للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لما ذكر الوعيد أتبعه بالدعوة إلى التوبة فقال: {وَمَن يَعْمَلْ سواءا} يعني: السَّرِقَة، {أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} بِرَمْيه البَرِيء، وقيل: السُّوء: الشِّرْكُ، وظلم النَّفْسِ: ما دون الشِّرْكِ، وقيل: المراد بالسُّوء: ما يَتَعَدَّى إلى الغَيْر، وظلم النَّفْس: ما يَخْتَصُّ به الإنْسَان؛ كالحَلْف الكَاذِب، وإنما خَصَّ ما يتعدى إلى الغَيْر باسم السُّوء؛ لأنَّ ذلك يكون في الأكْثَر إيصَالاً للضَّرَر إلى الغَيْر، والضَّرَرُ سوءٌ حَاضِرٌ.

فأمَّا الذَّنْبُ الذي يَخُصُّ الإنْسَان: فذلك لا يَكُون في الأكثر ضَرَراً حَاضِراً.

وقوله: {ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ الله} أي: يَتُبْ إلى الله ويَستغفرهُ {يَجِدِ الله غَفُوراً رَّحِيماً} وهذه الآيَة دَلَّت على أنَّ التَّوْبَةَ مَقْبُولَةٌ عن جميع الذُّنُوبِ سواءً كانت كُفْراً، أو قَتْلاً عَمْداً، أو غَصْباً للأمْوَال؛ لأن السُّوء [و] ظلم النَّفْسِ يَعُمُّ الكلُّ، وظاهر الآية يَقْتَضِي أنَّ مجرد الاسْتِغْفَار كَافٍ.

وقال بعضهم: إنَّه مقيَّد بالتَّوْبَة؛ لأنَّه لا يَنْفَع الاسْتِغْفَارُ مع الإصرار.

وقوله: {غَفُوراً رَّحِيماً} معناه: غفوراً رحيماً له، وحُذِفَ هذا القَيْد؛ لدلالة الكَلَام عَلَيْه.

قال الضَّحَّاك: نَزَلَت هذه الآية في وَحْشي قاتلِ حمْزة، أشْرك باللَّه، وقتل حَمْزَة، ثم جاء إلى الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فقال: إني لَنَادِمٌ، فهل لي من تَوْبَةٍ؟ . فنزلت هذه الآية.

وروى سُفْيَانُ عن ابن مَسْعُودٍ، قال: من قرأ هَاتَيْن الآيَتين من سُورة النِّسَاء، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>