للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَيْ يَسْمَعُوهُ فَيَتَعَلَّمُوهُ وَيَتَّعِظُوا بِهِ. (ص) وَتَأَكَّدَ بِوِتْرٍ (ش) أَيْ: وَتَأَكَّدَ الْجَهْرُ الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ بِوِتْرٍ، وَأَمَّا الشَّفْعُ: فَقَدْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ " وَجَهَرَ لَيْلًا " وَإِنَّمَا تَأَكَّدَ الْجَهْرُ بِالْوِتْرِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ الَّذِي فِيهِ فَقَدْ قَالَ الْإِبْيَانِيُّ: إذَا أَسَرَّ فِيهِ سَهْوًا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ وَعَمْدًا وَجَهْلًا أَعَادَهُ وَضَعَّفَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْجَهْرَ فِي غَيْرِ الْوِتْرِ مِنْ بَاقِي السُّنَنِ كَالْعِيدَيْنِ لَيْسَ بِمُتَأَكِّدٍ وَأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْجَهْرِ فِي سَائِرِ النَّوَافِلِ وَكَذَا يُقَالُ فِي السِّرِّ فِي السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ

. (ص) وَتَحِيَّةُ مَسْجِدٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ نُدِبَ أَيْ: نُدِبَ تَحِيَّةُ مَسْجِدٍ لِدَاخِلٍ مُتَوَضِّئٍ يُرِيدُ جُلُوسًا فِيهِ وَقْتَ جَوَازِهِ. قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ فَإِنْ كَثُرَ دُخُولُهُ كَفَاهُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ قَالَهُ أَبُو مُصْعَبٍ، وَالْمُرَادُ بِالْكَثْرَةِ الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدَةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْجَلَّابِ ابْنُ نَاجِي وَلَوْ صَلَّاهَا ثُمَّ خَرَجَ لِحَاجَةٍ وَرَجَعَ بِالْقُرْبِ فَلَا تَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ. وَيُكْرَهُ جُلُوسُهُ قَبْلَ التَّحِيَّةِ حَيْثُ طُلِبَتْ وَلَا تَسْقُطُ بِهِ، وَذَكَرَ سَيِّدِي أَحْمَدُ زَرُّوقٌ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ قَامَتْ مَقَامَ التَّحِيَّةِ النَّوَوِيُّ يَنْبَغِي اسْتِعْمَالُهُ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ لِمَكَانِ الْخِلَافِ اهـ.

وَهُوَ حَسَنٌ اهـ. قَالَهُ ح فَإِنْ قُلْت: فِعْلُ التَّحِيَّةِ وَقْتَ النَّهْيِ عَنْ التَّنَفُّلِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَكَيْفَ يُطْلَبُ بِبَدَلِهَا وَيُثَابُ عَلَيْهِ؟ قُلْت: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّحِيَّةَ وَقْتَ النَّهْيِ عَنْ التَّنَفُّلِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا بَلْ هِيَ مَطْلُوبَةٌ فِي وَقْتِ النَّهْيِ وَفِي وَقْتِ الْجَوَازِ غَيْرَ أَنَّهَا فِي وَقْتِ الْجَوَازِ يُطْلَبُ فِعْلُهَا صَلَاةً وَفِي وَقْتِ النَّهْيِ يُطْلَبُ فِعْلُهَا ذِكْرًا أَوْ أَنَّ فِعْلَهَا ذِكْرًا لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ يَقُولُ إنَّهَا مَطْلُوبَةٌ وَقْتَ النَّهْيِ.

