا الْقَتْلُ، وَهَذَا أَحَدُ حُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ، الثَّانِي أَنْ يُصْلَبَ حَيًّا بِأَنْ يُرْبَطَ عَلَى جِذْعٍ مِنْ غَيْرِ تَنْكِيسٍ، ثُمَّ يُقْتَلُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَالصَّلْبُ مِنْ صِفَاتِ الْقَتْلِ، فَلَمْ يَجْتَمِعْ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ حَبَسَهُ الْإِمَامُ لِيَقْتُلَهُ فَمَاتَ فِي الْحَبْسِ لَمْ يَصْلُبْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَعَهُ مِنْ الْحُدُودِ شَيْءٌ، وَلَوْ قَتَلَهُ إنْسَانٌ فِي الْحَبْسِ لَصَلَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ حَدِّهِ، الثَّالِثُ أَنْ يُنْفَى الْحُرُّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ كَمَا يُنْفَى فِي الزِّنَا إلَى مِثْلِ فَدَكَ وَخَيْبَرَ، وَيُحْبَسُ بِهَا إلَى أَنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ، أَوْ يَمُوتَ لَا أَنَّهُ يُخَلَّى سَبِيلُهُ بَعْدَ سَنَةٍ، وَيَكُونُ النَّفْيُ بَعْدَ الضَّرْبِ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَذْكُرْ الضَّرْبَ الْمُؤَلِّفُ وَلَعَلَّ الْقَتْلَ مَعَ الصَّلْبِ إنَّمَا أُخِذَ مِنْ الْقُرْآنِ مِنْ الْمَعْنَى، وَكَذَا الضَّرْبُ مَعَ النَّفْيِ، وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْقُرْآنِ خِلَافُهُ. الرَّابِعُ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى وَلَاءً أَيْ: مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ فَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى مَقْطُوعَةً فِي قِصَاصٍ مَثَلًا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى، وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى حَتَّى يَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى، وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ يُخْبِرُ الْإِمَامُ فِيهَا بِاعْتِبَارِ

الْمَصْلَحَةِ

فِي حَقِّ الرِّجَالِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ، فَلَا تُصْلَبُ، وَلَا تُنْفَى، وَإِنَّمَا حَدُّهَا الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ، أَوْ الْقَتْلُ، وَأَمَّا الْعَبْدُ، فَحَدُّهُ ثَلَاثَةٌ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ، وَالْقَتْلُ الْمُجَرَّدُ، وَالصَّلْبُ وَالْقَتْلُ بَعْدَهُ، فَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ لَا الرُّتْبِيِّ، وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ إذَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْ الْمُحَارِبِ

ــ

[حاشية العدوي]

ظَلَمَةٍ بِمِصْرَ يَمْنَعُ أَرْزَاقَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُبَالُونَ بِحُكْمِ الْبَاشَا عَلَيْهِمْ بِالدَّفْعِ وَشَمَلَ التَّعْرِيفُ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ لَكِنْ لَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّبِيِّ الْمُحَارِبِ أَحْكَامُهُ وَلَوْ قُتِلَ لِأَنَّ عَمْدَهُ كَالْخَطَأِ وَلَا بِالْمَرْأَةِ صُلْبٌ وَكَذَا النَّفْيُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ

. (قَوْلُهُ: فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ مَالَهُ) أَقُولُ لَيْسَ الْقَتْلُ شَرْطًا فِي تَحَقُّقِ الْحِرَابَةِ بَلْ هُوَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُحَارِبٌ وَلَوْ لَمْ يَقْتُلْ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ أَخْذِ الْمَالِ إلَخْ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ.

(قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ) أَيْ مُنَاشَدَتُهُ وَذَكَرَ الْفِعْلَ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِإِعَانَةٍ أَيْ أَوْ شَارَكَ بِإِعَانَةٍ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ أَنْ يُنَاشِدَهُ اللَّهَ) وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعَاجَلُ بِالْقَتْلِ) وَالْمُعَاجَلَةُ فَرْضٌ عَلَى مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ الْمُحَارِبُ وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ الْقَتْلَ أَوْ الْجُرْحَ الْمُشِقَّ أَوْ الْفَاحِشَةَ بِأَهْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَحَدُ حُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ) أَقُولُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بِأَنْ يَقُولَ ثُمَّ يُقْتَلُ أَوْ يُصْلَبُ فَيُقْتَلُ لَكَانَ أَوْلَى وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَيُقَاتَلُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُبْعِدُهُ قَوْلُهُ ثُمَّ يُصْلَبُ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ أَوْ يُصْلَبُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُرْبَطَ عَلَى جِذْعٍ) يُرْبَطُ جَمِيعُهُ بِهَا مِنْ غَيْرِ تَنْكِيسٍ لَا مِنْ أَعْلَاهُ فَقَطْ كَإِبْطِهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُقْتَلُ بَعْدَ الصَّلْبِ) أَيْ يُقْتَلُ مَصْلُوبًا قَبْلَ نُزُولِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ حَدِّهِ) يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ) فَلَوْ ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ قَبْلَ تَمَامِ سَنَةٍ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ إلَى تَمَامِهَا وَظُهُورُ التَّوْبَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ظُهُورًا بَيَّنَّا لَا بِمُجَرَّدِ كَثْرَةِ صَوْمِهِ وَصَلَاتِهِ فَهَذَا لَا يُفِيدُ فِي التَّوْبَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الْقَتْلَ مَعَ الصَّلْبِ إلَخْ) أَيْ مَعْنَى سُنَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَحْتَمِلُ مِنْ مَعْنَى الْقِرَاءَةِ أَيْ مِنْ جِهَةٍ أَنَّ التَّخْيِيرَ يَكُونُ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ الْمُتَقَارِبَةِ وَالصَّلْبُ وَحْدَهُ لَا يُقَارِبُ الْقَتْلَ فَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ حَدًّا مُسْتَقِلًّا فَيَنْتَقِلُ الذِّهْنُ لِضَمِّ شَيْءٍ آخَرَ مَعَهُ وَهُوَ الْقَتْلُ الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ، وَالنَّفْيُ وَحْدَهُ لَا يُقَارِبُ الْقَتْلَ فَيُضَمُّ لَهُ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ الضَّرْبُ فَإِنْ قُلْتَ إنَّ الْمُتَبَادِرَ أَنْ يُضَمَّ لَهُ الْقَطْعُ قُلْت إنَّ الْقَطْعَ شَدِيدٌ فَيُجْعَلُ حَدًّا مُسْتَقِلًّا فَلَا يُضَمُّ لَهُ النَّفْيُ فَيَنْتَقِلُ الذِّهْنُ لِشَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعُقُوبَةِ أَخَفَّ مِنْ الْقَتْلِ وَهُوَ الضَّرْبُ. (قَوْلُهُ: وَلَاءً أَيْ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ) أَيْ وَلَوْ خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَحَدُ حُدُودِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُؤَخَّرُ لِلِانْدِمَالِ أَيْ الْبُرْءِ وَاسْتَظْهَرَ اللَّقَانِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَاءً لَيْسَ شَرْطًا وَإِنَّمَا هُوَ مُسْقِطٌ لِلْإِثْمِ عَنْ الْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَوْ فَرَّقَ الْقَطْعَ سَقَطَ الْحَدُّ

(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ) وَسَكَتَ عَنْ الصَّبِيِّ وَحُكْمُهُ أَنْ يُعَاقَبَ وَلَا يُفْعَلَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْحُدُودِ وَلَوْ حَارَبَ بِالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ (قَوْلُهُ فَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ) أَيْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ يُصْلَبُ فَيَقْتُلُ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>