للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَصَايَا لَا تَدْخُلُ إلَّا فِيمَا عَلِمَ بِهِ الْمُوصِي وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ إذَا بَطَلَ بَعْضُ تَدْبِيرِهِ لِضِيقِ الثُّلُثِ، وَكَذَلِكَ تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِي الْعُمْرَى الرَّاجِعَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَكَذَلِكَ تَدْخُلُ فِي الْحَبْسِ الرَّاجِعِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَكَذَلِكَ تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِي الْبَعِيرِ الشَّارِدِ وَالْعَبْدِ الْآبِقِ إذَا رَجَعَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعُمْرَى الشَّيْءُ الْمُعَمَّرُ لَا الْمَصْدَرُ وَبِعِبَارَةٍ وَدَخَلَتْ فِيهِ أَيْ فِي الْمُدَبَّرِ مُطْلَقًا أَيْ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الصِّحَّةِ، أَوْ فِي الْمَرَضِ وَاعْلَمْ أَنَّ دُخُولَ الْوَصِيَّةِ فِي مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ وَفِي مُدَبَّرِ الْمَرَضِ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُقَدَّمُ عَلَى كُلٍّ كَفَكِّ الْأَسِيرِ يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ بِأَنْ كَانَ ثُلُثُ الْمَيِّتِ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ مِائَةً وَكَانَ فَكُّ الْأَسِيرِ مِائَةً أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ تَدْبِيرُ الْمُدَبَّرِ فِي الصِّحَّةِ وَيَدْخُلُ مَا زَادَ مِنْ فَكِّ الْأَسِيرِ فِي ثُلُثِ قِيمَتِهِ أَيْضًا وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ وَحِينَئِذٍ، فَلَا إشْكَالَ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ ح غَيْرُ ظَاهِرٍ

. (ص) وَفِي سَفِينَةٍ، أَوْ عَبْدٍ شُهِرَ تَلَفُهُمَا ثُمَّ ظَهَرَتْ السَّلَامَةُ قَوْلَانِ لَا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِهِ، أَوْ أَوْصَى بِهِ لِوَارِثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ أَوْ السَّفِينَةَ إذَا اُشْتُهِرَ عِنْدَ النَّاسِ تَلَفُهُمَا قَبْلَ صَدْرِ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ ظَهَرَتْ سَلَامَتُهُمَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي هَلْ تَدْخُلُ فِيهِمَا الْوَصَايَا، أَوْ لَا تَدْخُلُ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ رَوَاهُمَا أَشْهَبُ عَنْهُ، وَلَا مَفْهُومَ لِمَا ذُكِرَ، وَأَمَّا مَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِهِ وَبَطَلَ إقْرَارُهُ فِيهِ كَمَا إذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ، فَإِنَّ الْوَصَايَا لَا تَدْخُلُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَكَذَلِكَ مَا أَوْصَى بِهِ لِوَارِثٍ، وَلَمْ تُجِزْهُ الْوَرَثَةُ، فَإِنَّ الْوَصَايَا لَا تَدْخُلُ فِيهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الرَّدَّ وَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ أَمَّا لَوْ حَصَلَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَعَلِمَ بِذَلِكَ دَخَلَتْ الْوَصَايَا فِيهِمَا، وَلَا مَفْهُومَ لِلْمَرَضِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ فِي صِحَّتِهِ قَدْ يَكُونُ بَاطِلًا فَالْمُرَادُ لَا فِي إقْرَارِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ) سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ وَالْمُدَبَّرِ فِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ عَلَى كُلٍّ) أَيْ: مِنْ مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَقَوْلُهُ كَفَكِّ أَسِيرٍ الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَقَوْلُهُ يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِ الْمَيِّتِ أَيْ أَوْ يُسَاوِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَكَانَ فَكُّ الْأَسِيرِ مِائَةً أَوْ أَكْثَرَ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْمُسَاوَاةِ لَكَانَ أَظْهَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ.

(قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ مَا زَادَ مِنْ فَكِّ الْأَسِيرِ) أَيْ: عَلَى الثُّلُثِ أَيْ: أَوْ تُسَاوَى لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا عَيْنُ مَا قَبْلَهُ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ يُقَالُ إلَخْ) أَيْ وَاَلَّذِي قِيلَ فِي مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ يُقَالُ فِي مُدَبَّرِ الْمَرَضِ وَقَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ إلَخْ نَذْكُرُ لَك عِبَارَةَ الْحَطَّابِ لِتَعْرِفَ مِنْهَا الْإِشْكَالَ وَنَصُّهُ يَعْنِي أَنَّ الْوَصَايَا تَدْخُلُ فِي الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ إذَا بَطَلَ بَعْضُهُ هَكَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَوْضِيحِهِ وَحَمَلَ عَلَيْهِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَرَّهُ فِي ذَلِكَ كَلَامُ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي الْمَرَضِ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ أَشْيَاءُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ كَفَكِّ الْأَسِيرِ وَمُدَبَّرِ الصِّحَّةِ وَصَدَاقِ الْمَرِيضِ وَالزَّكَاةِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا وَأَوْصَى بِهَا وَمَا ذُكِرَ مَعَ ذَلِكَ وَيُقَدَّمُ عَلَى أَشْيَاءَ كَالْعَبْدِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَالْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ وَمَا مَعَ ذَلِكَ وَيُشَارِكُهُ فِي رُتْبَتِهِ الْمُبَتَّلُ فِي الْمَرَضِ فَإِذَا فُرِضَ ضِيقُ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ فَإِنْ اسْتَغْرَقَ ذَلِكَ الثُّلُثَ بَطَلَ التَّدْبِيرُ الَّذِي فِي الْمَرَضِ وَبَطَلَتْ الْوَصَايَا كُلُّهَا وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ مَا يَتَقَدَّمُ هُوَ عَلَيْهِ كَالْوَصَايَا بِالْمَالِ فَإِنْ وَسِعَ الثُّلُثُ الْمُدَبَّرَ فِي الْمَرَضِ جَمِيعَهُ فَاسْتَغْرَقَ ذَلِكَ الثُّلُثَ نَفَذَ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ وَبَطَلَتْ الْوَصَايَا وَإِنْ لَمْ يَسَعْ الثُّلُثُ إلَّا بَعْضَ الْمُدَبَّرِ نَفَذَ مِنْهُ مَا وَسِعَهُ الثُّلُثُ وَرَجَعَ الْبَاقِي رَقِيقًا لِلْوَرَثَةِ وَلَا يُتَصَوَّرُ دُخُولُ الْوَصَايَا فِيهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَعَهُ مَا هُوَ فِي مَرْتَبَتِهِ وَهُوَ الْمُبَتَّلُ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ فِي الثُّلُثِ، فَيَعْتِقُ جُزْءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْرَ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَلَا يُتَصَوَّرُ دُخُولُ الْوَصَايَا فِي ذَلِكَ اهـ.

