للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُكَلَّفٍ قَادِرٍ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِفَرْضٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْجِهَادَ يَجِبُ عَلَى الْحُرِّ الذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ الْقَادِرِ لَا عَلَى ضِدِّهِمْ كَمَا يَأْتِي وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ أَسْقَطَ الْإِسْلَامَ لِقَوْلِهِ بِخِطَابِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ.

(ص) كَالْقِيَامِ بِعُلُومِ الشَّرْعِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ لَا بِقَيْدِهِ وَهُوَ كُلُّ سَنَةٍ وَالْمُرَادُ بِقِيَامِهَا حِفْظُهَا وَإِقْرَاؤُهَا وَقِرَاءَتُهَا وَتَدْرِيبُهَا وَتَحْقِيقُهَا وَتَهْذِيبُهَا وَتَعْمِيمُهَا إنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى تَعْمِيمِهَا وَتَخْصِيصِهَا إنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى تَخْصِيصِهَا وَتَعْبِيرُهُ بِعُلُومِ الشَّرْعِ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ بِالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْعُلُومَ الشَّرْعِيَّةَ ثَلَاثَةٌ الْفِقْهُ وَالْحَدِيثُ وَالتَّفْسِيرُ كَمَا بَيَّنَّاهُ بِالْأَصْلِ (ص) وَالْفَتْوَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِفْتَاءَ وَالْإِرْشَادَ إلَى الْحَقِّ وَاجِبٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ كَمَا يَجِبُ التَّعْلِيمُ وَالْفَتْوَى هِيَ الْإِخْبَارُ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِكُتُبٍ أَوْ إخْبَارٍ لَكِنْ إنْ تَوَقَّفَ الْحُكْمُ عَلَى الْكُتُبِ وَجَبَ (ص) وَ (دَفْعُ) الضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ وَكَفَّ الْأَذَى عَنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِمْ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ مِنْ إطْعَامِ جَائِعِ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ حَيْثُ لَمْ تَفِ الصَّدَقَاتُ وَلَا بَيْتُ الْمَالِ بِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَكَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَخْرُجُ إلَى الْحَوَائِطِ يُخَفِّفُ عَمَّنْ أَثْقَلَ فِي عَمَلِهِ مِنْ الْأَحْرَارِ وَالرَّقِيقِ وَيَزِيدُ فِي رِزْقِ مَنْ أَقَلَّ فِي رِزْقِهِ.

(ص) وَالْقَضَاءُ (ش) أَيْ وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ الْقَضَاءُ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَرَاتِبِ لِمَا فِيهِ مِنْ فَصْلِ الْخُصُومَاتِ وَدَفْعِ التَّهَارُجِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَكَفِّ الظَّالِمِ (ص) وَالشَّهَادَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ. وَأَمَّا أَدَاؤُهَا فَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى مَنْ طُلِبَتْ مِنْهُ فَكُلُّ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ الْأَدَاءُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا قَبْلَ الطَّلَبِ فَلَا يَجِبُ (ص) وَالْإِمَامَةُ (ش) أَيْ الْإِمَامَةُ الْعُظْمَى فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى مَنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُهَا مَعَ وُجُودِ مَنْ يُشَارِكُهُ وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ. وَأَمَّا إمَامَةُ الصَّلَاةِ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْضًا حَيْثُ كَانَتْ إقَامَتُهَا فِي الْبَلَدِ عَلَى مَا مَرَّ فِي فَصْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ (ص) وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ (ش) لَمْ يَقُلْ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ بِشُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ بِخِطَابِ الْكُفَّارِ إلَخْ) وَلَا يُنَافِي وُجُوبَهُ عَلَى الْكَافِرِ حُرْمَةُ اسْتِعَانَةٍ بِمُشْرِكٍ؛ لِأَنَّهُ فِي حُرْمَتِهِ عَلَيْنَا وَمَا هُنَا فِي وُجُوبِهِ عَلَيْهِمْ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يُجَاهِدَ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَنْ تَحْتَ ذِمَّتِنَا وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى إسْلَامِهِ كَأَدَاءِ الدَّيْنِ كَذَا فِي عب وَيُقَالُ بَلْ يَجِبُ عَلَى كُلِّ كَافِرٍ، وَلَوْ حَرْبِيًّا الْجِهَادُ أَيْ جِهَادُ غَيْرِهِ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ بِمَعْنَى أَنَّ أَيَّ كَافِرٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُجَاهِدَ مَعَنَا غَيْرَهُ مِنْ الْكُفَّارِ فَالْحَرْبِيُّ مَثَلًا يُجَاهِدُ مَعَنَا غَيْرَهُ لَا نَفْسَهُ (قَوْلُهُ كَالْقِيَامِ بِعُلُومِ الشَّرْعِ) تَدْخُلُ النِّسَاءُ (قَوْلُهُ وَإِقْرَاؤُهَا) أَيْ لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ وَقِرَاءَتُهَا) أَيْ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَتَدْرِيبُهَا) فِي نُسْخَةٍ مُصَلَّحَةٍ بَعْدَ الرَّاءِ يَاءٌ وَبَعْدَ الْيَاءِ بَاءٌ أَيْ تَعَاطِيهَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَتَدْرِيسُهَا (قَوْلُهُ وَتَحْقِيقُهَا) ذَكَرَ الْأَدِلَّةَ (قَوْلُهُ وَتَهْذِيبُهَا) تَبْيِينُ مَا هُوَ صَحِيحٌ مِمَّا لَيْسَ بِصَحِيحٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمُحْتَوِيَةِ عَلَى عُلُومِ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ وَتَعْمِيمُهَا إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَتْ الْقَاعِدَةُ عَامَّةً وَقَامَ دَلِيلٌ عَلَى تَعْمِيمِهَا يُبْقِيهَا عَلَى تَعْمِيمِهَا، وَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى تَخْصِيصِهَا يُخَصِّصُهَا كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِيمَنْ يَتَعَاطَى الْعُلُومَ الشَّرْعِيَّةَ.

