للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيْثُ أَشَارَ لَهُمْ أَنْ اُمْكُثُوا وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ انْتَظَرُوهُ حَتَّى عَادَ وَأَتَمَّ بِهِمْ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ " كَعَوْدِ الْإِمَامِ لِإِتْمَامِهَا " فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا نَدْبُ اسْتِخْلَافِهِمْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ الِانْتِظَارِ بَلْ جَوَازُ عَدَمِ الِاسْتِخْلَافِ الصَّادِقِ بِجَوَازِ إتْمَامِهِمْ أَفْذَاذًا وَهُوَ الْمُرَادُ

. (ص) وَاسْتِخْلَافُ الْأَقْرَبِ. (ش) أَيْ: وَنُدِبَ اسْتِخْلَافُ الْأَقْرَبِ مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِأَحْوَالِ الْإِمَامِ وَلِيَسْهُلَ لَهُمْ الِاقْتِدَاءُ بِهِ. (ص) وَتَرْكُ كَلَامٍ فِي كَحَدَثٍ. (ش) أَيْ: وَنُدِبَ لَهُ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِي اسْتِخْلَافِهِ لِعُذْرٍ مُبْطِلٍ لِصَلَاتِهِ كَحَدَثٍ سَبَقَهُ أَوْ ذَكَرَهُ لِيَسْتَتِرَ فِي خُرُوجِهِ بَلْ يُشِيرُ لِمَنْ يُقَدِّمُهُ، وَدَخَلَ بِالْكَافِ رُعَافُ غَيْرِ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا هُوَ فَتَرْكُ الْكَلَامِ وَاجِبٌ

. (ص) وَتَأَخَّرَ مُؤْتَمًّا فِي الْعَجْزِ. (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُهُ الْإِمَامَةَ كَالْعَجْزِ عَنْ بَعْضِ الْأَرْكَانِ فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ وَيَتَأَخَّرُ وُجُوبًا بِالنِّيَّةِ بِأَنْ يَنْوِيَ الْمَأْمُومِيَّةَ فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ " بِخِلَافِ الْإِمَامِ وَلَوْ جِنَازَةً إلَخْ " وَاغْتُفِرَ كَوْنُ النِّيَّةِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لِلضَّرُورَةِ. وَأَمَّا تَأَخُّرُهُ عَنْ مَحَلِّهِ فَمَنْدُوبٌ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ، وَكَلَامُ حُلُولُو يُوهِمُ وُجُوبَ هَذَا التَّأَخُّرِ. (ص) وَمَسْكُ أَنْفِهِ فِي خُرُوجِهِ. (ش) أَيْ: وَنُدِبَ لَهُ إذَا خَرَجَ أَنْ يُمْسِكَ أَنْفَهُ لِيُورِيَ أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ لَهُ رُعَافٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَمَسْكُ أَنْفِهِ فِي خُرُوجِهِ وَلَوْ كَانَ الْعُذْرُ رُعَافًا فَإِنْ قُلْت: التَّعْلِيلُ الْمُتَقَدِّمُ يَقْتَضِي أَنَّ الْعُذْرَ إذَا كَانَ رُعَافًا لَا يَتَأَتَّى فِيهِ هَذَا وَلَا يُعَارِضُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الرُّعَافِ " فَيَخْرُجُ مُمْسِكَ أَنْفِهِ " لِأَنَّ ذَاكَ فِي رُعَافِ الْبِنَاءِ وَلَيْسَ هُوَ لِلسَّتْرِ بَلْ لِتَخِفَّ النَّجَاسَةُ وَهَذَا فِي رُعَافِ غَيْرِهِ قُلْت: لَا شَكَّ أَنَّ مَنْ بَعُدَ عَنْهُ لَا يَحْصُلُ السَّتْرُ مِنْهُ إلَّا بِمَسْكِ أَنْفِهِ وَكَذَا مَنْ قَرُبَ حَيْثُ قَطَعَ لِزِيَادَةِ الرُّعَافِ عَنْ دِرْهَمٍ فِي الْأَنَامِلِ الْوُسْطَى.

