للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والمراد بالقلة العدم، أو حقيقتها، أي: لا تشكرون هذه النعم، ولا توحدون الله تعالى، تقول: قلَّما أفعلُ كذا، أي: لا أفعله.

قال ابن الخطيب: وذكر السمع والبصر والفؤاد هاهنا تنبيهاً على دقيقه لطيفة، كأنه تعالى قال: أعطيتم هذه الأعضاء الثلاثة مع ما فيها من القوى الشريفة، فضيعتموها ولم تقبلوا ما سمعتموه ولا اعتبرتم بما أبصرتموه ولا تأملتم في عاقبة ما عقلتموه، فكأنكم ضيعتم هذه النعم، وأفسدتم هذه المواهب، فلهذا قال: {قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} .

قوله: {قُلْ هُوَ الذي ذَرَأَكُمْ فِي الأرض وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} .

قال ابن الخطيب: اعلم أنه تعالى استدل بأحوال الحيوانِ أولاً، ثم بصفات الإنسانِ ثانياً، وهي السمع والبصر والعقل، ثم بحدوث ذاته ثالثاً، وهو قوله {قُلْ هُوَ الذي ذَرَأَكُمْ فِي الأرض} واعلم أن الشروع في هذه الدلائل إنما كان لبيان صحة الحشر ليثبت ما ادعاه في قوله {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} ولهذا ختم الآية بقوله {وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} لأنه لما كانت القدرة على الخلق ابتداء توجب القدرة على الإعادة، فلهذا ختمها بقوله {وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} .

فصل في معنى «ذرأكم»

قال ابن عباسٍ: خلقكم في الأرض.

وقال ابن بحر: نشركم فيها، وفرقكم فيها على ظهرها {وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} فيجازي كلاًّ بعمله.

{وَيَقُولُونَ

متى

هذا

الوعد إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} ، أي: متى يوم القيامة ومتى هذا العذابُ الذي تعدوننا به؟ .

قال أبو مسلم: إنه تعالى قال: {وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} بلفظ المستقبلِ، وهذا يحتمل ما يوجد من الكفار من هذا القول في المستقبل، ويحتمل

<<  <  ج: ص:  >  >>