للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {وَإِن كَانَ كَبُرَ} : هذا شَرْطٌ، جوابه «الفاء» الجاخلة على الشرط الثَّاني، وجواب الثَّاني محذوف، تقديره: فن استطعت أن تبتغي فافعل، ثم جُعِلَ الشَّرْطُ الثاني وجوابه جَواباَ للشَّرْط الأوَّل، وقد تقدَّم مِثْلُ ذلك في قوله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ} [البقرة: ٣٨] إلَاّ أن جوابَ الثاني هناك مُظْهَرٌ.

و «كان» في اسمها وجهان:

أحدهما: أنه «إعراضهم» ، و «كَبُرَ» جملةٌ فعلية في محل نصب خبراً مقدَّماً على الاسم، وهي مسألة خلاف: هل يجوزُ تقديمُ خبر «كان» على اسمها إذا كان فِعْلاً رافعاً لضمير مستتر أم لا؟

وأمَّا إذا كان خبراً للمبتدأ، فلا يجوز ألْبَتَّةَ لئلَاّ يَلْتَبِسَ بباب الفاعل، والَّبْسُ هنا مَأمُونٌ.

ووَجْهُ المنع اسْتصْحَابُ الأصل، و «كَبُرَ» إذا قيل: إنه خبر «كان» ، فهل يحتاج إلى إضمار «قَدْ» أم لا؟

والظاهر أنه لا يَحْتَاجُ؛ لأنه كَثُرَ وُقُوعُ الماضي خبراً لها من غير «قد» نَظْماً ونَثْراً، وبعضهم يخص ذلك ب «كان» ويمنعه في غيرها من أخوتها إلا ب «قد» ظَاهِرَةً أو مُضْمَرَةً، ومن مجيء ذلك في خبر أخواتها قَوْلُ النابغة: [البسيط]

٢١٢٥ - أمْسَتْ خَلاءً وأمْسَى أهْلُهَا احْتَمَلُوا ... أخْنَى عَلَيْهَا الَّذِي أخْنَى عَلَى لُبَدِ

والثاني: أن يكون اسمها ضمير الأمر والشأن، والجملة الفعلية مُفَسِّرٌ له في مَحَلِّ نصب على الخبر، فإعراضُهُمْ مرفوعٌ ب «كَبُر» ، وفي الوجه الأول ب «كان» ، ولا ضمير في «كَبُرَ» على الثاني، وفيه ضميرعلى الأول، ومثل ذلك في جواز هذين الوجهين قوله تعالى: {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ} [الأعراف: ١٣٧] {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا} [الجن: ٤] ، ف «فرعون» يحتمل أن يكون اسْماً، وأن يكون فاعلاً، وكذلك «سَفِيهُنَا» ، ومثله أيضاً قولُ امرئ القيس: [الطويل]

٢١٥٣ - وإنْ تَكُ قَدْ سَاءَتْكِ مِنِّي خَلِيقَةٌ ... فَسُلِّي ثِيَابِي مِنْ ثِيَابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُلِ

ف «خليقة» يحتمل الأمرين، وإظهار «قد» هنا يُرَجِّحُ قول من يشترطها، وهل يجوز

<<  <  ج: ص:  >  >>