(ص) وَتَقَدُّمُهُ إنْ قَرُبَ. (ش) أَيْ: وَنُدِبَ تَقَدُّمُ الْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ إلَى مَوْضِعِ الْإِمَامِ إنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ كَالصَّفَّيْنِ لِيَحْصُلَ لَهُ رُتْبَةُ الْفَضْلِ فَإِنْ بَعُدَ أَتَمَّ بِهِمْ مَوْضِعَهُ؛ لِأَنَّ الْمَشْيَ الْكَثِيرَ يُفْسِدُهَا وَيَتَقَدَّمُ لِلْقَرِيبِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي حَصَلَ اسْتِخْلَافُهُ فِيهَا. (وَإِنْ بِجُلُوسِهِ) بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ خَلْفَ الصَّفِّ فَلَا يَدِبُّ جَالِسًا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ هُنَا لَهُ عُذْرًا بِخِلَافِهِ هُنَاكَ وَأَيْضًا هُنَا لِأَجْلِ التَّمْيِيزِ لِئَلَّا يَحْصُلَ لَبْسٌ عَلَى الْقَوْمِ فَهُوَ أَشَدُّ مِمَّا مَرَّ، ثُمَّ إنَّ مَفْهُومَ إنْ قَرُبَ نَفْيُ اسْتِحْبَابِ التَّقَدُّمِ مَعَ عَدَمِ الْقُرْبِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْمَنْعُ مَعَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ

. (ص) وَإِنْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ صَحَّتْ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا اسْتَخْلَفَ رَجُلًا فَتَقَدَّمَ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ عَمْدًا أَوْ اشْتِبَاهًا كَقَوْلِهِ يَا فُلَانُ يُرِيدُ وَاحِدًا وَفِي الْقَوْمِ أَكْثَرُ مِنْهُ يُسَمَّى بِاسْمِهِ فَأَتَمَّ بِهِمْ الصَّلَاةَ صَحَّتْ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لَا يَحْصُلُ لَهُ رُتْبَةُ الْإِمَامَةِ بِنَفْسِ الِاسْتِخْلَافِ بَلْ حَتَّى يَقْبَلَ وَيَفْعَلَ بَعْضَ الْفِعْلِ. (ص) كَأَنْ اسْتَخْلَفَ مَجْنُونًا وَلَمْ يَقْتَدُوا بِهِ. (ش) التَّشْبِيهُ فِي الصِّحَّةِ يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا اسْتَخْلَفَ عَلَى الْقَوْمِ مَجْنُونًا أَوْ نَحْوَهُ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ إمَامَتُهُ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِمْ عَمَلًا فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ صَحِيحَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لَا يَكُونُ إمَامًا حَتَّى يَعْمَلَ بِالْمَأْمُومِينَ عَمَلًا فِي الصَّلَاةِ

ــ

[حاشية العدوي]

تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ اسْتِخْلَافِهِمْ إنْ لَمْ يَفْعَلُوا لِأَنْفُسِهِمْ فِعْلًا بَعْدَ حُصُولِ الْمَانِعِ الْأَوَّلِ فَإِنْ فَعَلُوا لَمْ يَسْتَخْلِفُوا؛ لِأَنَّهُ لَا اتِّبَاعَ بَعْدَ الْقَطْعِ

(قَوْلُهُ: أَيْ: وَنُدِبَ اسْتِخْلَافُ الْأَقْرَبِ) فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ الْأَقْرَبَ خَالَفَ الْأَوْلَى شَرْحُ شب. (قَوْلُهُ: وَدَخَلَ بِالْكَافِ رُعَافُ غَيْرِ الْبِنَاءِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ لَا يَأْتِي إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ وَإِذًا فَعُذْرُهُ وَاضِحٌ بِالرُّعَافِ، وَلَا يَأْتِي عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِخْلَافِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعُذْرَ وَاضِحٌ فِي قُرْبٍ لَا فِي بُعْدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الِاسْتِخْلَافِ مَعَ أَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ فِي سَبْقِ الْحَدَثِ، أَوْ ذَكَرَهُ لِكَوْنِ الِاسْتِخْلَافِ رُخْصَةً يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ.