(قَوْلُهُ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْأَصْلِ) عِبَارَتُهُ فِي ك فَإِنَّ الْعُلُومَ الشَّرْعِيَّةَ مَا وَضَعَهَا الشَّارِعُ وَعُلُومُ الشَّرْعِ الْعُلُومُ الْمَنْسُوبَةُ لِلشَّرْعِ أَيْ الْعُلُومُ الَّتِي يُنْتَفَعُ بِهَا فِيهِ فَيَشْمَلُ الْفِقْهَ وَالتَّفْسِيرَ وَالْحَدِيثَ وَالنَّحْوَ وَالصَّرْفَ وَالْمَعَانِيَ وَالْمَنْطِقَ وَالطِّبَّ وَالْأُصُولَ وَالْعَرُوضَ وَنَحْوَهَا انْتَهَى أَيْ لَا نَحْوَ هَيْئَةٍ وَكِيمْيَاءٍ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّرْعِيَّةَ مَنْسُوبَةٌ لِلشَّرْعِ وَتَصْدُقُ تِلْكَ النِّسْبَةُ بِالْعُلُومِ الْآلِيَّةِ فَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَبْقَى عُلُومُ الشَّرْعِ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهَا وَيُزَادُ وَآلَتُهَا؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ) خَرَجَ الْقَضَاءُ أَيْ الْقَضَاءُ بِمَعْنَى الْحُكْمِ فَهُوَ الْإِخْبَارُ بِالشَّيْءِ عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ غَيْرَ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ عَرَّفَهُ اصْطِلَاحًا بِأَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا نُفُوذَ حُكْمِهِ الشَّرْعِيِّ فَيَكُونُ قَدْ خَرَجَ بِقَوْلِهِ الْإِخْبَارُ (قَوْلُهُ دَفْعُ) إشَارَةً إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالدَّرْءُ مَوْضِعُ الضَّرَرِ مَصْدَرُ دَرَأَ بِمَعْنَى دَفَعَ وَهِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ) دَخَلَ بِالْكَافِ الْمُسْتَأْمَنُ وَالْمُؤَمَّنُ.

(قَوْلُهُ مِنْ إطْعَامِ جَائِعٍ) قُصُورٌ (قَوْلُهُ وَيَزِيدُ فِي رِزْقٍ) أَيْ فِي أُجْرَةِ إلَخْ فَفِعْلُ عُمَرُ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَرَفْعُ التَّهَارُجِ) الْمُنَازَعَةُ وَالْمُخَاصَمَةُ، فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِلْقَضَاءِ إلَّا وَاحِدٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ) أَيْ وَالتَّعَازِيرِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ إذَا وُجِدَ أَكْثَرُ مِنْ نِصَابٍ وَإِلَّا تَعَيَّنَ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا أَدَاؤُهَا فَفَرْضُ عَيْنٍ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ طُلِبَ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ مَوْجُودًا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَفَرْضُ كِفَايَةٍ وَيُوَافِقُهُ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ عج فَاتَّفَقَ التَّحَمُّلُ وَالْأَدَاءُ فِي أَنَّ كُلًّا تَارَةً يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ وَتَارَةً كِفَائِيًّا.

(قَوْلُهُ أَيْ الْإِمَامَةُ الْعُظْمَى) وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَاحِدًا إلَّا أَنْ تَتَنَاءَى الْأَقْطَارُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ إرْسَالُ نَائِبٍ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي الْأَمْرِ اللَّفْظِيِّ وَالنَّهْيِ اللَّفْظِيِّ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ الْأَمْرَ اللَّفْظِيَّ لَيْسَ هُوَ النَّهْيَ اللَّفْظِيَّ قَطْعًا وَلَا يَتَضَمَّنُهُ عَلَى الْأَصَحِّ اُنْظُرْ الْمَحَلِّيَّ وَقَوْلُهُمْ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ فِي الْأَمْرِ النَّفْسِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>