(ص) وَجَازَ تَرْكُ مَارٍّ (ش) أَيْ: وَهُوَ الَّذِي لَا يُرِيدُ الْجُلُوسَ وَهُوَ مُشْعِرٌ بِجَوَازِ الْمُرُورِ بِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَيَّدَهَا بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَكْثُرْ فَإِنْ كَثُرَ مُنِعَ وَإِنَّمَا جَازَ تَرْكُ الْمَارِّ التَّحِيَّةَ لِلْمَشَقَّةِ وَلَهَا نَظَائِرُ بِجَامِعِ الْمَشَقَّةِ وَهِيَ سُقُوطُ الْإِحْرَامِ عَنْ الْمُتَرَدِّدِينَ لِمَكَّةَ بِالْفَاكِهَةِ وَنَحْوِهَا، وَالْمَارُّ فِي السُّوقِ لَا يَلْزَمُهُ السَّلَامُ عَلَى كُلِّ مَنْ لَقِيَهُ، وَسُقُوطُ إعَادَةِ الْوُضُوءِ عَنْ مَاسِّ الْمُصْحَفِ مِنْ مُعَلِّمٍ أَوْ نَاسِخٍ وَسُقُوطُ غَسْلِ ثَوْبِ الْمُرْضِعَةِ وَصَاحِبِ الْقُرْحَةِ وَالْجَزَّارِ وَيَسِيرِ الدَّمِ اهـ.

وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَارَّ مُخَاطَبٌ بِالتَّحِيَّةِ وَأَنَّهُ إنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ " وَجَازَ تَرْكُ مَارٍّ " وَلَكِنْ صَرَّحَ الشَّارِحُ وَالْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ الْمَارَّ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا لَا تُطْلَبُ إلَّا مِنْ الدَّاخِلِ الْمُرِيدِ لِلْجُلُوسِ، وَحِينَئِذٍ فَلَوْ صَلَّاهَا الْمَارُّ تَكُونُ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ (ص) وَتَأَدَّتْ بِفَرْضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَكْعَتَيْ التَّحِيَّةِ لَيْسَتَا مُرَادَتَيْنِ لِذَاتِهِمَا إذْ الْقَصْدُ مِنْهُمَا تَمْيِيزُ الْمَسَاجِدِ عَنْ سَائِرِ الْبُيُوتِ؛ فَلِذَا إذَا صَلَّى صَلَاةً أَجْزَأَتْهُ عَنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فِي الْقِيَامِ مَقَامَهَا فِي إشْغَالِ الْبُقْعَةِ مَعَ حُصُولِ ثَوَابِهَا إذَا نَوَى بِالْفَرْضِ الْفَرْضَ وَالتَّحِيَّةَ أَوْ نَوَى نِيَابَةَ الْفَرْضِ عَنْهَا كَمَا فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَتَأَكَّدَ بِوِتْرٍ) أَيْ: سَوَاءٌ فَعَلَهُ لَيْلًا أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ فِي وَقْتِهِ الضَّرُورِيِّ كَذَا فِي ك. (قَوْلُهُ: أَعَادَهُ) أَيْ: لِكَوْنِهِ تَرَكَ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ فِيهِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَتَرْكُهَا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا يُبْطِلُ وَسَهْوًا يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ

