للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّارِحُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ السَّنْهُورِيُّ مِنْ جَعْلِهِ شَرْطًا فِي سُجُودِ الْقَارِئِ أَيْضًا وَقَدْ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْهُ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَلَمْ يَجْلِسْ لِيَسْمَعَ شَرْطًا فِيهِمَا وَمَا قَبْلَهُ فِي الْمُسْتَمِعِ فَقَطْ وَفِيهِ بُعْدٌ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْعِبَارَةِ اخْتِصَاصُهُ بِالْمُسْتَمِعِ ثُمَّ لَوْ قَالَ وَصَلُحَ لِيَؤُمَّ لَكَانَ أَخَصْرَ وَقَالَ السَّنْهُورِيُّ فَإِنْ قُلْت: لِمَ لَمْ يَعْطِفْ صَلُحَ عَلَى جَلَسَ لِيَتَعَلَّمَ مَعَ أَنَّ كِلَيْهِمَا شَرْطٌ فِيهِ؟ قُلْت: يَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ رَأَى لَمَا اخْتَلَفَ الْمُتَعَلِّقُ صَارَا لِذَلِكَ كَاَللَّذَيْنِ لَا اشْتَرَاكَ بَيْنَهُمَا فَتَرَكَ الْعَطْفَ لِذَلِكَ اهـ وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [هود: ٣٤] .

ثُمَّ لَوْ قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ إنْ صَلُحَ لِيَؤُمَّ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ، أَمَّا الثَّانِي فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ اشْتِرَاطَ الصَّلَاحِيَّةِ وَمَا بَعْدَهَا حَيْثُ تَرَكَ الْقَارِئُ وَصَلُحَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ لِيُسْمِعَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَلِلْفَاعِلِ وَقَصَرَهُ تت عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ قُصُورٌ.

(ص) فِي إحْدَى عَشْرَةَ لَا ثَانِيَةَ الْحَجِّ وَالنَّجْمِ وَالِانْشِقَاقِ وَالْقَلَمِ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ سَجَدَ أَيْ: سَجَدَ قَارِئٌ وَمُسْتَمِعٌ فِي إحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَةَ فِي مَا ضَرَّهُ؛ إذْ هُوَ مَفْعُولُ سَجَدَ الْمُتَعَدِّي وَلَعَلَّ فِي هُنَا لِلسَّبَبِيَّةِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ الْحَدِيثَ، وَإِلَّا فَالظَّرْفِيَّةُ فِيهِ مَجَازِيَّةٌ وَهِيَ الْعَزَائِمُ أَيْ: الْمَأْمُورَاتُ الَّتِي يَعْزِمُ النَّاسُ بِالسُّجُودِ فِيهَا، وَقِيلَ: هِيَ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ خَالٍ عَنْ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ وَلَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْإِحْدَى عَشْرَةَ هِيَ آخِرُ الْأَعْرَافِ وَالْآصَالِ فِي الرَّعْدِ وَيُؤْمَرُونَ فِي النَّحْلِ وَخُشُوعًا فِي سُبْحَانَ وَبُكِيًّا فِي مَرْيَمَ وَمَا يَشَاءُ فِي الْحَجِّ وَنُفُورًا فِي الْفُرْقَانِ وَالْعَظِيمِ فِي النَّمْلِ وَلَا يَسْتَكْبِرُونَ فِي السَّجْدَةِ وَأَنَابَ فِي ص وَتَعْبُدُونَ فِي حم السَّجْدَةَ.

وَمَا يُرْوَى زِيَادَةٌ عَلَى مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى النَّسْخِ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِنَّ الَّذِي اسْتَقَرَّ مِنْ أَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إحْدَى عَشْرَةَ وَزَادَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ حَبِيبٍ أَرْبَعًا رَدَّهَا الْمُؤَلِّفُ صَرِيحًا وَهُوَ أَنَّهُ لَا سُجُودَ فِي ثَانِيَةِ الْحَجِّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: ٧٧] ؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الرُّكُوعِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَلَا فِي النَّجْمِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: ٦٢] وَإِنْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ عِنْدَهَا وَهِيَ أَوَّلُ سُورَةٍ أَعْلَنَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَرَمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُؤْمِنُونَ وَالْجِنُّ وَالْمُشْرِكُونَ غَيْرُ أَبِي لَهَبٍ رَفَعَ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ إلَى جَبْهَتِهِ وَقَالَ يَكْفِي هَذَا إلَّا أَنَّ إجْمَاعَ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَقُرَّائِهَا عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ فِيهَا مَعَ تَكْرَارِ الْقِرَاءَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا يَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ إذْ لَا يُجْمِعُونَ عَلَى تَرْكِ سُنَّةٍ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ غَيْرَ أَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ أَبِي لَهَبٍ فِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ وَجْهَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَلَا فِي الِانْشِقَاقِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: ٢١] وَلَا فِي الْعَلَقِ عِنْدَ قَوْلِهِ {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: ١٩] تَقْدِيمًا لِلْعَمَلِ عَلَى الْحَدِيثِ.

