للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فثبت أنَّ كلمة «لَوْ» لا فتيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره، وإنَّما تفيدُ مجرد الاستلزام، وهذا دليل حسن إلَاّ أنَّهُ خلاف قول الجمهور.

قوله

تعالى

: {ياأيها

الذين آمَنُواْ استجيبوا للَّهِ وَلِلرَّسُولِ} الآية.

قال أبو عبيدة، والزجاج: «استَجِيبُوا» معناه: أجيبوا؛ وأنشدوا قول الغنوي: [الطويل]

٢٦٩٠ - ... ... ... ... ... ... . ... فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذاكَ مُجِيبُ

وهذه الآية تدلُّ على أنَّ الأمر يفيدُ الوجوب؛ لأنها تدل على أنه لا بُدَّ من الإجابة في كل ما دعاه الله إليه.

فإن قيل: قوله {استجيبوا للَّهِ} أمرٌ. فلم قلتم: إنَّه على الوجوب؟ وهل النّزاع إلا فيه، فيرجع حاصل هذا الكلام إلى إثباتِ أنَّ الأمر للوجوب بناء على أنَّ هذا الأمر يفيدُ الوجوب فيقتضي إثبات الشيء بنفسه، وهو مُحال.

فالجواب: أنَّ من المعلوم بالضَّرورة أنَّ كل ما أمر اللَّهُ به فهو مرغب فيه مندوب إليه، فلو حملنا قوله «اسْتَجِيبوا» على هذا المعنى كان ذلك جارياً مجرى إيضاح الواضحات وهو عبثٌ، فوجب حمله على فائدة زائدة، وهي الوجوب صوتاً لهذا النصّ عن التعطيل.

ويؤيده ما روى أبو هريرة «أنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَرَّ على باب أبي بن كعب فناداه وهو في الصَّلاة فعجل في صلاته ثم جاء فقال:» ما منعكَ عَنْ إجابتِي «؟ فقال: كنتُ أصلِّي، فقال:» أليس الله يقول: {ياأيها الذين آمَنُواْ استجيبوا للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} فلامه على ترك الإجابة «متمسكاً بهذه الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>