للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُجَوِّزُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُ حَصْرٌ لِمَا وُجِدَ فِي الْخَارِجِ أَيْ بَعْدَ أَنْ وُجِدَتْ فِي الْخَارِجِ حَصَرَهَا الْعَقْلُ فِيهَا وَبِعِبَارَةٍ وَطَرِيقُ حَصْرِ هَذِهِ الْأُمُورِ أَنْ تَقُولَ الْحَقُّ الْمُتَعَلِّقُ بِالتَّرِكَةِ إمَّا ثَابِتٌ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ بِالْمَوْتِ وَالثَّابِتُ قَبْلَ الْمَوْتِ إمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ، أَوْ لَا الْأَوَّلُ هُوَ الْحُقُوقُ الْعَيْنِيَّةُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى) وَالثَّانِي الدَّيْنُ الْمُطْلَقُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ) وَالثَّابِتُ بِالْمَوْتِ إمَّا لِلْمَيِّتِ وَهُوَ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ بِالْمَعْرُوفِ) أَوْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ وَصَايَاهُ) أَوَّلًا وَهُوَ الْمِيرَاثُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ الْبَاقِي لِوَارِثِهِ) وَالْمَعْنَى أَنَّ أَوَّلَ مَا يُبْدَأُ بِهِ مِنْ التَّرِكَةِ الشَّيْءُ الَّذِي تَعَيَّنَ قَضَاؤُهُ كَالشَّيْءِ الْمَرْهُونِ وَالزَّكَاةِ الْحَالَّةُ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِهِ وَسِلْعَةُ الْمُفْلِسِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الَّذِي حَصَلَتْ مِنْهُ جِنَايَةٌ، وَلَيْسَ مَرْهُونًا لَكِنْ هُوَ فِي مَرْتَبَةِ الشَّيْءِ الْمَرْهُونِ مِنْ عَرْضٍ وَعَقَارٍ وَغَيْرِهِمَا، وَأَمَّا إذَا حَصَلَتْ مِنْ الْمَرْهُونِ جِنَايَةٌ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ حَقَّانِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَحَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الرَّهْنِ إلَى بَيَانِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ ثَبَتَتْ أَيْ جِنَايَةُ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ، فَإِنْ أَسْلَمَهُ مُرْتَهِنُهُ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِمَالِهِ، وَإِنْ فَدَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِدَاؤُهُ فِي رَقَبَتِهِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَرْهَنْ بِمَالِهِ وَبِإِذْنِهِ فَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ اهـ.

ثُمَّ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا مَرَّ يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَتِهِ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ كَغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَحَمْلِهِ، وَإِقْبَارِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُنَاسِبُهُ بِحَسَبِهِ فَقْرًا وَغِنًى ثُمَّ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا مَرَّ تَخْرُجُ الدُّيُونُ كَانَتْ بِضَامِنٍ أَمْ لَا لِأَنَّهَا تَحِلُّ بِمَوْتِ الْمَضْمُونِ لَكِنَّ دُيُونَ الْآدَمِيِّينَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى هَدْيِ التَّمَتُّعِ إذَا مَاتَ الْمُتَمَتِّعُ بَعْدَ أَنْ رَمَى الْعَقَبَةَ ثُمَّ حُقُوقُ اللَّهِ مِنْ الزَّكَوَاتِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا وَالْكَفَّارَاتِ

ــ

[حاشية العدوي]

حَاصِلًا بِالِاسْتِقْرَاءِ إنَّمَا هُوَ الْحَصْرُ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ يَخْرُجُ إلَخْ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْخُرُوجِ وَبِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ) اسْمٌ لِمَا تَرَكَهُ الْمَيِّتُ كَالطَّلِبَةِ بِمَعْنَى الْمَطْلُوبِ (قَوْلُهُ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى إلَخْ) هُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ وَالْأَصْلُ عَيْنٌ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى وَقَوْلُهُ وَعَبْدٍ جَنَى أَيْ إذَا لَمْ يُسْلِمْهُ السَّيِّدُ وَلَمْ يُفِدْهُ فِي حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ كَالشَّيْءِ الْمَرْهُونِ) أَيْ: فَالشَّيْءُ الْمَرْهُونُ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ، فَيَبْدَأُ بِهِ بِمَعْنَى يُسَلَّمُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ كَانَ الثَّمَرُ مَرْهُونًا وَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ وَالدَّيْنُ يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ فَإِنَّ رَبَّ الدَّيْنِ يُقَدَّمُ بِدَيْنِهِ عَلَى الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ وَالزَّكَاةُ الْحَالَّةُ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) أَيْ إذَا كَانَتْ حَرْثًا أَوْ ثَمَرًا أَوْ مَاشِيَةً وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ زَكَاةَ الْعَامِ الْحَاضِرِ إذَا كَانَتْ حَرْثًا أَوْ ثَمَرًا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَبْدَأً عَلَى الْكَفَنِ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ فِيهَا مَاشِيَةٌ فَإِنْ احْتَوَتْ عَلَى السِّنِّ الْوَاجِبِ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مُقَدَّمَةً عَلَى الْكَفَنِ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا سَنٌّ وَاجِبٌ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ سَاعٍ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ قَضَاءِ الدُّيُونِ وَهَدْيِ التَّمَتُّعِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ هُنَاكَ سَاعٍ وَلَمْ يُقَدَّمْ وَحَصَلَ الْمَوْتُ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي فَإِنَّ الْوَارِثَ يَسْتَقْبِلُ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ عَيْنًا فَإِنْ عَلِمَ حُلُولَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَأَوْصَى بِهَا تَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الدَّيْنِ وَبَعْدَ هَدْيِ التَّمَتُّعِ وَقَوْلُنَا زَكَاةُ الْعَامِ الْحَاضِرِ احْتِرَازًا عَنْ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا الَّتِي يُشِيرُ إلَيْهَا فِيمَا بَعْدُ فَإِنَّهُ إذَا أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ قَضَاءِ الدُّيُونِ وَبَعْدَ هَدْيِ التَّمَتُّعِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا مِنْ حَرْثٍ وَمَاشِيَةٍ وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى بِهَا فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ.

(قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِهِ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَالزَّكَاةُ مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى وَدَخَلَ بِهَا أَيْضًا أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ وَالْهَدْيُ بَعْدَ التَّقْلِيدِ فِيمَا يُقَلَّدُ وَسَوْقُ الْغَنَمِ لِلْمَذْبَحِ وَسُكْنَى الزَّوْجَةِ فِي عِدَّتِهَا وَالضَّحِيَّةُ بَعْدَ الذَّبْحِ لَا النَّذْرِ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ إذْ الْمَنْذُورَةُ وَإِنْ كَانَتْ تَجِبُ بِالنَّذْرِ لَيْسَ حُكْمُهَا كَالْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ الذَّبْحِ وَإِنَّمَا تَجِبُ وُجُوبَ الْمَنْذُورَاتِ وَلِذَا يُقَدَّمُ عَلَيْهَا الدُّيُونُ وَتُبَاعُ فِيهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ (قَوْلُهُ وَسِلْعَةُ الْمُفْلِسِ) صُورَتُهَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو سِلْعَةً فَطَلَبَ عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ ثَمَنَ سِلْعَتِهِ فَوَجَدَهُ مُفْلِسًا وَحَكَمَ لَهُ بِأَخْذِهَا ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهَا صَاحِبُهَا فَإِنَّ عَمْرًا يَأْخُذُهَا وَيُقَدَّمُ بِهَا عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ وَيُمْكِنُ أَنْ تُصَوَّرَ بِأَنْ يُجْعَلَ التَّفْلِيسَ صِفَةً لِصَاحِبِهَا وَهُوَ الْبَائِعُ وَيَكُونَ مَعْنَاهَا أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهَا بَعْدَ فَلَسِهِ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ فَوَجَدُوا الْمُشْتَرِيَ قَدْ مَاتَ فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَصَوَّرَهَا فِي تَحْقِيقِ الْمَبَانِي بِمَا إذَا خَاصَمَتْ رَجُلًا مُفْلِسًا فِي عَيْنِ سِلْعَةٍ ثُمَّ يَمُوتُ الْمُفْلِسُ وَالسِّلْعَةُ عِنْدَهُ فَإِنَّ رَبَّهَا أَحَقُّ بِهَا إنْ ثَبَتَتْ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ فِي السِّلْعَةِ الثَّابِتَةِ لِلْبَائِعِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَفُلِّسَ بَعْدِ الشِّرَاءِ أَفَادَ ذَلِكَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ كَغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ إلَخْ) أَيْ: أُجْرَةِ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ إلَخْ وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ مُؤَنُ التَّجْهِيزِ عَلَى الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَبِيهًا بِالْمُفْلِسِ وَالْمُفْلِسُ يُتْرَكُ لَهُ قُوتُهُ وَكِسْوَتُهُ وَهَذَا يُشَبَّهُ بِهِ وَأَيْضًا الدَّيْنُ قَضَاؤُهُ وَاجِبٌ عَلَى السَّلَاطِينِ كَذَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ إذَا مَاتَ الْمُتَمَتِّعُ بَعْدَ أَنْ رَمَى الْعَقَبَةَ) أَيْ: سَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا وَأَمَّا إذَا مَاتَ قَبْلَ أَنَّ رَمَى الْعَقَبَة فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ حُقُوقُ اللَّهِ إلَخْ أَيْ بَعْدَ هَدْيِ التَّمَتُّعِ.

(قَوْلُهُ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا) أَيْ: فِي الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ لَا أَنَّهَا حَالَّةً زَمَنَ الْمَوْتِ وَقَوْلُهُ إذَا أَشْهَدَ إلَخْ رَاجِعٌ لِلزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَقَوْلُهُ فَرْضًا أَيْ كَالزَّوْجِ وَقَوْلُهُ أَوْ تَعْصِيبًا كَالِابْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ هُمَا أَيْ كَالْأَبِ مَعَ الْبِنْتِ السُّدُسَ فَرْضًا وَالسُّدُسَيْنِ تَعْصِيبًا؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَ التَّرِكَةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى وَجْهِهِ فِي شَارِحِنَا وَنَذْكُرُهُ لَك لِيَتَّضِحَ الْحَالُ وَنَصُّهُ يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ حَقٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>