. (قَوْلُهُ: تَحِيَّةُ مَسْجِدٍ) أَيْ: تَحِيَّةُ رَبِّ مَسْجِدٍ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا دَخَلَ بَيْتَ الْمَلِكِ إنَّمَا يُحَيِّي الْمَلِكَ لَا بَيْتَهُ فَيَنْوِي بِتِلْكَ التَّحِيَّةِ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ لَا الْمَسْجِدِ وَنُكِّرَ مَسْجِدٌ لِيَشْمَلَ مَسْجِدَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرَهُ وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ مَسْجِدٍ لُغَةً فَيَشْمَلُ مَا يَتَّخِذُهُ مَنْ لَا مَسْجِدَ لَهُمْ مِنْ بَيْتٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمَنْ اتَّخَذَ مَسْجِدًا لَهُ فِي بَيْتِهِ أَوْ الْمَسْجِدَ الْمَعْرُوفَ؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَلَهُ أَنْ يَرْكَعَهَا حَيْثُ أَرَادَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَانَ جُلُوسُهُ فِي أَقْصَى الْمَسْجِدِ. وَقِيلَ: إنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَرْكَعَ عِنْدَ دُخُولِهِ ثُمَّ يَمْشِيَ إلَى حَيْثُ شَاءَ. وَاقْتَصَرَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ عَلَى الثَّانِي. (قَوْلُهُ: كَفَاهُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ) أَيْ: إنْ قَرُبَ رُجُوعُهُ لَهُ عُرْفًا وَإِلَّا طُلِبَ بِهَا ثَانِيًا وَكَلَامُ ابْنِ نَاجِي الْآتِي مُبَيِّنٌ لِهَذَا. (قَوْلُهُ: لِمَكَانِ الْخِلَافِ) أَيْ: لِوُجُودِ الْخِلَافِ أَيْ: لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِطَلَبِهَا وَقْتَ النَّهْيِ كَمَا فِي ك. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت: فِعْلُ التَّحِيَّةِ إلَخْ) هَذَا السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ لَا وُرُودَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ " يَنْبَغِي اسْتِعْمَالُهُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ لِوُجُودِ الْخِلَافِ " أَيْ: إنَّمَا قُلْنَا يُسْتَحَبُّ هَذَا الذِّكْرُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا عَنْ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يُفْعَلُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ صَلَاةً فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَثُرَ مُنِعَ) أَيْ: كُرِهَ فِيمَا يَظْهَرُ وَهُوَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَهَذَا كَمَا فِي تت إذَا كَانَ سَابِقًا عَلَى الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِلْحَبْسِ. (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهُ السَّلَامُ) أَيْ: لَا يُطْلَبُ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ سُنَّةٌ وَلَيْسَ لَازِمًا فَأَرَادَ بِاللُّزُومِ مُطْلَقَ الطَّلَبِ. (قَوْلُهُ: مِنْ مُعَلِّمٍ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعَلِّمَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَلَا دَوَامًا عَلَى الرَّاجِحِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ نَاسِخٍ. ضَعِيفٌ إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَكْرَارُ الْوُضُوءِ عِنْدَ إرَادَةِ مَسِّهِ. (قَوْلُهُ: وَصَاحِبِ الْقَرْحَةِ) فِي الْمُخْتَارِ الْقَرْحَةُ وَاحِدَةُ الْقَرْحِ بِوَزْنِ الْفَلْسِ وَالْقُرُوحِ أَيْ: الْجِرَاحِ. (قَوْلُهُ: وَالْجَزَّارِ) أَيْ: وَالْكَنَّافِ أَيْ: إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَجْتَهِدُ فِي دَرْءِ الْأَذَى. (قَوْلُهُ: تَكُونُ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ) أَيْ: لَا تَحِيَّةً. وَهَلْ يُكْرَهُ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا التَّحِيَّةَ حِينَئِذٍ أَمْ لَا؟ قَالَ عج إنَّمَا يَفْتَرِقُ كَوْنُ مَا صَلَّاهُ الْمَارُّ هَلْ تَحِيَّةٌ أَوْ نَفْلٌ مُطْلَقٌ إنْ قِيلَ: إنَّ التَّحِيَّةَ مِنْ النَّفْلِ الْمُؤَكَّدِ وَلَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا أَوْ يُفَرَّقُ فِيمَا إذَا طَرَأَتْ لَهُ نِيَّةُ الْجُلُوسِ بَعْدَ صَلَاتِهِمَا فَعَلَى أَنَّهُ تَحِيَّةٌ أَجْزَأَتْ لَا عَلَى خِلَافِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى نِيَابَةَ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ طُلِبَتْ لَا إنْ صَلَّاهُ بِوَقْتِ نَهْيٍ. وَأَمَّا إذَا نَوَى بِهِ الْفَرْضَ وَلَمْ يَنْوِ مَعَهُ التَّحِيَّةَ وَلَا نِيَابَةً عَنْ التَّحِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا فِي قَوْلِهِ " نَابَتْ عَنْ التَّحِيَّةِ " فَإِنْ قُلْت إذَا فَعَلَ الْفَرْضَ فِي وَقْتِ النَّهْيِ وَنَوَى مَعَهُ التَّحِيَّةَ فَهَلْ يَحْصُلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>