للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد تفتحت فيه عيون النرجس، وتوردت فيه خدود البنفسج، وفاحت مجامر الأترجّ، وفتقت فارات النارنج، وانطلقت ألسن العيدان، وقامت خطباء الأوتار، وهبت رياح الأقداح، ونفقت سوق الأنس، وقام منادى الطرب، وطلعت كواكب الندمان، وامتد سماء الندى، فبحياتى إلا ما حضرت لنحصل بك فى جنة الخلد، وتتصل الواسطة بالعقد، فقد أبت راحنا أن تصفوا إلا إن تناولها يمناك، وأقسم غناؤنا لا يطيب حتى تعيه أذناك، فأما خدود نارنج مجلسنا فقد احمرت خجلا لإبطائك، وعيون نرجسنا فقد حدّقت تأميلا للقائك، فبحياتى عليك إلا ما تعجلت لئلا يخبث تأميلا للقائك، فبحياتى عليك من يومنا ما طاب، ويعود من همنا ما طار.

أبو اسحق الصابى «١» : كتب إلى ابن عباد المذكور:

ورد أطال الله بقاء سيدى فلان وفلان حاجيين، فعاجا إلىّ ملمّين، وعرجا علىّ مسلمين، فحين عرفتهما، وقبل أن أرد السلام عليهما مددت اليد إلى ما معهما كما مدّها حسان إلى رسول جبلة ثقة منى بصلته، وشوقا إلى تكرمته واعتيادا لإحسانه، وإبقاء لموارد انعامه، وتيقنا أن الخطرة منى على باله مقرونة بالنصيب من ماله، وأن ذكراه مشفوعة بجدواه، وقمت عند ذلك قائما وقبلت الأرض ساجدا، وكررت الدعاء والثناء مجتهدا، وسألت الله أن يطيل له أمد البقاء كطول يده بالعطاء، ويمد له فى العمر كامتداد ظله على الحر، وأن يحرس على هذا العدد القليل من الكتاب ومنتحى الآداب ما كنفهم به من ذراه، وأفاء عليهم من نداه مارعاهم فيه من مراتعه، وأعذب لهم من شرائعه التى هم محلئون إلا عنها، ومحرومون إلا منها.