(قَوْلُهُ: وَيَتَأَخَّرُ وُجُوبًا بِالنِّيَّةِ) فَإِنْ قُلْت: وُجُوبُ ائْتِمَامِهِ وَنِيَّتُهُ الِاقْتِدَاءُ يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ صِحَّةِ صَلَاتِهِمْ وُحْدَانًا؟ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ هُنَا لَوْ صَلَّى فَذًّا لَبَطَلَتْ عَلَيْهِ لِانْتِقَالِهِ مِنْ جَمَاعَةٍ مَعَ الْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ لِانْفِرَادٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ إتْمَامِهِمْ وُحْدَانًا فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ زَالَتْ بِحُصُولِ الْعُذْرِ لِإِمَامِهِمْ كَذَا فِي عب إلَّا أَنَّ هَذَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ: أَوْ بَعْضُهُمْ وُحْدَانًا وَتَرَكَ الِاقْتِدَاءَ بِمَنْ أَمَّ الْبَاقِينَ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَأَخُّرُهُ عَنْ مَحَلِّهِ فَمَنْدُوبٌ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَأَخُّرَهُ مَكَانَةً مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ " مُؤْتَمًّا " وَأَمَّا مَكَانًا فَهُوَ مِنْ لَفْظِ تَأَخَّرَ إلَّا أَنَّ تَأَخُّرَهُ مَكَانَةً وَاجِبٌ وَمَكَانًا مَنْدُوبٌ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: أَوْ أَمَامَ الْإِمَامِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَمَسْكُ أَنْفِهِ فِي خُرُوجِهِ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ إنَّمَا أُمِرَ الْمُحْدِثُ أَنْ يَأْخُذَ بِأَنْفِهِ لِيُوهِمَ الْقَوْمَ أَنَّ بِهِ رُعَافًا وَهَذَا مِنْ بَابِ الْأَخْذِ بِالْأَدَبِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَإِخْفَاءِ الْقَبِيحِ وَالتَّوَارِي بِمَا هُوَ أَحْسَنُ وَلَيْسَ يَدْخُلُ فِي بَابِ الرِّيَاءِ وَالْكَذِبِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ التَّجَمُّلِ وَاسْتِعْمَالِ الْحَيَاءِ وَطَلَبِ السَّلَامَةِ مِنْ النَّاسِ اهـ.

وَلَا يُقَالُ هَذَا يُفِيدُ وُجُوبَ مَا يَحْصُلُ بِهِ السَّتْرُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا حَيْثُ خِيفَ بِتَرْكِهِ عَدَمُ السَّتْرِ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقِ ذَلِكَ وَإِلَّا وَجَبَ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ قَرُبَ) أَيْ: لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَيْ: فَيُمْسِكُ أَنْفَهُ لِلسَّتْرِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِجُلُوسِهِ) أَيْ: أَوْ سُجُودِهِ أَيْ: فِي هَيْئَةِ السُّجُودِ وَإِلَّا لَوْ كَانَ سَاجِدًا بِالْفِعْلِ لَحَصَلَتْ لَهُ الْمَشَقَّةُ الْعَظِيمَةُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ عُذْرًا) وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ مَأْمُورٌ بِالتَّقَدُّمِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ أَمَامَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَحْصُلَ لَبْسٌ عَلَى الْقَوْمِ) أَيْ: مِنْ جِهَةِ عَدَمِ تَعْيِينِ الْمُسْتَخْلَفِ بِفَتْحِ اللَّامِ.

(قَوْلُهُ: وَيَفْعَلَ بَعْضَ الْفِعْلِ) أَيْ: بِهِمْ مَعَ اتِّبَاعِهِمْ هَكَذَا قَالَ سَحْنُونَ أَيْ: إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعَمَلِ وَحَكَى عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ بِنَفْسِ الِاسْتِخْلَافِ يَصِيرُ إمَامًا وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ عَالِمًا أَبْطَلَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْتَدُوا بِهِ) قَالَ اللَّقَانِيِّ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الِاقْتِدَاءِ تَبْطُلُ وَالْمَذْهَبُ لَا تَبْطُلُ إلَّا إذَا عَمِلُوا مَعَهُ عَمَلًا بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ وَهَذِهِ لَا تُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ غَيْرُ شَرْطٍ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِمْ) هَذَا الْحِلُّ غَيْرُ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا قَالَ وَلَمْ يَقْتَدُوا بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>