للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والرِّضَا: ضد الغضب، وهو من ذوات «الواو» لقولهم: الرضوان، والمصدر: رضاً ورِضَاء بالقصر والمد، ورِضْواناً بكسر «الفاء» وضمها.

قال القرطبي رَحِمَهُ اللهُ: رَضِيَ يَرْضَى رِضاً ورِضاءً ورِضْواناً ورُضواناً ومَرْضاة، وهو من ذوات «الواو» ويقال في التثنية: رِضَوان، وحكى الكسائي رَحِمَهُ اللهُ: رِضيان، وحكى رضاء ممدود، وكأنه مصدر رَاضَى يُرَاضِي مُرَاضَاعةً ورِضَاءً.

وقد يتضمّن معنى «عَطَف» فيتعدى ب «عَلى» ؛ قال: [الوافر]

٧٦٩ - إذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ..... ... ... ... ... ... ... .

والملّة في الأصل: الطريقة، يقال: طريق مُملٌّن أي: أثَّر فيه [المشي] ، ويعبر بها عن الشريعة تشبيهاً بالطريقة.

وقيلك بل اشتقت من «أَمْلَلْتُ» ؛ لأن الشريعة فيها مَن يُمْلي ويُمْلَى عليه.

فصل في سبب نزول هذه الآية

اعلم أنه تعالى لما بين أن العلّة قد انزاحت من قبله لا من قبلهم، وأنه لا عذر لهم في الثبات على التكذيب به عقب ذلك بأن القوم بلغ حالهم في [تشددهم في باطلهم، وثباتهم على كُفْرهم] أنهم يريدون منك أن تتبع ملّتهمن ولا يرضون منك بالكُفْر، بل الموافقة لهم في دينهم وطريقتهم.

قال ابن عباس رَحِمَهُ اللهُ: هذا في القِبْلَةِ، وذلك أن يهود «المدينة» ونصارى «نجران» كانوا يرجون النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حين كان يصلِّي إلى قبلتهم، فلما صرف الله القبلة إلى الكَعْبة أَيسُوا منه الموافقة على دينهم فنزلت هذه الآية.

وقيل: كانوا يسألون النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الهدنة، ويطمعونه أنه إن أمهلهم اتبعوه، فأنزل الله هذه الآية.

معناه: إنك إن هادنتهم، فلا يرضون بها، ولا يطلبون ذلك تعللاً ولا يرضون منك إلا باتباع ملتهم.

قوله: «تَتَّبعَ» منصوب ب «أن» مضمرة بعد «حتى» قاله الخليل، وذلك أن «حتى» خافضة بالاسم لقوله عَزَّ وَجَلَّ: {حتى مَطْلَعِ الفجر} [القدر: ٥] وما يعمل في الاسم لا

<<  <  ج: ص:  >  >>