للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال مقاتل بن حيّان: نزلت في رجل من غَطَفَانَ يقال له مرثدُ بْنُ زَيْدٍ وَلِي مالَ ابن أخيه وهو يتيمٌ صغيرٌ، فَأكَلَهُ فأنزل اللهُ هذه الآية.

قوله: {ظُلْماً} فيه وجهان:

أحدهما: أنَّه مفعول من أجله، وشروط النصب موجودة.

الثاني: أنَّهُ مصدرٌ في محلِّ نَصْب على الحَالِ أي: يأكُلُونَهُ ظالمين والجملة من قوله: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ} هذه الجملة في محل رفع ل «إنَّ» ، وفي ذلك خلاف.

قال أبُو حيان: وَحَسَّنَه هنا وقوعُ [اسم] «أن» موصولاً فطال الكلامُ بصلة الموصول فلما تباعد ما بينهما لم يُبَالِ بذلك، وهذا أحْسَنُ من قولك: «إنَّ زيداً إنَّ أبَاهُ منطلق» ، ولقائلٍ أن يقول: ليس فيها دلالة على ذلك؛ لأنها مكفوفة ب «ما» ومعناها الحصرُ فصارت مثل قولك، في المعنى: «إنَّ زيداً ما انطلق إلَاّ أبوه» وهو محل نظر.

قوله: {فِي بُطُونِهِمْ} فيه وجهان: أحدهما: انَّهُ مُتَعَلِّقٌ ب {يَأْكُلُونَ} أي: بطونُهم أوْعِيَةٌ للنَّارِ، إمَّا حَقِيقَةً: بأنْ يَخلق اللهُ لهم ناراً يأكلونَهَا في بُطُونِهِم، أوْ مَجَازاً بِأنْ أطْلِقَ المُسَبِّبَ وأرادَ السبب لكونه يُفْضِي إلَيْهِ ويستلزمه، كما يُطْلَقُ اسْمُ أحَدِ المتلازمين على الآخَرِ كقوله: {وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] .

قال القاضِي: وهذا أوْلَى؛ لأن الإشارةَ فيه إلى كُلِّ واحِدٍ.

وَالثَّاني: أنَّهُ متعلِّقٌ بمحذوفٍ؛ لأنَّه حال مِنْ «نارا» وكان في الأصل صفة للنكرة فَلَمَّا قُدِّمَتِ انْتَصَبَتْ حَالاً.

وذكر أبُو البَقَاءِ هذا الوجه عن أبِي عَلِيٍّ في «تَذْكِرَتِهِ» ، وحكى عنه أنَّهُ منع أنْ يكون ظرفاً ل {يَأْكُلُونَ} فَإنَّهُ قال: {فِي بُطُونِهِمْ نَاراً} حال من نار، أي: نَارٌ كَائِنَةٌ في بُطُونِهِمْ، وليس بِظَرْفٍ ل {يَأْكُلُونَ} ذكره في التَّذْكِرَةِ «.

إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليتامى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>