للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ " وَعَقِيبَ " بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ عَقِبَ بِحَذْفِهَا. (ص) مُنْفَصِلٍ بِسَلَامٍ إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِوَاصِلٍ وَكُرِهَ وَصْلُهُ وَوِتْرٌ بِوَاحِدَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْفَصْلُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِسَلَامٍ وَيُكْرَهُ وَصْلُهُ مَعَ الشَّفْعِ مِنْ غَيْرِ سَلَامٍ كَمَا يُكْرَهُ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ لَا شَفْعَ قَبْلَهَا لِحَاضِرٍ أَوْ مُسَافِرٍ صَحِيحٍ أَوْ مَرِيضٍ. قَالَ سَنَدٌ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَشْفَعُهُ انْتَهَى. وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ فَإِنْ تَبَاعَدَ أَجْزَأَهُ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونَ وَقَالَ أَشْهَبُ: يُعِيدُ وِتْرَهُ بِإِثْرِ شَفْعٍ مَا لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ.

وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْفَصْلِ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِسَلَامٍ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ أَوْ خَلْفَ مَنْ يَفْصِلُ بِسَلَامٍ وَأَمَّا مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا كَمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ انْفِصَالُهُ بِسَلَامٍ بَلْ يَتْبَعُهُ لِمَا يُؤَدِّي فَصْلُهُ إلَى السَّلَامِ قَبْلَ الْإِمَامِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: يُسَلِّمُ انْتَهَى. وَلَوْ قَالَ " وَمُنْفَصِلٍ " بِالْوَاوِ لَكَانَ صَرِيحًا فِي كَوْنِ الِانْفِصَالِ مُسْتَحَبًّا مُسْتَقِلًّا إذْ وَصْلُهُ مَكْرُوهٌ وَانْظُرْ هَلْ يُكْرَهُ ابْتِدَاءً أَنْ يَقْتَدِيَ بِمَنْ يَصِلُ الشَّفْعَ بِالْوِتْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ إذَا اقْتَدَى بِمَنْ يَصِلُ يَتْبَعُهُ أَنْ لَا يُكْرَهَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَعْدَ الْوُقُوعِ؛ لِأَنَّهُمْ يَغْتَفِرُونَ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يَغْتَفِرُونَ فِي الِابْتِدَاءِ وَاسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ وَفِيهِ شَيْءٌ إذْ كَلَامُ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ كَرَاهَتَهُ

. (ص) وَقِرَاءَةُ ثَانٍ مِنْ غَيْرِ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ. (ش) يَعْنِي إذَا صَلَّى اثْنَانِ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِلثَّانِي أَنْ يَقْرَأَ مِنْ غَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي انْتَهَتْ إلَيْهِ قِرَاءَةُ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ يَحْفَظُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَخَيَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ أَعْشَارًا تُوَافِقُ صَوْتَهُ وَلِأَنَّ الْغَرَضَ سَمَاعُ الْمُصَلِّينَ لِجَمِيعِ الْقُرْآنِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ انْتِهَاءَ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَحْتَاطُ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُمْ سَمَاعُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ. (ص) وَنَظَرٌ بِمُصْحَفٍ فِي فَرْضٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْمُصَلِّي فِي الْمُصْحَفِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ وَلَوْ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِهِ لِاشْتِغَالِهِ غَالِبًا وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي النَّافِلَةِ إذَا ابْتَدَأَ الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ لَا فِي الْأَثْنَاءِ فَكُرِهَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ " أَوْ أَثْنَاءَ نَفْلٍ لَا أَوَّلَهُ ".

