للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الأدلة على عدم وجوب صلاة الليل والوتر ما سبق عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل". أخرجه مسلم. (١)

وفيه دلالة على عدم وجوب صلاة الليل، إذ فاضل بين صلاة الليل وسائر الصلوات غير الفريضة، وقرن في التفضيل بين صيام شهر الله المحرم وصلاة الليل؛ فكما أن صيام شهر الله المحرم ليس بواجب؛ فكذا صلاة الليل، والله أعلم.

والمقصود: أن مجموع هذه النصوص يدل على عدم وجوب صلاة الليل والوتر؛ فهي قرينة صارفة لما قد تشعر به بعض الأحاديث بوجوب الوتر، صارفة من الوجوب إلى الاستحباب. والله أعلم.

ويؤكد عدم الوجوب ما ذكرته السيدة عائشة رضي الله عنها؛ من أن قيام الليل كان فرضاً في أول الأمر، ثم أنزل الله التخفيف في آخر سورة المزمل، فصار قيام الليل تطوعاً بعد فريضة. (٢)


(١) سبق تخريجه في الفصل الأول من هذا الباب (١-٣)
(٢) حديث صحيح. سيأتي نصه وتخريجه انظر: (٦/٤-٣) .
فإن قيل: قيام الليل غير الوتر.
فالجواب: الذي دلت عليه النصوص أن قيام الليل والوتر صلاة واحدة، ويعبر عنها بالشفع والوتر.
وفي "سنن الترمذي" (٢/٣٢٠-٣٢١) : " قال إسحاق بن راهويه: معنى ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث عشرة؛ قال: إنما معناه أنه كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة مع الوتر، فنسبت صلاة الليل إلى الوتر. وروى في ذلك حديثاً عن عائشة، واحتج بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: " أوتروا يا أهل القرآن! ". قال: إنما عنى به قيام الليل؛ يقول: إنما قيام الليل على أصحاب القرآن". اهـ.

<<  <   >  >>