للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: «إنَّ الذينَ» العامَّةُ على تشديدِ إنَّ والموصولُ اسمها، وعبادٌ خبرها، وقرأ سعيدُ بنُ جبيرٍ بتخفيف إنْ ونصب عباد وأمثالكم، وخرَّجها ابن جني وغيره أنها إنْ النَّافيةُ وهي عاملةُ عمل ما الحجازية وهو مذهب الكسائي وأكثر الكوفيين غير الفراء، وقال به من البصريين: ابن السراج والفارسي وابن جنِّي، واختلف النقل عن سيبويه والمبرد، والصحيحُ أنَّ إعمالها لغةٌ ثاتبة نظماً ونثراً؛ وأنشدوا: [المنسرح]

٢٦٤٩ - إنْ هُوَ مُسْتَوْلِياً على أحِدٍ ... إلَاّ على أضْعَفِ المجانينِ

ولكن قد استشكلوا هذه القراءة من حيث إنها تنفي كونهم عباداً أمثالهم، والقراءة الشهيرة تُثْبِتُ ذلك ولا يجوزُ التَّناقض في كلام اللَّهِ تعالى.

وقد أجَابُوا عن ذلك بأنَّ هذه القراءة تُفْهِمُ تحقير أمرِ المعبودِ من دون اللَّهِ وعبادة عابِدِه.

وذلك أنَّ العابدين أتَمَّ حَالاً وأقدرُ على الضرِّ والنَّفْعِ من آلهتهم فإنَّهَا جمادٌ لا تفعل شيئاً من ذلك، فكيف يَعْبُدُ الكاملُ من هُو دُونَه؟ فهي موافقةٌ للقراءة المتواترة بطريق الأولى.

وقد ردَّ أبو جعفرٍ هذه القراءة بثلاثة أوجه:

أحدها: أنَّهَا مخالفةٌ لسواد المصحفِ.

والثاني: أن سيبويه يختار الرفع في خبر إنْ المخففة فيقول: «إنْ زيدٌ منطلقٌ» ؛ لأنَّ عمل ما ضعيف وإنْ بمعناها، فهي أضعف منها.

الثالث: أنَّ الكسائي لا يرى أنَّهَا تكون بمعنى ما إلَاّ أن يكون بعدها إيجاب، وما ردَّ به النَّحَّاس ليس بشيءٍ؛ لأنَّهَا مخالفةٌ يسيرة.

قال أبُو حيان: يجوزُ أن يكون كتب المنصوب على للة ربيعة في الوقف على المنون المنصوب بغير ألف، فلا تكون مخالفةٍ للسَّواد.

وأمَّا سيبويه فاختلف النَّاسُ في الفهم عنه في ذلك.

وأمَّا الكسائيُّ فهذا القيد غير معروف له.

وخرَّج ابو حيَّان القراءة على أنَّها إنْ المخففة.

قال: وإنْ المخففة تعمل في القراءة المتواترة كقراءة {وَإِنَّ كُلاًّ} [هود: ١١١] ثُمَّ إنَّها قد ثبت لها نصبُ الجُزأين؛ وأنشد: [الطويل]

٢٦٥٠ - ... ... ... ... ... ... ... .....

<<  <  ج: ص:  >  >>