للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْخَيْلِ» ، فَقِيلَ: نَهْيُ تَحْرِيمٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنْقِصُ الْقُوَّةَ وَذَهَابَ النَّسْلِ مِنْهَا، مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الرُّكُوبُ، وَأَمَّا الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ يَجُوزُ خِصَاؤُهَا؛ إِذْ لَيْسَ فِيهِ إِعَانَةٌ عَلَى الْجِهَادِ، وَقَالَ أَيْضًا: الْفَرَسُ يَكْلَبُ، يَجُوزُ خِصَاؤُهُ، وَحَكَوُا الْإِجْمَاعَ عَلَى تَحْرِيمِ خِصَاءِ الْآدَمِيِّ، وَمِنْهَا: الْجَبُّ وَهُوَ الَّذِي قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ مَعًا، وَالْمُرَادُ هُنَا عَدَمُ مَا ذُكِرَ وَلَوْ خِلْقَةً، وَالْعُيُوبُ تُخَالِفُ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ يُرَدُّ فِيهِ بِوُجُودِ مَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ، وَمِنْهَا: الْعُنَّةُ، بِضَمِّ الْعَيْنِ، وَالْعِنِّينُ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ ذَكَرُهُ كَالزِّرِّ، وَعَلَى الْمُعْتَرِضِ، لَكِنَّ ذِكْرَهُ لِلْمُعْتَرِضِ دَلِيلٌ عَلَى إِرَادَةِ الْأَوَّلِ، فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ، وَالْعِنِّينُ لُغَةً: هُوَ الَّذِي لَا يَشْتَهِي النِّسَاءَ، يُقَالُ: امْرَأَةٌ عِنِّينَةٌ، أَيْ: لَا تَشْتَهِي الرِّجَالَ، وَمِنْهَا: الِاعْتِرَاضُ وَهُوَ الَّذِي لَهُ آلَةٌ كَآلَةِ الرِّجَالِ، وَلَكِنْ لَا يَنْتَشِرُ، وَرُبَّمَا كَانَ عَدَمُ انْتِشَارِهِ فِي امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى.

(ص) وَبِقَرْنِهَا، وَرَتَقِهَا، وَبَخَرِهَا، وَعَفَلَهَا، وَإِفْضَائِهَا.

(ش) الْكَلَامُ الْآنَ فِي عُيُوبِ الزَّوْجَةِ، وَهِيَ خَمْسَةٌ؛ وَلِذَا أَضَافَهَا لِضَمِيرِهَا، مِنْهَا: الْقَرْنُ: شَيْءٌ يَبْرُزُ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ، يُشْبِهُ قَرْنَ الشَّاةِ، تَارَةً يَكُونُ عَظْمًا فَيَعْسُرُ عِلَاجُهُ، وَتَارَةً يَكُونُ لَحْمًا وَهُوَ الْغَالِبُ فَلَا يَعْسُرُ عِلَاجُهُ، وَمِنْهَا: الرَّتَقُ - بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ -: وَهُوَ انْسِدَادُ مَسْلَكِ الذَّكَرِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْجِمَاعُ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا انْسَدَّ بِعَظْمٍ لَا يُمْكِنُ مُعَالَجَتُهُ، وَبِلَحْمٍ أَمْكَنَتْ، وَمِنْهَا: الْبَخَرُ: وَهُوَ نَتَنُ الْفَرْجِ؛ لِأَنَّهُ مُنَفِّرٌ؛ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَأَلْحَقَ بِهِ اللَّخْمِيُّ بَخَرَ الْفَمِ وَالْأَنْفِ، لَكِنَّ الْمُؤَلِّفَ مَشَى فِيمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ عَيْبٍ، بِخِلَافِ بَابِ الْبَيْعِ فَهُوَ عَيْبٌ، سَوَاءٌ كَانَ بِالْفَرْجِ أَوْ بِالْفَمِ، وَمِنْهَا: الْعَفَلُ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْفَاءِ -: لَحْمٌ يَبْرُزُ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ يُشْبِهُ أُدْرَةَ الرَّجُلِ، وَلَا تَسْلَمُ غَالِبًا مِنْ رَشْحٍ، وَقِيلَ: رَغْوَةٌ فِي الْفَرْجِ تَحْدُثُ عِنْدَ الْجِمَاعِ، وَمِنْهَا: الْإِفْضَاءُ: وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ اخْتِلَاطِ مَسْلَكَيِ الذَّكَرِ وَالْبَوْلِ حَتَّى يَصِيرَا مَسْلَكًا وَاحِدًا. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: هُوَ زَوَالُ الْحَاجِزِ بَيْنَ مَسْلَكِ الْبَوْلِ وَمَخْرَجِ الْغَائِطِ، اهـ. وَنُوزِعَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَعْنَى الْإِفْضَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي كَوْنِهِ يُرَدُّ بِهِ، انْتَهَى.