(فَائِدَةٌ) جُمْلَةُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ الْآيِ سِتَّةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَسِتٌّ وَسِتُّونَ آيَةً أَلْفٌ مِنْهَا أَمْرٌ وَأَلْفٌ مِنْهَا نَهْيٌ وَأَلْفٌ مِنْهَا وَعْدٌ وَأَلْفٌ مِنْهَا وَعِيدٌ وَأَلْفٌ مِنْهَا عِيَادَةُ الْأَمْثَالِ وَأَلْفٌ مِنْهَا قَصَصٌ وَأَخْبَارٌ وَخَمْسُمِائَةٍ حَلَالٌ وَحَرَامٌ وَمِائَةٌ دُعَاءٌ وَتَسْبِيحٌ وَسِتٌّ وَسِتُّونَ نَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ أَبُو الْحَسَنِ. (ص) وَجَمْعٌ كَثِيرٌ لِنَفْلٍ أَوْ بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ وَإِلَّا فَلَا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ اجْتِمَاعُ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ فِي النَّافِلَةِ خَشْيَةَ الرِّيَاءِ وَلَوْ فِي مَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهَذَا فِي غَيْرِ التَّرَاوِيحِ وَالْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ اجْتِمَاعُ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ كَالثَّلَاثَةِ لَكِنْ بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ، وَأَمَّا بِمَكَانٍ غَيْرِ مُشْتَهِرٍ فَلَا كَرَاهَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَوْقَاتِ الَّتِي صَرَّحَ الْعُلَمَاءُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِوَاصِلٍ) اعْلَمْ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ حِينَ دُخُولِهِ مَعَهُ أَنَّهُ يُوصِلُ وَصَلَ مَعَهُ وَلَكِنْ يَنْوِي بِالْأُولَيَيْنِ الشَّفْعَ وَبِالْأَخِيرَةِ الْوِتْرَ وَلَوْ نَوَى الْإِمَامُ بِالثَّلَاثِ الْوِتْرَ وَلَا تَضُرُّ هَذِهِ الْمُخَالَفَةُ كَنِيَّةِ ظُهْرٍ خَلْفَ جُمُعَةٍ لِمَنْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حِينَ دُخُولِهِ أَنَّهُ يُوصِلُ وَنَوَى خَلْفَهُ الشَّفْعَ فَقَطْ أَحْدَثَ نِيَّةَ الْوِتْرِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ بِهِ عِنْدَ فِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ. وَمَنْ دَخَلَ مَعَ الْوَاصِلِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ صَارَ وِتْرُهُ بَيْنَ رَكْعَتَيْ شَفْعٍ وَفِي الثَّالِثَةِ صَارَ وِتْرُهُ قَبْلَ شَفْعِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ) وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ سَلَّمَ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: وَلَوْ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ شَفَعَهَا وَلَوْ سَلَّمَ إنْ كَانَ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ سَلَّمَ عَامِدًا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَأْتِ بِالشَّفْعِ الَّذِي قَدْ طُلِبَ بِهِ صَارَ سَلَامُهُ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ فَلَا يُؤَثِّرُ بُطْلَانَهَا. (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ وِتْرَهُ) يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ مُقَابِلُ قَوْلِهِ فَإِنْ تَبَاعَدَ أَجْزَأَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ انْفِصَالُهُ) وَحِينَئِذٍ فَمَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ الْوَاصِلِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَإِنَّهَا تَكُونُ وِتْرَهُ وَيَأْتِي بَعْدَهَا بِرَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِجُلُوسٍ وَيَكُونَانِ شَفْعَهُ وَيُلْغَزُ فَيُقَالُ: صَلَّى شَفْعَهُ بَعْدَ وِتْرِهِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَتْبَعُهُ) ظَاهِرُهُ وُجُوبًا بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ فَلَوْ لَمْ يَتْبَعْهُ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا فَانْظُرْ هَلْ تَبْطُلُ أَوْ تَصِحُّ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ أَشْهَبَ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَحَرَّرَهُ وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ لَا بُدَّ مِنْ شَفْعٍ قَبْلَ الْوِتْرِ سَلَّمَ مِنْهُ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ وَمَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَلَامٍ يَتْبَعُهُ. (قَوْلُهُ: إذْ كَلَامُ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ كَرَاهَتَهُ) وَنَصَّهُ الْجَلَّابُ: الْوِتْرُ رَكْعَةٌ بَعْدَ شَفْعٍ مُنْفَصِلٍ مِنْهُمَا بِتَسْلِيمَةٍ وَيُكْرَهُ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ فِي آخِرِهَا اهـ. فَإِفَادَةُ الْكَرَاهَةِ مِنْ حَيْثُ إطْلَاقُهُ وَعَدَمُ التَّقْيِيدِ

. (قَوْلُهُ: لِاشْتِغَالِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ جَارِيَةٌ حَتَّى فِي النَّفْلِ. (قَوْلُهُ: وَأَلْفٌ مِنْهَا عِيَادَةُ الْأَمْثَالِ) وَالْمُرَادُ الْأَمْثَالُ الْمُتَكَرِّرَةُ وَالْأَمْثَالُ جَمْعُ مَثَلٍ وَالْعِيَادَةُ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَأَلْفٌ مُكَرَّرٌ مُتَمَاثِلٌ وَتَكْرَارُهُ لِحِكْمَةٍ يَعْلَمُهَا اللَّهُ لَا أَنَّهُ تَكْرَارٌ خَالٍ عَنْ الْفَائِدَةِ كَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ الْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ تَتَوَقَّفْ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ عَلَى النَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَا يُكْرَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ إلَّا بِالِانْحِنَاءِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُهُ بَلْ إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ إلَّا جَالِسًا فَعَلَهُ وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الْمُصْحَفِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَالِكٌ: لَمْ يَكُنْ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمِ، وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ الْحَجَّاجُ وَأَكْرَهُ أَنْ يُقْرَأَ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْمُصْحَفِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ) فِيهِ حَذْفُ مَعْطُوفٍ عَلَى كَثِيرٍ " وَمَكَانٍ " صِفَةٌ لَهُ أَيْ: قَلِيلٍ كَائِنٍ بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ. (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ) أَيْ: مَعَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي مَسْجِدِهِ) أَيْ: لِأَنَّ التَّضْعِيفَ الْوَارِدَ فِي ثَوَابِ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - خَاصٌّ بِالْفَرَائِضِ. (قَوْلُهُ: فَلَا كَرَاهَةَ) وَهَلْ خِلَافُ الْأَوْلَى أَوْ مَنْدُوبٌ اُنْظُرْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>