للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ يَلْزَمُ الْعَبْدَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ أَصْلًا كِتَابَةُ مِثْلِهِ فَأَوْلَى مَا يَمْلِكُ كَاللُّؤْلُؤِ كَمَا قَالَهُ ق وَظَاهِرُ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ لَا لُؤْلُؤٍ لَمْ يُوصَفْ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَبْطُلُ بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ مَا عَزَاهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ (ص) وَفَسْخُ مَا عَلَيْهِ فِي مُؤَخَّرٍ أَوْ كَذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ عَكْسُهُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَجَازَ بِغَرَرٍ وَالْمَعْنَى أَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا مِنْ الدُّيُونِ الثَّابِتَةِ فِي الذِّمَّةِ وَلَا كَالْمُعَاوَضَةِ الْمَحْضَةِ فَلِذَا جَازَ فِيهَا مَا لَمْ يَجُزْ فِي ذَلِكَ فَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَفْسَخَ مَالَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ الْآنَ وَاغْتُفِرَ ذَلِكَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَا عَلَى عَبْدِهِ عَلَى أَنْ يَضَعَ عَنْهُ بَعْضَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَبِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَفْسَخَ مَا عَلَى مُكَاتَبِهِ مِنْ ذَهَبٍ فِي فِضَّةٍ وَبِالْعَكْسِ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ صَرْفًا مُسْتَأْخِرًا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ

(ص) وَمُكَاتَبَةِ وَلِيٍّ مَا لِمَحْجُورِهِ بِالْمَصْلَحَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِوَلِيِّ الْمَحْجُورِ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمٍ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَ الْمَحْجُورِ بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتِقَهُ عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ يَأْخُذُهُ مِنْ الْعَبْدِ إذْ لَوْ شَاءَ انْتَزَعَهُ مِنْهُ وَإِتْيَانُ الْمُؤَلِّفِ بِمَا لِمَنْ يَعْقِلُ يُجَابُ عَنْهُ بِمَا أُجِيبَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] مِنْ أَنَّهُ لَمَّا كُنَّ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ اسْتَعْمَلَ فِيهِنَّ مَا وَالرَّقِيقُ أَنْقَصُ مِنْ النِّسَاءِ فَاسْتَعْمَلَ فِيهِ مَا أَوْ اسْتَعْمَلَهَا فِيمَنْ يَعْقِلُ مَجَازًا أَوْ عَلَى الْقَلِيلِ فِيهَا

(ص) وَمُكَاتَبَةِ أَمَةٍ وَصَغِيرٍ وَإِنْ بِلَا مَالٍ وَكَسْبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُكَاتِبَ رَقِيقَهُ الصَّغِيرَ الَّذِي سِنُّهُ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ فَأَكْثَرُ وَلَوْ كَانَ لَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ أَيْ بِالْفِعْلِ وَأَمَّا الْقُدْرَةُ عَلَى الْكَسْبِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ وَبِعِبَارَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ الْخَيْرِيَّةَ فِي الْآيَةِ هِيَ الْقُوَّةُ عَلَى الْأَدَاءِ إذْ الْآيَةُ تَقْتَضِي عَدَمَ الْأَمْرِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْخَيْرِيَّةِ وَانْتِفَاءُ الْأَمْرِ يَصْدُقُ بِالْجَوَازِ الْمُرَادِ وَعَلَى هَذَا قَالُوا أَوْ لِلْحَالِ أَيْ يَجُوزُ مُكَاتَبَتُهُمَا فِي حَالَةِ كَوْنِهِمَا بِلَا مَالٍ وَكَسْبٍ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُمَا ذَلِكَ لَكَانَتْ الْكِتَابَةُ مُسْتَحَبَّةً وَجَوَازُ مُكَاتَبَةِ الصَّغِيرِ الْمَذْكُورِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السَّيِّدَ يُجْبِرُ الْعَبْدَ عَلَى الْكِتَابَةِ وَأَمَّا عَلَى مُقَابَلَةٍ فَلَا يَتَأَتَّى إذْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الصَّغِيرِ وَرِضَاهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ

(ص) وَبَيْعِ كِتَابَةٍ أَوْ جُزْءٍ لَا نَجْمٍ فَإِنْ وَفَّى فَالْوَلَاءُ لِلْأَوَّلِ وَإِلَّا رَقَّ لِلْمُشْتَرِي (ش) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ بَيْعِ الْكِتَابَةِ وَجَوَازُ بَيْعِ جُزْءٍ مِنْهَا كَرُبْعِهَا مَثَلًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْعَبْدُ الَّذِي كُوتِبَ أَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ إنْ كَانَتْ عَيْنًا فَبِعَرْضٍ نَقْدًا وَإِنْ كَانَتْ عَرْضًا فَبِعَرْضٍ مُخَالِفٍ لَهُ أَوْ بِعَيْنٍ نَقْدًا فَإِنْ تَأَخَّرَ كَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ هَذَا إذَا بَاعَهَا لِغَيْرِ الْعَبْدِ وَأَمَّا إذَا بَاعَهَا مِنْهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ اهـ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْمُكَاتَبِ وَلَا يَكْفِي قُرْبُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَظَاهِرُ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ؛ قَالَ لِتَفَاوُتِ الْإِحَاطَةِ بِصِفَتِهِ (قَوْلُهُ إنَّ الْكِتَابَةَ تَبْطُلُ بِالْكُلِّيَّةِ) أَيْ وَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ رَجَعَ لِكِتَابَةِ مِثْلِهِ رَاجِعًا لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَأَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ أَوْ كَذَهَبٍ إلَخْ) إنْ أَرَدْنَا الْفَسْخَ قَدَّرْنَا فَسْخَهُ وَجَعَلْنَا عَنْ بِمَعْنَى فِي مَنْقُولٍ أَوْ فَسْخٍ كَذَهَبٍ فِي وَرِقٍ وَإِنْ أَرَدْنَا الصَّرْفَ جَعَلْنَا عَنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ كَصَرْفِ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ وَيُقَيَّدُ بِدُونِ الْحُلُولِ (قَوْلُهُ لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا مِنْ الدُّيُونِ إلَخْ) أَيْ بَلْ كَخَرَاجٍ مُوَظَّفٍ فَلَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ شَيْءٍ لِآخَرَ؛ لِتَشَوُّفِ؛ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَفْسَخَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَتَعَجَّلَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَبِيعَ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَا كَالْمُعَاوَضَةِ الْمَحْضَةِ وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَفْسَخَ مَا عَلَى مُكَاتَبِهِ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا وَقَوْلُهُ مِنْ ذَهَبٍ فِي فِضَّةٍ أَيْ بِدُونِ حُلُولٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ صَرْفًا مُسْتَأْخِرًا

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ) إنَّمَا قَدَّرَ الْجَوَازَ دُونَ النَّدْبِ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا أَهْلُ التَّبَرُّعِ إذْ الْوَلِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ (قَوْلُهُ بِالْمَصْلَحَةِ) أَيْ الْمُسْتَوِيَةِ فِي الْكِتَابَةِ وَعَدَمِهَا فَإِنْ انْفَرَدَتْ فِي أَحَدِهِمَا وَجَبَ (قَوْلُهُ لَمَّا كُنَّ) أَيْ النِّسْوَةُ نَاقِصَاتُ عَقْلٍ وَدِينٍ

(قَوْلُهُ أَمَةٍ) بَالِغَةٍ بِرِضَاهَا وَقَوْلُهُ وَصَغِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ الَّذِي سِنُّهُ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ) كَذَا قَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَبْلُغَ الصَّغِيرُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى عَشْرَ سِنِينَ وَهُوَ مَا لِأَبِي الْحَسَنِ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْبَاجِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَجُوزُ مُكَاتَبَةُ الصَّغِيرِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ عَشْرَ سِنِينَ وَهُوَ نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْقُدْرَةِ عَلَى الِاكْتِسَابِ وَكَأَنَّهُ مُرَادُ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ؛ قَالَ وَبِلَا قُوَّةٍ عَلَى كَسْبٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ؛ إذَا كَانَتْ الْخَيْرِيَّةُ فِي الْآيَةِ هِيَ الْقُوَّةُ عَلَى الْأَدَاءِ فَتَقُولُ هِيَ عَيْنُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ الَّتِي أَفَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي الْجَوَازِ إلَّا أَنْ يُقَالَ فَرِّقْ بَيْنَهُمَا بِأَنْ تَقُولَ الْقُوَّةُ عَلَى الْأَدَاءِ لَا تَكُونُ إلَّا بِمَالٍ مَوْجُودٍ بِالْفِعْلِ أَوْ كَسْبٍ بِالْفِعْلِ بِخِلَافِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ فَكُلَّمَا وُجِدَتْ الْقُوَّةُ عَلَى الْأَدَاءِ وُجِدَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى الْكَسْبِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ الْقُوَّةُ عَلَى الْأَدَاءِ فَتَأَمَّلْ حَقَّ التَّأَمُّلِ

[بَيْعِ الْكِتَابَةِ]

(قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ بَيْعُ الْجُزْءِ وَأَمَّا بَيْعُ الْكُلِّ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ (قَوْلُهُ كَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ) أَيْ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْمُكَاتَبِ) أَيْ إذَا بَاعَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>