للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاسْتِسْقَاءِ وَغَيْرِهِ. فَقَوْلُهُ: مَشَايِخُ وَمَا بَعْدَهُ يَحْتَمِلُ النَّصْبَ عَلَى الْحَالِ وَالرَّفْعَ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفٌ خَبَرُهُ، أَيْ: خَرَجُوا حَالَ كَوْنِهِمْ، أَوْ وَفِيهِمْ مَشَايِخُ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ الْوَاوِ فِي وَخَرَجُوا، أَوْ الْفَاعِلِيَّةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ فِي: وَخَرَجُوا حَرْفٌ عَلَى لُغَةِ مَنْ يُلْحِقُ الْفِعْلَ عَلَامَةَ جَمْعٍ أَوْ تَثْنِيَةٍ، وَهِيَ لُغَةُ: أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَشَايِخِ مَا قَابَلَ الصِّبْيَةَ لَا الْمَشَايِخُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِي الْوَقْفِ.

. (ص) ثُمَّ خَطَبَ (ش) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ فِي أَوَّلِهِمَا وَوَسَطِهِمَا وَيَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا وَأَفَادَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِقَوْلِهِ (كَالْعِيدِ) وَلَا حَدَّ فِي طُولِ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ وَسَطٌ، قَالَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ عَلَى قَدْرِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَيَدْعُو فِي خُطْبَتَيْهِ لِكَشْفِ مَا نَزَلَ بِهِمْ، وَلَا يَدْعُو لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ، فَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ خُطْبَتِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ مَكَانَهُ فَحَوَّلَ رِدَاءَهُ تَفَاؤُلًا بِتَحْوِيلِ حَالَتِهِمْ مِنْ الشِّدَّةِ إلَى الرَّخَاءِ، وَصِفَتُهُ أَنْ يَجْعَلَ مَا عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ، وَمَا عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ، وَلْيَفْعَلْ النَّاسُ مِثْلَ الْإِمَامِ وَهُمْ جُلُوسٌ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ، ثُمَّ يَدْعُو كَذَلِكَ وَهُوَ قَائِمٌ مُسْتَقْبِلٌ الْقِبْلَةَ جَهْرًا، وَيَكُونُ الدُّعَاءُ بَيْنَ الطُّولِ وَالْقِصَرِ وَمِنْ دُعَائِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهِيمَتَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ.» وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَرُبَ مِنْهُ أَنْ يُؤَمِّنَ عَلَى دُعَائِهِ وَيَرْفَعَ يَدَيْهِ وَبُطُونُهُمَا إلَى الْأَرْضِ، وَرُوِيَ إلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ إذَا فَرَغَ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ مِنْ الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ وَيَنْصَرِفُونَ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(ص) وَبُدِّلَ التَّكْبِيرُ بِالِاسْتِغْفَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ كَخُطْبَتَيْ الْعِيدِ، وَيُبَدَّلُ التَّكْبِيرُ هُنَاكَ بِالِاسْتِغْفَارِ هُنَا وَالنَّاسُ مَعَهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: ١٠] {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: ١١] فَجُعِلَ الْمَطَرُ جَزَاءَ الِاسْتِغْفَارِ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى: وَبُدِّلَ نَدْبًا فِي خُرُوجِهِ وَخُطْبَتَيْهِ التَّكْبِيرُ بِالِاسْتِغْفَارِ، لَا فِي صَلَاتِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَالْبَاءُ الدَّاخِلَةُ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ لِلْمَأْخُوذِ. (ص) وَبَالَغَ فِي الدُّعَاءِ آخِرَ الثَّانِيَةِ (ش) أَيْ: وَيُنْدَبُ مُبَالَغَتُهُ بِالدُّعَاءِ فِي آخِرِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ حَالَ كَوْنِهِ (مُسْتَقْبِلًا) لِلْقِبْلَةِ وَظَهْرُهُ لِلنَّاسِ (ص) ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ يَمِينَهُ يَسَارَهُ بِلَا تَنْكِيسٍ وَكَذَا الرِّجَالُ فَقَطْ قُعُودًا (ش) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ وَاسْتِقْبَالِهِ الْقِبْلَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ حَوَّلَ رِدَاءَهُ قَبْلَ الدُّعَاءِ فَجَعَلَ يَمِينَهُ يَسَارَهُ، يَبْدَأُ بِيَمِينِهِ فَيَأْخُذُ مَا عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَيَمُرُّهُ مِنْ وَرَائِهِ لِيَضَعَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ، وَمَا عَلَى الْأَيْمَنِ عَلَى الْأَيْسَرِ تَفَاؤُلًا بِأَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ سَاعَةَ الْجَدْبِ بِسَاعَةِ الْخِصْبِ وَسَاعَةَ الْعُسْرِ بِسَاعَةِ الْيُسْرِ، وَلَا

ــ

[حاشية العدوي]

فِي طَوْقِهِمْ. (قَوْلُهُ يَحْتَمِلُ النَّصْبَ عَلَى الْحَالِ) قَالَ الْبَدْرُ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ الْمُصَنِّفِ. وَقَوْلُهُ: لَا الْمَشَايِخُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، وَهُمْ: مَنْ بَلَغَ السِّتِّينَ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ خَطَبَ) فِي ك فَلَوْ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ فَيُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ: خَطَبَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: صَلَّوْا ثُمَّ خَطَبَ، وَعَبَّرَ بِثُمَّ لِأَنَّهُ يَجْلِسُ بَعْدَ الصَّلَاةِ جَلْسَةً مُسْتَقْبِلًا النَّاسَ، ثُمَّ يَخْطُبُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَدْعُو لِأَمِيرِ. . . إلَخْ) أَيْ: يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْ: إلَّا لِخَوْفٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَنْ يَجْعَلَ. . . إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِلْفِعْلِ فِي ذَاتِهِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَبْدَأَ بِجَعْلِ مَا عَلَى يَسَارِهِ عَلَى يَمِينِهِ، لَا أَنَّهُ يَبْدَأُ بِجَعْلِ الَّذِي عَلَى جِهَةِ يَمِينِهِ عَلَى جِهَةِ يَسَارِهِ.

