للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُوصِي أَنْ يَكُونَ حُرًّا فَالْعَبْدُ، وَلَوْ بِشَائِبَةٍ لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ وَأَنْ يَكُونَ مُمَيِّزًا فَالصَّبِيُّ الَّذِي لَا مَيْزَ عِنْدَهُ وَالْمَجْنُونُ وَالسَّكْرَانُ لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُمْ وَيَدْخُلُ السَّكْرَانُ الْمُمَيِّزُ، وَأَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِمَا أَوْصَى بِهِ مِلْكًا تَامًّا فَمُسْتَغْرَقُ الذِّمَّةِ وَغَيْرُ الْمَالِكِ لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُمَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَالِكٌ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِأَمْرِ نَفْسِهِ؛ لِئَلَّا يُنَاقِضَ قَوْلَهُ وَإِنْ صَغِيرًا وَسَفِيهًا؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لِحَقِّ أَنْفُسِهِمَا فَلَوْ مُنِعَا مِنْ الْوَصِيَّةِ لَكَانَ الْحَجْرُ عَلَيْهِمَا لِحَقِّ غَيْرِهِمَا وَهَلْ مَحَلُّ صِحَّةِ وَصِيَّةِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا تَنَاقُضٌ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ مَا أَوْصَى بِهِ، وَلَا يُعْلَمُ أَوَّلُهُ مِنْ آخِرِهِ هَذَا تَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ أَوْ مَحَلُّ الصِّحَّةِ إذَا أَوْصَى بِمَا فِيهِ قُرْبَةٌ كَصَدَقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَمَّا إذَا أَوْصَى بِمَعْصِيَةٍ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ هَذَا تَأْوِيلُ اللَّخْمِيِّ وَاللَّفْظُ الْمُتَأَوَّلُ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِمَّا يُقَارِبُهَا إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ اخْتِلَاطٌ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى تَفْسِيرِ الِاخْتِلَاطِ الْوَاقِعِ فِي الْمُدَوَّنَةِ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ، أَوْ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَإِلَّا فَعَدَمُ التَّنَاقُضِ وَالْوَصِيَّةُ بِالْقُرْبَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ

. (ص) وَكَافِرًا إلَّا بِكَخَمْرٍ لِمُسْلِمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ لِانْطِبَاقِ الْحَدِّ عَلَيْهِ إذْ هُوَ حُرٌّ مُمَيِّزٌ مَالِكٌ إلَّا إذَا أَوْصَى لِمُسْلِمٍ بِشَيْءٍ لَا يَمْلِكُهُ الْمُسْلِمُ كَخَمْرٍ وَنَحْوِهِ أَمَّا إنْ أَوْصَى بِذَلِكَ لِكَافِرٍ فَإِنَّ وَصِيَّتَهُ تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ يَمْلِكُ ذَلِكَ ثُمَّ يَصِحُّ نَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى سَفِيهًا وَجَرُّهُ عَطْفًا عَلَى حُرٍّ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ ذَكَرَهُ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ

(ص) لِمَنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ كَمَنْ سَيَكُونُ إنْ اُسْتُهِلَّ وَوُزِّعَ لِعَدَدِهِ (ش) هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي وَهُوَ الْمُوصَى لَهُ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ لِلْمُوصَى بِهِ شَرْعًا سَوَاءٌ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا مُسْلِمًا مَوْجُودًا أَمْ لَا وَلِذَا يَصِحُّ لِحَمْلٍ سَيَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَيَسْتَحِقُّ الْوَصِيَّةَ إنْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا وَغَلَّةُ الْمُوصَى بِهِ قَبْلَ وُجُودِ الْمُوصَى لَهُ لِلْوَرَثَةِ إذْ الْوَلَدُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بَعْدَ وَضْعِهِ وَتَحَقُّقِ الْحَيَاةِ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا لَا يَسْتَحِقُّ الْوَصِيَّةَ وَتُرَدُّ، وَإِذَا وَضَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ الْوَضْعِ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ الْعَطَايَا وَهَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَأَمَّا إنْ نَصَّ عَلَى التَّفْضِيلِ فَإِنَّهُ يُصَارُ لَهُ فَقَوْلُهُ إنْ اسْتَهَلَّ شَرْطٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ لَا فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ وَمِثْلُ الِاسْتِهْلَالِ لَا يَدُلُّ عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