(ص) قَبْلَ الْعَقْدِ.

(ش) فِي مَحَلِّ نَصْبِ حَالٍ مِنْ قَوْلِهِ: "بِبَرَصٍ إِلَخْ"، أَيِ: الْخِيَارُ بِبَرَصٍ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ كَائِنَاتٍ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ، فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى قَوْلِ الشَّارِحِ: قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ حِينَهُ، وَأَمَّا مَا حَدَثَ بَعْدَهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ:

(ص) وَلَهَا فَقَطِ الرَّدُّ بِالْجُذَامِ الْبَيِّنِ، وَالْبَرَصِ الْمُضِرِّ، الْحَادِثَيْنِ بَعْدَهُ.

(ش) أَيْ: وَلِلزَّوْجَةِ فَقَطْ دُونَ الزَّوْجِ الرَّدُّ بِالْجُذَامِ الْبَيِّنِ ضِدِّ الْخَفِيِّ وَإِنْ قَلَّ، وَالْبَرَصِ الْمُضِرِّ، أَيِ: الْفَاحِشِ الْحَادِثَيْنِ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ، وَكَذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَقَوْلُهُ: "بَعْدَهُ" صَادِقٌ بِبَعْدَ الدُّخُولِ أَيْضًا، كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ لَا يُسَيِّرُهُمَا.

(ص) لَا بِكَاعْتِرَاضٍ.

(ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بِالْجُذَامِ، وَيُرِيدُ بِهِ: بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا وَلَوْ مَرَّةً، فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَأَمَّا قَبْلَ الْوَطْءِ فَسَيَأْتِي أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ بَعْدَ أَنْ يُؤَجَّلَ الْحُرُّ سَنَةً، وَالْعَبْدُ نِصْفَهَا.

(ص) وَبِجُنُونِهِمَا، وَإِنْ مَرَّةً فِي الشَّهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ.

(ش) لَا إِشْكَالَ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِجُنُونِ

ــ

[حاشية العدوي]

يُقَالَ: الْأَكْثَرُ كَالْكُلِّ. (قَوْلُهُ: فَقِيلَ: نَهْيُ تَحْرِيمٍ) ، الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّضْعِيفُ. (قَوْلُهُ: وَذَهَابَ) ، أَيْ: وَيَحْصُلُ ذَهَابُ النَّسْلِ مِنْهَا، وَقَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الرُّكُوبُ الْخَاصُّ، وَهُوَ الرُّكُوبُ فِي الْجِهَادِ.

(قَوْلُهُ: يَكْلَبُ) ، أَيْ: يَعْتَرِيهِ شَيْءٌ كَالْجُنُونِ، بِحَيْثُ لَا يَنْفَعُ إِلَّا فِي الطَّاحُونِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ هُنَا) ، أَيْ: فِي بَابِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ بَابِ الْبَيْعِ، فَالْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ طَارِئًا، وَقَوْلُهُ: "وَالْعُيُوبُ"، الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَالنِّكَاحُ يُخَالِفُ الْبَيْعَ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمُرَادَ يَقْتَضِي أَشُدِّيِّةَ النِّكَاحِ عَلَى الْبَيْعِ، إِلَّا أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي الْعَكْسَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ بِوُجُودِ مَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ، أَيْ: بِخِلَافِ النِّكَاحِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ بِكُلِّ مَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ، بَلْ بِشَيْءٍ خَاصٍّ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ يُتَسَامَحُ فِيهِ، بِخِلَافِ بَابِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ، عَلَى أَنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرُوا فِي بَابِ الْبَيْعِ أَنَّ الْعُنَّةَ وَالِاعْتِرَاضَ لَا رَدَّ بِهِمَا.

(قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا كَانَ عَدَمُ انْتِشَارِهِ فِي امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى) هَلْ ذَلِكَ خِلْقِيٌّ أَوْ بِأَمْرٍ طَرَأَ كَسِحْرٍ.

(فَائِدَةٌ) : لَوْ كَانَ خُنْثَى مَحْكُومًا لَهُ بِحُكْمِ الرُّجُولِيَّةِ فَلَا خِيَارَ لَهَا، قَالَهُ الْبَدْرُ، وَانْظُرْ فِي عَكْسِهِ، وَهُوَ مَا إِذَا كَانَتِ الْأُنْثَى خُنْثَى مَحْكُومًا لَهَا بِحُكْمِ الْإِنَاثِ.

(قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهِ ... إِلَخْ) هُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ: وَنُوزِعَ) ، وَجْهُ الْمُنَازَعَةِ أَنَّهُ خِلَافُ تَفْسِيرِ الْقَرَافِيِّ، وَبَهْرَامٍ بِالْأَوَّلِ، وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ قَوْلٌ فِي اللُّغَةِ، فَفِي الْمِصْبَاحِ: وَأَفْضَاهَا: جَعَلَ مَسْلَكَيْهَا بِالِافْتِضَاضِ وَاحِدًا، وَقِيلَ: جُعِلَ سَبِيلُ الْحَيْضِ وَالْغَائِطِ وَاحِدًا.

(فَإِنْ قُلْتَ) : هَذِهِ الْأُمُورُ إِنَّمَا تُدْرَكُ بِالْوَطْءِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، فَيَنْتَفِي الْخِيَارُ.

(قُلْتُ) : الْوَطْءُ الدَّالُّ عَلَى الرِّضَا هُوَ الْحَاصِلُ بَعْدَ عِلْمِ مُوجِبِ الْخِيَارِ، لَا الْحَاصِلِ قَبْلَهُ، وَلَا رَدَّ بِكَوْنِهَا عَجُوزًا فَانِيَةً، أَوْ صَغِيرَةً بِنْتَ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَلَا بِاسْتِحَاضَةٍ وَحَرْقِ فَرْجِهَا حَيْثُ لَا شَرْطَ.

(قَوْلُهُ: وَلَهَا ... إِلَخْ) ثُبُوتُ الرَّدِّ لَهَا لَا يُنَافِي كَوْنَهَا بَعْدَ سَنَةٍ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَفِي بَرَصٍ وَجُذَامٍ رُجِيَ بُرْؤُهُمَا سَنَةً، وَمِثْلُهُمَا الْجُنُونُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ) ، أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالْبَيِّنِ الْمُحَقَّقُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا.

(قَوْلُهُ: لَا يُسَيِّرُهُمَا) هَذَا يُنَافِي صَدْرَ الْعِبَارَةِ، إِلَّا أَنَّهُ يَأْتِي عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ الْقَائِلِ: لَا تُرَدُّ بِالْجُذَامِ إِلَّا إِذَا تَفَاحَشَ، وَلَا يُمْكِنُ النَّظَرُ إِلَيْهِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: لَا بِكَاعْتِرَاضٍ) أَدْخَلَتِ الْكَافُ الْخِصَاءَ وَالْجَبَّ، وَكِبَرَ الذَّكَرِ الْمَانِعَ مِنَ الْوَطْءِ، وَكِبَرَ الْأُدْرَةِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنَ الذَّكَرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْوَطْءُ.

(قَوْلُهُ: فَلَا خِيَارَ لَهَا) ، هَذَا حَيْثُ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ الْوَطْءِ، كَمَا حَدَثَ قَبْلَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ مَرَّةً فِي الشَّهْرِ) قَضِيَّتُهُ لَوْ كَانَ يَأْتِي بَعْدَ شَهْرَيْنِ لَا رَدَّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنِ الْكَثْرَةِ، كَقَوْلِهِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ) ، ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي بَعْضِهِ رَاجِعٌ لِلْعَقْدِ فَلَا يَشْمَلُ مَا بَعْدَ الدُّخُولِ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ لِمَا بَعْدَ الدُّخُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>