للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً} ، يريد: أهل «مكّة» ، أي: أخلقكم بعد الموت أشدُّ في تقديركم أم السماءُ؟ .

فمن قدر على خلقِ السَّماء على عظمها، وعظم أحوالها، قدر على الإعادة، وهذا كقوله: {لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس} [غافر: ٥٧] .

والمقصود من الآية الاستدلال على منكري البعث، ونظيره قوله تعالى: {أَوَلَيْسَ الذي خَلَقَ السماوات والأرض بِقَادِرٍ على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم} [يس: ٨١] .

ومعنى الكلام: التقريع والتوبيخ.

ثم وصف تعالى السماء، فقال: «أم السَّماءَ بَناهَا» عطف على «أنتم» ، وقوله «» بَنَاهَا «بيان لكيفية خلقه إياها، فالوقف على» السَّماءِ «، والابتداء بما بعدها، ونظيره قوله - تعالى - في» الزخرف «: {أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} [الزخرف: ٥٨] .

وقوله:» رَفَعَ سَمْكهَا «جملة مفسرة لكيفية البناء،» والسَّمْك «:» الارتفاع «.

قال الزمخشريُّ:» جعل مقدار ذهابها في سمتِ العلوِّ مديداً رفيعاً «.

وسكمتُ الشيء: رفعته في الهواء، وسمك هو، أي: ارتفع سُمُوكاً، فهو قاصرٌ ومتعدٍّ، وبناء مسموك، وسنامٌ سَامِكٌ تَامِكٌ، أي: عالٍ مرتفعٌ، وسماك البيت ما سمكته به، والمسموكاتُ: السماوات ويقال: اسمك في الدّيم، أي: اصعد في الدرجة، والسماك: نجم معروف، وهما اثنان، رامح وأعزل؛ قال الشاعر: [الكامل]

٥٠٩٩ - إنَّ الذي سَمكَ السَّماءَ بَنَى لَنَا ... بَيْتاً دَعَائِمُهُ اعَزُّ وأطْوَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>