للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تعالى سمَّى هذا التعذيب جزاء مع أنَّ المسلمين أجمعوا على أنَّ العقوبة الدائمة في القيامة مُدَّخرة لهم، فدلت هذه الآية على أنَّ الجزاء ليس اسماً لما يقع به الكفاية.

قوله {ثُمَّ يَتُوبُ الله مِن بَعْدِ ذلك على مَن يَشَآءُ} أي: أنَّ الله تعالى مع كل ما جرى عليهم من الخذلان يتوب عليهم، بأن يزيل عن قلبهم الكفر، ويخلق فيه الإسلام، وقال القاضي: معناهُ: أنَّهُ بعد ما جرى عليهم ما جرى، إذا أسلمُوا وتابُوا فإنَّ الله يقبل توبتهم «وهذا ضعيفٌ؛ لأنَّ قوله:» ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ «ظاهره يَدُلُّ على أنَّ تلك التبوة إنَّما تحصل لهم من قبله تعالى، وتقدَّم الكلامُ على المعنى في البقرة عند قوله {فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة: ٣٧] ثم قال: {والله غَفُورٌ} أي: لمن تاب {رَّحِيمٌ} لِمَنْ آمن وعمل صالحاً.

قوله

تعالى

: {ياأيها

الذين آمنوا إِنَّمَا المشركون نَجَسٌ} الآية.

اعلم أنه عليه الصَّلاة والسَّلام، لمَّا أمر عليّاً أن يقرأ على مشركي مكَّة أول سورة براءة، وينبذ إليهم عهدهم، وأنَّ الله بريء من المشركين ورسلوه، قال أناس: يا أهل مكَّة ستعلمون ما تلقونه من الشِّدَّة لانقطاع السبل وفقد الحمولات؛ فنزلت هذه الآية، لرفع الشُّبهةِ، وأجاب الله تعالى عنها بقوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} أي: فَقْراً وحاجةً، {فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِن فَضْلِهِ} قال الأكثرون: لفظ المشركين يتناولُ عبدة الأوثانِ، وقال قومٌ: يتناولُ جميع الكُفَّارِ، وقد تقدم ذلك.

قال الضحاكُ وأبو عبيدةَ: «نَجَسٌ» قذر.

وقيل: خَبِيثٌ، وهو مصدر يستوي فيه الذكر والأنثى، والتثنية والجمع. جعلوا نفس النَّجَس، على المبالغة، أو على حذفِ مضاف.

وقرأ أبو حيوة «نِجْسٌ» بكسر النُّون وسكون الجيم، وجهه أنَّه اسمُ فاعل في الأصلِ على «فَعِل» مثل: «كَتِف وكَبِد» ثم خُفِّف بسكون عَيْنه بعد إتباع فائه، ولا بُدَّ من حذف موصوف حينئذٍ قامَتْ هذه الصفةُ مقامه، أي: فريق نجس، أو جنس نجس، فإذا أفرد قيل «نَجس» بفتح النون.

قال البغوي «ولا يقال على الانفراد، بكسر النُّون وسكون الجيم، إنَّما يقال»

<<  <  ج: ص:  >  >>