وَيُنْدَبُ إلَيْهَا إذَا كَانَتْ بِقُرْبَةٍ فِي غَيْرِ الْوَاجِبِ وَتَحْرُمُ بِمُحَرَّمٍ كَالنِّيَاحَةِ وَنَحْوِهَا وَتُكْرَهُ إذَا كَانَتْ بِمَكْرُوهٍ أَوْ فِي مَالٍ قَلِيلٍ وَتُبَاحُ إذَا كَانَتْ بِمُبَاحٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ إنْفَاذَ مَا عَدَا الْمُحَرَّمَ لَازِمٌ أَيْ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَمَّا إنْفَاذُهَا قَبْلَ الْمَوْتِ فَيَنْقَسِمُ إلَى الْأَقْسَامِ الْخَمْسَةِ فَيَجِبُ إنْفَاذُ مَا يَجِبُ مِنْهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَيُنْدَبُ إنْفَاذُ مَا يُنْدَبُ مِنْهَا فَإِنْ خَالَفَ وَلَمْ يُنْفِذْ فَقَدْ ارْتَكَبَ خِلَافَ الْمَنْدُوبِ وَهُوَ إمَّا الْكَرَاهَةُ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى وَإِنْفَاذُ مَا يُكْرَهُ مِنْهَا مَكْرُوهٌ وَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَإِنْفَاذُ مَا يُبَاحُ مِنْهَا مُبَاحٌ فَلَهُ فِعْلُهُ وَالرُّجُوعُ عَنْهُ وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ عَلَى الْمَوْلِدِ الشَّرِيفِ فَذَكَرَ الْفَاكِهَانِيُّ أَنَّ عَمَلَ الْمَوْلِدِ مَكْرُوهٌ وَالْمَكْرُوهُ يَلْزَمُ الْوَارِثَ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ إنْفَاذُ الْوَصِيَّةِ بِهِ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّامِيُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا) أَيْ الْحَجْرُ الْمَعْهُودُ فِي الشَّرْعِ (قَوْلُهُ مِمَّا يُعْلَمُ) أَيْ مِنْ كَلَامٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ مَا أَوْصَى بِهِ بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ أَوَّلُهُ مِنْ آخِرِهِ بِأَنْ يَتَنَاقَضَ كَلَامُهُ كَأَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِدِينَارٍ أَوْصَيْت لَهُ بِدِرْهَمٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ أَوْ مَحَلُّ الصِّحَّةِ إذَا أَوْصَى بِمَا فِيهِ قُرْبَةٌ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَنَاقَضَ وَلَعَلَّهُ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ إذْ مَعَ التَّنَاقُضِ لَا يُلْتَفَتُ لِلْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا أَوْصَى بِمَعْصِيَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ الْقُرْبَةِ كَمَا يَصْدُقُ بِالْمَعْصِيَةِ يَصْدُقُ بِمَا لَا قُرْبَةَ وَلَا مَعْصِيَةَ كَمَا إذَا أَوْصَى لِسُلْطَانٍ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَمَّا إذَا لَمْ يُوصِ بِقُرْبَةٍ كَمَا إذَا أَوْصَى لِشَرَبَةِ الدُّخَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ شُرْبَهُ مَكْرُوهٌ أَوْ أَوْصَى بِمَعْصِيَةٍ (قَوْلُهُ إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ) جَعَلَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ قَوْلَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ اخْتِلَافٌ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَعَدَمُ التَّنَاقُضِ إلَخْ) تَبِعَ اللَّقَانِيِّ التَّابِعَ لِشَيْخِهِ الشَّيْخِ سَالِمٍ السَّنْهُورِيِّ وَرَدَّهُ عج وَجَعَلَ الْخِلَافَ حَقِيقِيًّا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ اتَّفَقَا عَلَى عَدَمِ التَّنَاقُضِ فِي قَوْلِهِ دُونَ الْوَصِيَّةِ بِالْقُرْبَةِ فَهِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَإِذَا أَوْصَى لِسُلْطَانٍ مَثَلًا فَعَلَى الْأَوَّلِ الَّذِي عَلَيْهِ أَبُو عِمْرَانَ الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ وَعَلَى الثَّانِي الَّذِي يَشْتَرِطُ الْقُرْبَةَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ

(قَوْلُهُ ثُمَّ يَصِحُّ نَصْبُهُ إلَخْ) أَقُولُ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ لِأَنَّهُ يُفِيدُ اعْتِبَارَ الْحُرِّيَّةِ وَالتَّمْيِيزِ فِي الْكَافِرِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْمُوصِي مُطْلَقًا بِخِلَافِ جَرِّهِ عَطْفًا عَلَى حُرٍّ فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ لِمَنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ إلَخْ) دَخَلَ فِيهِ الْمَسْجِدُ وَالْقَنْطَرَةُ وَنَحْوُهُمَا سَيُصَرِّحُ بِالْمَسْجِدِ وَخَرَجَ بِهِ وَصِيَّتُهُ بِمَالٍ يُعْمَلُ بِهِ قِنْدِيلُ ذَهَبٍ يُعَلَّقُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهِيَ وَصِيَّةٌ لَا يَلْزَمُ تَنْفِيذُهَا وَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَفْعَلُوا بِهَا مَا شَاءُوا لِأَنَّ هَذَا مِنْ غَيْرِ الْمُبَاحِ كَمَا أَفْتَى بِهِ عج (قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ أَمْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ كَافِرًا (قَوْلُهُ لِحَمْلٍ سَيَكُونُ إلَخْ) وَأَوْلَى إذَا كَانَ مَوْجُودًا مِثَالُهُ مَا إذَا قَالَ أَوْصَيْت لِمَنْ سَيَكُونُ مِنْ وَلَدِ فُلَانٍ وَمِثْلُهُ أَوْصَيْت لِمَنْ يُولَدُ لِفُلَانٍ فَيَكُونُ لِمَنْ يُولَدُ لَهُ سَوَاءً عَلِمَ أَنَّ لَهُ حِينَ الْوَصِيَّةِ وَلَدًا أَوْ لَا وَكَذَا أَوْصَيْت لِوَلَدِهِ وَلَا وَلَدَ لَهُ حِينَ الْوَصِيَّةِ وَلَا حَمْلَ حَيْثُ عَلِمَ بِذَلِكَ وَيَكُونُ لِكُلِّ مَنْ وُلِدَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ حِينَ الْوَصِيَّةِ أَوْ حَمْلٌ صَحَّتْ مُطْلَقًا وَاخْتُصَّتْ بِمَنْ وُجِدَ حِينَ الْوَصِيَّةِ مِنْ حَمْلٍ أَوْ وَلَدٍ ثُمَّ حَيْثُ تَعَلَّقَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَنْ يُولَدُ لَهُ مُسْتَقْبَلًا فَيُنْتَظَرُ بِهَا الْإِيَاسُ مِنْ وِلَادَتِهِ فَيَرْجِعُ بَعْدُ لِلْمُوصِي أَوْ وَارِثِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ نَصَّ عَلَى إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْإِيصَاءَ الْمَذْكُورَ مِنْ جِهَةِ مَنْ يَرِثُهُ الْحَمْلُ فَيُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ (قَوْلُهُ لَا فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَأَنَّهُ مَتَى

<<  <  ج: ص:  >  >>