(أَقُولُ) إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ شَارِحَنَا تَبِعَ فِي تِلْكَ الْعِبَارَةِ عج كَمَا تَبِعَهُ غَيْرُهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْحَطَّابَ إنَّمَا فَرَضَهَا فِي الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ وَقَدْ بَطَلَ بَعْضُ الْمُدَبَّرِ لَا كُلُّهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي الْمَرَضِ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ وَصَايَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَدَخَلَتْ الْوَصَايَا بِالْجَمْعِ صَحِيحٌ وَعِجْ التَّابِعُ لَهُ شَارِحُنَا فَرْضُهُ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا الْمُدَبَّرُ فِي الصِّحَّةِ وَالْمُدَبَّرُ فِي الْمَرَضِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الَّذِي يَتَقَدَّمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنَّمَا هُوَ وَاحِدٌ وَهُوَ فَكُّ الْأَسِيرِ فَلِذَلِكَ قُلْت الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَدَخَلَتْ أَيْ الْوَصَايَا بِالْجَمْعِ لَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا أَرَادَ الْجِنْسَ الْمُتَحَقِّقَ فِي وَاحِدٍ الْمُشَارَ لَهُ بِقَوْلِ شَارِحِنَا التَّابِعِ لِعَجِّ وَاعْلَمْ أَنَّ دُخُولَ الْوَصَايَا وَيَكُونُ مُرَادُهُ بِالْوَصِيَّةِ خُصُوصَ الْوَصِيَّةِ بِفَكِّ الْأَسِيرِ وَلَمَّا فَرَضَ الْحَطَّابُ الْكَلَامَ فِي الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ وَقَدْ بَطَلَ بَعْضُ الْمُدَبَّرِ وَرَجَعَ بَاقِيهِ مِيرَاثًا لِلْوَرَثَةِ قَالَ الْحَطَّابُ إذَا رَجَعَ الْبَاقِي مِيرَاثًا لِلْوَرَثَةِ كَيْفَ يَصِحُّ دُخُولُ وَصِيَّتِهِ فِيمَا كَانَ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ هَذَا وَجْهُ الْإِشْكَالِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ شَارِحُنَا بِقَوْلِهِ فَلَا إشْكَالَ وَقَوْلُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الْحَطَّابِ غَيْرُ ظَاهِرٍ أَيْ الْمُسْتَشْكِلُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ دُخُولُ الْوَصَايَا وَحَاصِلُ جَوَابِ شَارِحِنَا أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الثُّلُثَ إذَا كَانَ لَا يَحْمِلُ إلَّا فَكَّ الْأَسِيرِ كَمَا إذَا كَانَ فَكُّ الْأَسِيرِ بِمِائَةٍ وَهِيَ ثُلُثُ الْمَالِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْمُدَبَّرُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الْمَيِّتِ الَّذِي أُخِذَ ثُلُثُهُ وَفُكَّ بِهِ الْأَسِيرُ فَظَهَرَ حِينَئِذٍ أَنَّهُ دَخَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِفَكِّ الْأَسِيرِ فِي الْمُدَبَّرِ أَيْ: فِي قِيمَتِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لُوحِظَتْ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الْمَيِّتِ جَمِيعِهِ الَّذِي أُخِذَ ثُلُثُهُ وَفُكَّ بِهِ الْأَسِيرُ

. (قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِمَا ذُكِرَ) بَلْ وَكَذَلِكَ قِرَاضٌ أَوْ بِضَاعَةٌ أَرْسَلَهُمَا وَشُهِرَ تَلَفُهُمَا ثُمَّ ظَهَرَتْ السَّلَامَةُ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ) أَيْ: وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ كَصَدِيقِهِ الْمُلَاطِفِ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ) وَكَذَا يُقَالُ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي الَّتِي بَعْدَهَا وَهِيَ مَا إذَا أَوْصَى لِوَارِثٍ وَغَيْرُ الْمَعْرُوفِ هُوَ الدُّخُولُ.

(تَنْبِيهٌ) : إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا فَإِنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يُحَاصِصُ أَرْبَابَ الدُّيُونِ وَمَا نَابَهُ يَرْجِعُ مِيرَاثًا يُقْسَمُ عَلَى الْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ فِيهِ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ فِي صِحَّتِهِ قَدْ يَكُونُ بَاطِلًا) أَيْ كَإِقْرَارِ السَّفِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>