(ص) وَهَلْ سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ خِلَافٌ (ش) هَذِهِ جُمْلَةٌ اسْتِئْنَافِيَّةٌ قَصَدَ بِهَا تَفْصِيلَ الْحُكْمِ الَّذِي أَجْمَلَهُ فِي قَوْلِهِ سَجَدَ أَيْ: طُلِبَ مِنْهُ السُّجُودُ وَهَلْ هَذَا الطَّلَبُ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ وَشَهَرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ الْفَضِيلَةُ وَهُوَ قَوْلُ الْبَاجِيِّ وَابْنِ الْكَاتِبِ وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَنْ قَاعِدَتُهُ تَشْهِيرُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَفِيهِ بُعْدٌ) أَيْ: مِنْ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَخَصْرَ) جَوَابُ ذَلِكَ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ اخْتَلَفَ الْمُتَعَلِّقُ) أَيْ: الْفَاعِلُ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ اللَّهُ إلَخْ) أَيْ: فَلَمْ يَعْطِفْ إنْ كَانَ اللَّهُ عَلَى إنْ أَرَدْتُ لِاخْتِلَافِ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ أَمَّا الثَّانِي فَظَاهِرٌ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ وَصَلَحَ لِيَؤُمَّ فَيَحْذِفُ إنْ (أَقُولُ) فَإِذًا تَفُوتُ النُّكْتَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ.

(قَوْلُهُ لَا ثَانِيَةَ الْحَجِّ إلَخْ)

وَلَوْ سَجَدَ فِي ثَانِيَةِ الْحَجِّ وَمَا بَعْدَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِمَنْ يَسْجُدُهَا وَتَبِعَهُ فَلَا بُطْلَانَ فَلَوْ سَجَدَهَا دُونَ إمَامِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ تَرَكَ اتِّبَاعَهُ أَسَاءَ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ وَقَالَ عج لَا ثَانِيَةَ الْحَجِّ أَنْ يُكْرَهَ وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ يُمْنَعُ مَعْنَاهُ يُكْرَهُ وَقَوْلُهُ وَالنَّجْمَ مَعْطُوفٌ عَلَى ثَانِيَةِ أَيْ: وَلَا سَجْدَةَ النَّجْمِ كَذَا فِي ك.

(قَوْلُهُ إذْ هُوَ مَفْعُولُ سَجَدَ) يُبْعِدُهُ قَوْلُهُ لَا ثَانِيَةَ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَسْجُدُ بِسَبَبِ قِرَاءَتِهِ ثَانِيَةَ الْحَجِّ فَالْمُنَاسِبُ كَوْنُ فِي لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ: سَجَدَ بِسَبَبِ قِرَاءَتِهِ آيَاتِ إحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً (قَوْلُهُ يَعْزِمُ) أَيْ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالسُّجُودِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ هِيَ) أَيْ الْعَزَائِمُ مَا ثَبَتَ إلَخْ الْحَاصِلُ أَنَّ الْإِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً تُسَمَّى عَزَائِمُ فَقَدْ قَالَ عج وَسُمِّيَتْ الْإِحْدَى عَشْرَةَ عَزَائِمَ مُبَالَغَةً فِي فِعْلِ السُّجُودِ مَخَافَةَ أَنْ تَتْرُكَ اهـ.

وَاخْتُلِفَ فِي الْعَزَائِمِ فَقِيلَ هِيَ الْمَأْمُورَاتُ وَقِيلَ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ إلَخْ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَا عَدَا الْإِحْدَى عَشْرَةَ لَمْ يَخْلُ عَنْ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ وَهُوَ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ وَالْمُشْرِكُونَ) أَيْ لِزَعْمِهِمْ أَنَّهُ مَدَحَ آلِهَتَهُمْ بِقَوْلِهِ {أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى} [النجم: ١٩] {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} [النجم: ٢٠] وَأَلْقَى الشَّيْطَانُ صَوْتًا مِثْلَ صَوْتِهِ سَمِعُوهُ تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْقَاضِيَ عِيَاضًا رَدَّ هَذَا بِعَدَمِ ثُبُوتِهِ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَسَبَبُ سُجُودِ الْمُشْرِكِينَ مَعَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَدْحُ آلِهَتِهِمْ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ {أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى} [النجم: ١٩] {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} [النجم: ٢٠] {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى} [النجم: ٢١] {تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} [النجم: ٢٢] (قَوْلُهُ اُنْظُرْ وَجْهَهُ إلَخْ) قَالَ فِي ك لَكِنْ قَالَ هـ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الصَّوَابَ غَيْرُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بَدَلُ غَيْرِ أَبِي لَهَبٍ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الَّذِي فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الْفَاعِلَ لِذَلِكَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ.

(قَوْلُهُ تَفْصِيلَ) أَيْ: تَبْيِينَ لَا ذِكْرَ تَفَاصِيلَ.

(قَوْلُهُ وَهَلْ سُنَّةٌ) وَمُقْتَضَى ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ بِالْفَضِيلَةِ لَمْ يُشْهَر

<<  <  ج: ص:  >  >>