(قَوْلُهُ وَبُطُونُهُمَا إلَى الْأَرْضِ) وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ بِقُرْبِ أَحَدِ الْيَدَيْنِ مِنْ الْآخَرِ وَهَلْ يُلَاصِقُ أَوْ يُفَرِّقُ قَلِيلًا؟ خِلَافٌ بَيْنَ الْمَغَارِبَةِ وَالْمَشَارِقَةِ أَشَارَ لَهُ فِي شَرْحِ الْحِصْنِ الْحَصِينِ (قَوْلُهُ وَالنَّاسُ مَعَهُ) أَيْ: حَاضِرُونَ مَعَهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: فِي خُرُوجِهِ. . . إلَخْ رَدًّا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ الْقَائِلِ: لَا يُكَبِّرُونَ فِي الْغُدُوِّ إلَيْهَا وَلَا يَسْتَغْفِرُونَ إلَّا فِي الْخُطْبَةِ. قَالَ بَهْرَامُ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا اسْتَغْفَرَ فِي الْخُطْبَةِ أَنْ يَسْتَغْفِرُوا كَمَا يُكَبِّرُوا مَعَهُ فِي الْعِيدِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْبَاءُ. . . إلَخْ) وَقَدْ تَدْخُلُ عَلَى الْمَتْرُوكِ خِلَافًا لِمَنْ عَيَّنَ دُخُولَهَا عَلَى الْمَتْرُوكِ. (قَوْلُهُ وَبَالَغَ) أَيْ: نَدْبًا الْإِمَامُ وَمَنْ بَعُدَ عَنْهُ مِنْ الْقَوْمِ، وَأَمَّا مَنْ قَرُبَ مِنْهُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُؤَمِّنَ عَلَى دُعَائِهِ (قَوْلُهُ مُبَالَغَتُهُ) أَيْ: إطَالَتُهُ أَوْ أَتَى بِأَجْوَدِهِ وَأَحْسَنِهِ أَوْ هُمَا مَعًا، وَالْمُرَادُ بِأَجْوَدِهِ وَأَحْسَنِهِ مَا جَاءَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَيَكُونُ الدُّعَاءُ جَهْرًا كَمَا فِي الطِّرَازِ، وَذَكَرَ الزَّرْقَانِيُّ أَنَّهُ يَدْعُو سِرًّا وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبُنِي رَفْعُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ (قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الدُّعَاءَ مِنْ جُمْلَةِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَمَّا كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا كَأَنَّهُ مِنْ آخِرِهَا (قَوْلُهُ فَجَعَلَ يَمِينَهُ يَسَارَهُ. . . إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: يَمِينَهُ يَسَارَهُ. . . إلَخْ مَفْعُولٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ: يَجْعَلُ يَمِينَهُ يَسَارَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَدَلَ بَعْضٍ، وَعَلَى كُلٍّ فَالضَّمِيرُ فِي يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ عَائِدٌ عَلَى الرِّدَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: يَمِينَهُ. . . إلَخْ مَنْصُوبَيْنِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ: يَجْعَلُ مَا عَلَى يَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ. وَعَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ لِفَاعِلِ التَّحْوِيلِ أَفَادَ كُلَّ ذَلِكَ الشَّيْخُ سَالِمٌ، ثُمَّ أَقُولُ وَهَذَا بَيَانٌ لِلتَّحْوِيلِ فِي ذَاتِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِجَعْلِ مَا عَلَى الْيَسَارِ عَلَى الْيَمِينِ فَيَأْخُذَ - كَمَا قَالَ الشَّارِحُ مَا عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ مَارًّا بِهِ مِنْ وَرَائِهِ وَيَجْعَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ، وَمَا عَلَى الْأَيْمَنِ عَلَى الْأَيْسَرِ تَفَاؤُلًا، وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا التَّحْوِيلِ قَلْبُهُ، فَيَصِيرُ مَا يَلِي ظَهْرَهُ لِلسَّمَاءِ وَمَا يَلِيهَا عَلَى ظَهْرِهِ

(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ الْمُصَنَّفِ أَنَّ التَّحْوِيلَ مِنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي قَوْلِهِ: يَبْدَأُ بِيَمِينِهِ أَيْ يَبْدَأُ بِاسْتِمْتَاعِ يَمِينِهِ بِالْمُكْثِ عَلَيْهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَيَأْخُذَ (فَائِدَةٌ مُهِمَّةٌ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَرَّرْ فِي طُولِ عِمَامَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَرْضِهَا شَيْءٌ، ثُمَّ قَالَ: إنَّهُ نُقِلَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ذِرَاعٍ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي الرِّدَاءِ فَقِيلَ سِتَّةُ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَقِيلَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ، أَوْ شِبْرَانِ فِي عَرْضِ ذِرَاعَيْنِ وَشِبْرٍ، وَقِيلَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ذِرَاعَيْنِ وَنِصْفٍ، وَلَيْسَ فِي الْإِزَارِ إلَّا الْقَوْلُ الثَّانِي، ذَكَرَهُ الشبراملسي فِي حَوَاشِي

<<  <  ج: ص:  >  >>